
في 14 أبريل/ نيسان الجاري 2025، قدمت الكرامة مساهمتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة في ضوء إعداد تقريره حول مستوى تنفيذ القرار 78/210. وتشكل هذه الوثيقة، التي ستعرض على مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة، جزءًا من مبادرة دولية أوسع لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بذريعة مكافحة الإرهاب، وهي عملية تسعى الكرامة إلى تقديم مساهمة جوهرية وبناءة فيها.
ويدعو القرار 78/210، الذي اتخذته الجمعية العامة، الدول إلى احترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب. ويكلف الأمين العام بتقييم مدى امتثال القوانين والممارسات الوطنية للمعايير الدولية، بالاعتماد بشكل خاص على مساهمات الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، مثل الكرامة.
في تقريرها، تندد الكرامة بجوانب القصور في تشريعات مكافحة الإرهاب، وانتهاكها للمعايير الدولية، لا سيما في العالم العربي حيث تعمل منذ عام 2004.
وتُستخدم هذه القوانين، التي غالبا ما تكون فضفاضة أو غامضة الصياغة، لتجريم المعارضة السلمية وتعزيز قمع الدولة. ويسلط التقرير الضوء على حالات نموذجية، مثل المادة 87 مكرر من قانون العقوبات في الجزائر، ومراكز "المناصحة" في المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة التي تعمل كمواقع للاحتجاز خارج نطاق القضاء.
كما يسلط التقرير الضوء على الانتهاكات غير المرئية المرتبطة بالمراقبة الرقمية والتحكم في التحويلات المالية، التي تُرتكب باسم حماية الأمن القومي. في دول مثل الأردن و الإمارات العربية المتحدة وحتى فرنسا، تقوض هذه الإجراءات بشدة الحق في الخصوصية وحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات. وتجسد قضية الأكاديمي والمفكر السياسي فرانسوا بورغات - الذي حوكم بتهمة "تمجيد الإرهاب" استنادًا إلى مقتطف مجتزأ من سياقه في أحد أعماله- مخاطر التشريعات المُحدّدة بشكل فضفاض، حيث يُصبح الخط الفاصل بين التحليل النقدي والتحريض على العنف ضبابيًا بشكل خطير.
وفي ما يتعلق بالمقاتلين الأجانب، تُشير الكرامة إلى غوانتانامو كرمز مُستمر للانتهاكات: الاحتجاز دون محاكمة، والتعذيب، وغياب الحماية القانونية. تتم عمليات نقل المعتقلين إلى بعض الدول العربية، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة، دون ضمانات، مما يُعرّض الأفراد لمزيد من الانتهاكات ولا يُتيح أي فرصة لإعادة الاندماج.
على الرغم من الدعوات المتكررة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني، تواصل العديد من الدول رفض إصلاح قوانين مكافحة الإرهاب. ويعكس هذا الرفض، الذي غالبا ما يبرره الخطاب الأمني المتصلب، إرادة سياسية للحفاظ على تدابير الطوارئ في أوقات السلم بذريعة مكافحة الإرهاب.
علاوة على ذلك، نادرًا ما تؤدي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، التي يفترض أن تراقب الحقوق الأساسية وتدعمها، دورها. غالبًا ما يتم استخدامها كأداة أو مجردة من سلطة ذات مغزى، وهي بمثابة واجهات مؤسسية يساهم صمتها أو تقاعسها عن العمل في تطبيع الانتهاكات.
إزاء هذه الأوضاع، تدعو الكرامة إلى إصلاحات قانونية جوهرية، وتعزيز المعايير والحقوق المدنية، والمساءلة الدولية الحقيقية، كما تدعو إلى استراتيجية لمكافحة الإرهاب تقوم على سيادة القانون والشفافية واحترام حقوق الإنسان.