
في تقرير متابعة موجه إلى فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، نددت الكرامة بالتقاعس المستمر من جانب ليبيا والمملكة العربية السعودية بشأن تنفيذ الآراء الصادرة عن الفريق بين عامي 2023 و2025 بشأن حالات احتجاز تعسفي عدة.
رغم توصيات خبراء الأمم المتحدة التي تؤكد وقوع انتهاكات جسيمة لحق الحرية، وتطالب بالإفراج الفوري عن الضحايا، ومنحهم التعويضات اللازمة، وفتح تحقيقات مستقلة، لم يُتخذ أي إجراء فعلي.
عائلات الضحايا، التي تعد المصدر الوحيد للمعلومات في ظل صمت السلطات، تؤكد أن الانتهاكات الممنهجة لم تتوقف: الاحتجاز لفترات طويلة دون تهمة أو محاكمة، وظروف السجن اللاإنسانية، والحرمان من الرعاية الطبية، والغياب التام للضمانات القضائية.
ليبيا: التعسف مؤسسة
في ليبيا، تُجسّد قضية عبد الرحمن عبد الجليل محمد الفرجاني، الذي اعتُقل في سن السابعة عشرة وأمضى في السجن دون محاكمة منذ عام ٢٠١٤، مما يُبرز فشل الدولة المتواصل في الوفاء بالتزاماتها الدولية. ورغم أن إصدار فريق العمل الأممي رأيًا يُطالب بإطلاق سراحه، إلا أنه لا يزال معتقلًا في سجن الكوفية قرب بنغازي.
ويعكس التدهور المُقلق لصحته، بسبب نقص الرعاية الطبية، فشل السلطات هناك في الوفاء بالتزاماتها بشأن ظروف الاحتجاز في السجون وانتهاكاتها الصارخة لكرامة الإنسان وتحدي القانون الدولي بوضوح.
السعودية: تجريم المعارضة
في المملكة العربية السعودية، تكشف عدة قضايا بارزة عن رغبة سياسية صريحة في قمع أي صوت معارض وإخراس الأصوات الناقدة. تستهدف سياسات القمع أولًا شخصيات دينية بارزة مثل سلمان العودة، المعتقل منذ سنوات، المحروم من التواصل المنتظم مع ذويه، والمقيَّد بقيود تعسفية، ما يمثل انتهاكًا صارخًا لحقه في الحياة العائلية والتواصل.
ثمّ يمتد القمع أيضًا إلى المثقفين والأكاديميين، مثل الدكتور عوض القرني، المحتجز انفراديًا في ظروف قاسية للغاية، والمهدد بعقوبة الإعدام لممارسته السلمية لحريته في التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي. وتُظهر قضيته التجريم المباشر للرأي والنقاش العام.
ينطبق نفس الحالة القمعية على مواطنين أجانب، مثل بسام الجلادي، المواطن اليمني المحتجز دون محاكمة عادلة، محرومًا من أي اتصال بعائلته لأكثر من عام، كما يُحرم من الضمانات الإجرائية الأساسية وحقه في الكرامة.
وأخيرًا، تُؤكد قضية محسن العولقي استغلال النظام القضائي لأغراض قمعية. فإدانته، رغم أنها خُففت عقوبتها بالاستئناف، لكنها تشير إلى غياب احترام الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة، وتُبرز استخدام العدالة كأداة لإضفاء الشرعية على التعسف السلطوي.
تحدٍ للقانون الدولي
هذه الحالات، بعيدًا عن كونها "حالات معزولة"، تكشف عن نمط ممنهج من الانتهاكات يعكس تجاهلًا صارخًا للقانون الدولي والالتزامات بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أنهما من خلال رفض تنفيذ آراء فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي، فإن ليبيا والسعودية لا تنتهكان فقط الحقوق الأساسية للضحايا، وإنما تقوضان مصداقية النظام الدولي المتعدد الأطراف لحماية حقوق الإنسان.
تؤكد الكرامة مجددًا أن غياب تعاون الدول المعنية يُعد إهانة مباشرة للآليات الدولية ويطيل بلا مبرر أمد معاناة الضحايا.
في تقرير المتابعة أيضًا، حثَّت الكرامة فريق العمل على مطالبة الدول بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًا، وتذكير السلطات بالتزاماتها الدولية، وتعزيز إصلاحات هيكلية لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات.