تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Mustafa Faraj Mohammad Masud AL JADID AL UZAYBI

في 2 يونيو/ حزيران 2023، نشر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي قراره بشأن الاحتجاز إلى أجل غير مسمى لمصطفى فرج محمد مسعود الجديد العزيبي المعروف أيضا باسم "أبو فرج الليبي"، الذي كانت الكرامة قد قدمت شكوى نيابة عنه إلى الفريق في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. 

وقد احتجز هذا المواطن الليبي تعسفا في معتقل خليج غوانتنامو منذ نقله من "موقع أسود" تابع لوكالة الاستخبارات المركزية في 4 سبتمبر/أيلول 2006. وقد وصفه العاملون الطبيون العسكريون الأمريكيون بأنه "أشد المعتقلين ضعفًا وعجزًا في قاعدة غوانتانامو البحرية"، بسبب التعذيب وسوء المعاملة اللذين تعرضا لهما على أيدي القوات الأمريكية على مدى العقدين الماضيين تقريبا. 

وفي رأيهم وجد خبراء الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن اعتقاله التعسفي، في حين وجدوا أيضًا أن باكستان ورومانيا مسؤولتان عن احتجازه السري المبكر في قواعد وكالة المخابرات المركزية التي احتجز فيها العزيبي وتعرض فيها لأشكال قاسية من التعذيب.  

ولاحظ الخبراء أيضًا أن مختلف حالات إنكار العزيبي والقيود المفروضة على حقوقه كانت بسبب التمييز على أساس دينه كرجل مسلم. وفي حين تناول الفريق العامل قضية العزيبي على وجه التحديد في هذا القرار، ذكر الخبراء أن الاستنتاجات التي جرى التوصل إليها في قضيته تنطبق أيضا على محتجزين آخرين في حالات مماثلة في خليج غوانتانامو.  

وخلص الخبراء إلى أنه "على مدى السنوات ال 15 الماضية، تناول الفريق العامل العديد من حالات الاحتجاز في خليج غوانتانامو" مسلطا الضوء على "النمط الذي تتبعه جميع هذه الحالات، ويذكر بأنه في ظل ظروف معينة، قد يشكل السجن الواسع النطاق أو المنهجي أو غيره من أشكال الحرمان الشديد من الحرية انتهاكًا للقواعد الأساسية للقانون الدولي وجرائم ضد الإنسانية".  

خلفية القضية 

وللاشتباه في ارتباطه بتنظيم القاعدة، ألقي القبض على العزيبي في 2 أيار/مايو 2005 في ماردان (شمال باكستان) من قبل القوات الخاصة الباكستانية وتم تسليمه بشكل استثنائي إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وبعد تسليمه خارج نطاق القضاء، ولمدة عام ونصف، ظل مجهول المصير، حيث اقتادته وكالة الاستخبارات المركزية من "موقع أسود" إلى آخر، بما في ذلك في أفغانستان ورومانيا.

وأثناء احتجازه في هذه المواقع السوداء، تعرض العزيبي للتعذيب، على أيدي عملاء وكالة المخابرات المركزية في شكل "تقنيات استجواب معززة". اعترفت حكومة الولايات المتحدة رسميًا بإخضاع العزيبي للأفعال التالية على الأقل: التلاعب بالنظام الغذائي، التعرية، الصفع على الوجه والإهانة، الضرب في البطن، الحبس في مكان ضيق، الوقوف على الحائط، أوضاع إجهاد، الإيهام بالغرق من خلال الغمر بالماء، والحرمان من النوم لأكثر من 48 ساعة. 

نتيجة للتعذيب، أصيب العزيبي بالعديد من المشاكل الصحية، بما في ذلك "فقدان السمع الشديد في كلتا الأذنين" (فقدان 100٪ في الأذن اليسرى وحوالي 50٪ في الأذن اليمنى). 

وفي 4 سبتمبر/أيلول 2006، اقتيد إلى معتقل خليج غوانتانامو حيث لا يزال محتجزًا منذ ذلك الحين، دون توجيه أي تهم إليه أو محاكمته. نظرًا لكون العزيبي محتجزًا حاليًا تحت ولاية الحكومة الأمريكية، قدمت الكرامة الشكوى ضد الولايات المتحدة وكذلك باكستان ورومانيا، جميعها مسؤولة أيضا عن الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب للعزيبي. 

وضع " كافكاوي" حيث تصبح سيادة القانون بلا معنى

بعد عشرين عامًا من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ما زال مرفق الاعتقال في خليج غوانتنامو يحتجز المعتقلين في تجاهل لحقوق الإنسان الأساسية. على الرغم من الوعود المقطوعة بإغلاقه، فيما يبدو أن طلبات إغلاقه المتكررة من طرف المفوضين الساميين لحقوق الإنسان المتعاقبين و خبراء الأمم المتحدة المستقلين على مر السنين ذهبت أدراج الرياح. 

تعتبر قضية الجديد العزيبي مثالاً صارخًا لما وصفه خبراء الأمم المتحدة "بالوضع الكافكاوي حيث يبدو حكم القانون بلا معنى، والقوة القسرية والوحشية للدولة هي الحالة السائدة". واليوم، لا تلوح في الأفق نهاية لاحتجاز العزيبي. 

وبعد مرور ما يقرب من 20 عاما على اعتقاله، لم تقدم السلطات الأمريكية قط شاهدًا واحدًا أو أدلة مادية تدين ما يدعم استمرار احتجازه. 

استمرار الاحتجاز غير المبرر، بموجب القوانين الدولية والأمريكية 

في مراسلتها إلى خبراء الأمم المتحدة أكدت الكرامة أنه في حين يعد اعتقال الجديد العزيبي على أي حال غير قانوني بموجب القانون الدولي، فإنه لا أساس له حتى بالنسبة للمبدأ الذي تستند إليه الولايات المتحدة المتمثل في استمرار الاعتقال بموجب قانون الحرب.

وفقًا للعقيدة الأمريكية، فإن استمرار احتجاز "المقاتلين الأعداء" دون محاكمة سيكون مبررًا بموجب تصريح استخدام القوة العسكرية ("AUMF") الذي أقره الكونجرس ردًا على هجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001.

واستندت هذه الاعتقالات إلى الأساس المنطقي الوحيد الذي مفاده أن "المقاتلين الأعداء"، مثل الجديد العزيبي، يمكن احتجازهم دون توجيه تهم إليهم من أجل منع عودتهم إلى ساحة المعركة، وحتى "انتهاء الأعمال العدائية".

ومع ذلك، لم يعد هذا ساري المفعول منذ قرار الرئيس السابق دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من أفغانستان والتوقيع على اتفاق مع طالبان لإنهاء الأعمال العدائية. كما أن خليفته في البيت الأبيض الرئيس جو بايدن أعلن في 31 أغسطس/ آب 2021، "أن الولايات المتحدة أنهت 20 عامًا من الحرب في أفغانستان". 

المسؤولية المشتركة لعدة دول عن توقيف الضحية واحتجازه وتعذيبه

وجد الخبراء أنه منذ وقت اعتقاله وحتى يومنا هذا، لم تتح للعزيبي الفرصة للطعن في قانونية اعتقاله أمام سلطة قضائية مختصة ومحايدة ومستقلة.  وتعرض العزيبي لتسليم استثنائي، بما في ذلك من قبل باكستان ورومانيا، وهي ممارسة وصفها الخبراء بأنها تهدف إلى "تجنب جميع الضمانات الإجرائية ولا تتوافق مع القانون الدولي". 

وقالت الكرامة في شكواها إن حكومات باكستان ورومانيا والولايات المتحدة تعاونت في تعذيبه ومعاملته القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وأنها مسؤولة بشكل مشترك عن اعتقاله التعسفي واختفائه القسري وتعذيبه ومعاملته القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.  

وفي حين تبين أن الولايات المتحدة لعبت الدور الأهم في انتهاكات حقوق العزيبي، أشار الفريق العامل إلى أن القوات العسكرية الباكستانية ألقت القبض عليه وسلمته إلى وكالة الاستخبارات المركزية. ولاحظ الفريق العامل أيضا أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية زار رومانيا أثناء احتجاز العزيبي وتعذيبه بشدة هناك.  

وخلص الفريق العامل إلى أن حكومات باكستان ورومانيا والولايات المتحدة قامت جميعها بدور في برنامج التسليم الاستثنائي، سواء بالاحتجاز المباشر للأشخاص الخاضعين له أو بالمساعدة عن علم في تنفيذه بتوفير سبل الوصول إلى وسائل النقل ومواقع الاحتجاز السرية. 

الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية والمحاكمة العادلة بسبب التمييز على أساس الدين

واتفق الفريق العامل مع مضامين شكوى الكرامة من خلال تسليط الضوء على أن احتجاز السيد العزيبي دون محاكمة لأكثر من 17 عاما ينتهك حقوقه بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في أن يحاكم في غضون فترة زمنية معقولة. وخلص الخبراء إلى أنه "بسبب هذا التأخير، سيواجه إعاقة كبيرة في قدرته على تذكر الأحداث وتقديم دفاع في حالة إجراء أي محاكمة". 

وتزداد خطورة هذه الانتهاكات كونها ناتجة عن إنكار تمييزي للحقوق الأساسية وللإجراءات القانونية الواجبة لمعتقلي غوانتنامو مثل العزيبي. وسلطت الكرامة الضوء على أنه كثيرا ما سئل في محاضر استجوابه من قبل القضاة العسكريين حول آرائه الدينية والسياسية بشأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة. 

وخلص الفريق العامل إلى أن مختلف حالات الحرمان والقيود المفروضة على الحقوق التي لا تنطبق عادة داخل الولايات المتحدة تطبق حصرًا على الرجال المسلمين غير المواطنين في خليج غوانتنامو. ولذلك خلص الخبراء إلى أن استمرار احتجاز العزيبي هو نتيجة للتمييز على أساس وضعه كمواطن أجنبي ودينه، وأنه يحرم من حقه في المساواة في المعاملة بموجب القانون. 

بواعث قلق جدية بشأن نقص الرعاية الطبية الكافية أثناء الاحتجاز  

وسلطت الكرامة الضوء في شكواها على ظروف الاحتجاز القاسية واللاإنسانية بشكل خاص للعزيبي، الذي لا يزال يعاني من التعذيب الذي تعرض له من قبل القوات الأمريكية.  

وعبر خبراء الفريق العامل عن قلقهم بأنه على الرغم من أن العزيبي هو المعتقل الأكثر إعاقة وعجزًا في خليج غوانتنامو، إلا أنه لا يتلقى الرعاية الطبية التي يحتاجها لأن حكومة الولايات المتحدة ترفض تزويد المحتجزين بنفس مستوى الرعاية الطبية التي تقدمها لرعاياها. ونتيجة لذلك، تدهورت صحته بشكل خطير، ومع عدم اقتراب موعد إطلاق سراحه، فإنه محتجز فعليًا في احتجاز غير إنساني إلى أجل غير مسمى، وهو ما يرقى في حد ذاته إلى شكل من أشكال التعذيب والمعاملة القاسية.