تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Lebanon: UN Committee Deplores Routine Use of Torture

نشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة ملاحظاتها الختامية في12  أيار/مايو 2017، عقب الاستعراض الدوري الأول للبنان الذي جرى في نيسان/أبريل. وعلى الرغم من إجماع المنظمات غير الحكومية على خلاف ما صرّح به الوفد اللبناني، لا سيّما ما وثّقته مؤسسة الكرامة في تقرير الظل الذي قدّمته إلى اللجنة، أكد الوفد خلال المراجعة أن حالات التعذيب الموثّقة "حالات استثنائية" لا يمكن اعتبارها "منهجا تتّبعه الدولة". رغم ذلك، أعرب خبراء اللجنة المستقلون عن استيائهم من مواصلة القوى الأمنية "استخدامها للتعذيب بشكل روتيني" على المحتجزين، لا سيّما الأطفال، "لانتزاع اعترافات منهم تستخدم في الإجراءات الجنائية أو كشكل من أشكال العقاب". وذكّروا بأنه لا يمكن التذرع بها بأية ظروف استثنائية لتبرير ممارسة التعذيب، بما في ذلك الظروف التي تهدد بخطر ارتكاب أعمال إرهابية. وأعربت اللجنة أيضاً عن أسفها إزاء "نسبة تنفيذ التوصيات المتدنّية" التي كشفت عنها عقب تحقيقها السري في البلاد في العام 2014.

مشروع قانون بشأن التعذيب لا يتطابق مع المعايير الدولية

وأعربت اللجنة عن قلقها لغياب تعريف واضح للتعذيب في التشريعات المحلية اللبنانية. فردّ أعضاء الوفد بأن ثمة اقتراح قانون تمت صياغته لمعالجة أوجه القصور، مستشهدين ببعض أحكامه. غير أن الخبراء لم يروا في استنتاجاتهم أن هذا القانون كاف، وأكدوا أن العقوبات المقدمة غير كافية وأن قوانين التقادم الواردة في النص تتعارض مع التزامات البلد بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

وأشارت الكرامة التي حصلت على نسخة غير رسمية من اقتراح القانون* بصيغته المعدلة من قبل لجنة الإدارة والعدل، عن قلقها إزاء عدم امتثال الاقتراح لاتفاقية مناهضة التعذيب.  ذلك أن التعريف لا يشمل الأفعال التي تعتبر تعذيباً بموجب المادة الأولى من الاتفاقية كما لا تشمل ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. من ناحية أخرى، تقتصر معاقبة ممارسة التعذيب على إصدار أحكام سجنية تتراوح بين السنة والثلاث سنوات، وهو ما لا يعكس خطورة الجرم. وأخيراً، لا يضمن القانون حظر ممارسة التعذيب بشكل مطلق وغير قابل للتقييد، إنما ينص على فترة للتقادم، ما يعني عدم إمكانية مقاضاة مرتكبي تلك الممارسة اللاإنسانية بعد إنقضاء فترة معينة من الزمن.

انتهاك الضمانات القانونية الأساسية وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب

وأدانت اللجنة في ملاحظاتها الختامية، "عدم السماح للمحامين برؤية موكليهم خلال فترة التحقيق" إضافة إلى عدم احترام مهلة الـ 48 ساعة لإحالة المشتبه فيهم أمام قاضي التحقيق. وعلى ضوء التقارير الصادرة بشأن بالتعذيب أثناء فترة الحبس الاحتياطي، أعربت اللجنة عن قلقها لاستمرار انتشار ممارسة "التعذيب  لانتزاع الاعترافات"، ناهيك عن غياب النصوص التشريعية التي ترفض قبول مثل تلك الاعترافات أثناء المحاكمة. ونددت أيضا بفشل المحاكم في التحقيق في تلك الادعاءات وأوصت باتخاذ إجراءات ضد القضاة الذين يتجاهلون مزاعم التعرض للتعذيب التي يثيرها الموقوفون أثناء المحاكمة.

غياب آليات الرصد الوطنية وسيادة مناخ الإفلات من العقاب

يرى خبراء الأمم المتحدة أن تجاهل التحقيق في شكاوى التعذيب يخلق مناخاً من الإفلات من العقاب. ولم يقدّم لبنان، أثناء الاستعراض، معلومات تفيد بفتح  تحقيق بهذا الخصوص ومعاقبة الجناة، مما دفع بلجنة مناهضة التعذيب إلى دعوة السلطات لإجراء تحقيقات على وجه السرعة وتوقيف المشتبه في ارتكابهم تلك الممارسة عن عملهم.

أعربت اللجنة أيضا عن أسفها لعدم إنشاء هيئة حكومية مستقلة للتحقيق في شكاوى التعذيب، في حين رحبت باعتماد القانون رقم 62 لعام 2016 الذي أنشأ الهيئة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان بينما انتقدت التأخير في تعيين أعضائها. ولذلك دعت السلطات إلى استكمال عملية الاختيار وضمان قيام الهيئة بدورها كآلية وقاية وطنية من خلال القيام بزيارات غير معلنة إلى مراكز الاحتجاز. كما دعا الخبراء لبنان الى السماح للمنظمات غير الحكومية بالقيام بأنشطة مماثلة لمراقبة السجون.

اللاجئون وعدم الإعادة القسرية

أثنت اللجنة على الجهود التي بذلها لبنان لاستقبال اللاجئين على أراضيه، لدرجة أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز المليون، لكنها في الوقت نفسه أعربت عن قلقها إزاء الممارسات المخالفة لمبدأ عدم الإعادة القسرية. وذكّر الخبراء لبنان بأحكام الاتفاقية التي تفرض على الدول الأطراف منح "الحماية المطلقة" لأي شخص خاضع لولايتها القضائية "بصرف النظر عن جنسيتة ووضعه القضائي أو الخطر الذي قد يشكله على المجتمع". وردد الخبراء قلق الكرامة، في ما يتعلق بترحيل لاجئ العراقي إلى وطنه رغم خطر التعذيب والحكم بالإعدام الذي قد يتعرض له.

الخطوات المقبلة؟

من المقرّر تقديم لبنان تقريره المقبل في 12 أيار/مايو 2021، لكن اللجنة منحت السلطات مهلة سنة واحدة لتنفيذ التوصيات الأربع التالية، وأعطائها الأولوية على غيرها من التوصيات:

  •  تعريف التعذيب بما يتطابق مع اتفاقية مناهضة التعذيب وتضمين القانون عقوبات تتناسب وخطورة الجرم؛
  •  ضمان حصول جميع المحرومين من الحرية، قانونياً وعملياً، على الضمانات القانونية الأساسية منذ بداية الاعتقال وتسجيل جلسات الاستجواب بالصوت والصورة؛
  • إتمام عملية تعيين أعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بما يتطابق مع مبادئ باريس، وضمان فعاليتها كآلية وقاية وطنية وإمكانية دخولها إلى جميع مراكز الاحتجاز، مع إمكانية قيامها بزيارات غير معلنة؛
  •  إنشاء آلية شكاوى كاملة الاستقلال للتحقيق الفوري والنزيه والفعال في جميع الادعاءات والشكاوى المتعلقة بالتعذيب.

وستواصل الكرامة رصدها لممارسة التعذيب في لبنان، وستزود اللجنة بتقرير متابعة لتقييم مدى التزام السلطات بتنفيذ هذه التوصيات.

 

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 41 00