
عبرت الخبيرة الأممية المستقلة المعنية بتمتع كبار السن بجميع حقوق الإنسان، كلوديا مالر عن أسفها لرفض السلطات السعودية السماح لها بالوصول إلى كل من: سفر بن عبدالرحمن الحوالي وسلمان بن فهد العودة في محبسهم بسجن الحائر خلال زيارتها إلى البلد خلال الفترة من 20 إلى 30 أبريل/ نيسان الفائت 2025.
وأضافت الخبيرة في تقريرها حول الزيارة، "زرتُ سجن الحائر بالرياض، أكبر مركز احتجاز في البلاد، ويبلغ عدد نزلائه 1006 أشخاص، منهم 82 رجلاً مسنّاً. طلبتُ مقابلة رجلي دين ومدافعين عن حقوق الإنسان، السيد سفر بن عبد الرحمن الحوالي (75 عاماً)، والسيد سلمان العودة (68 عاماً)، اللذين أثار سجنهما، وخطر الإعدام، وظروف سجنهما، وحرمانهما من الرعاية الصحية، قلق منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، لكن "للأسف، رفضت سلطات السجن طلبي، بزعم ضيق الوقت لتسهيل الزيارة، رغم أنني أبلغتُ عن نيتي برؤيتهما في السجن قبل 24 ساعة".
واعتبرت كلوديا مالر بأن رفض السماح لها برؤيتهما مخالفٌ للشروط المرجعية للزيارات القطرية التي يقوم بها المكلفون بولايات في إطار الإجراءات الخاصة، والتي تشمل الحق في إقامة اتصالات سرية وغير خاضعة للرقابة مع الأشخاص المحرومين من حريتهم.
وتابعت بأن "هذا التقرير يؤكد المخاوف التي أعرب عنها المكلفون بولايات في إطار الإجراءات الخاصة ولجنة الأشخاص ذوي الإعاقة". وأضافت: "أُكرر دعواتهم للسماح لهم بالاتصال غير المقيد بأسرهم وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية، لا سيما بالنظر إلى ضعفهم الخاص كأشخاص كبار في السن".
وخلصت الخبير الأممية إلى أنه رغم وجود مكتب لهيئة حقوق الإنسان السعودية داخل المنشآت السجنية، إلا أنه لم يُقدم أي معلومات أو عمل مُحدد بشأن حقوق المعتقلين كبار السن".
يأتي ذلك بينما لا تزال السعودية تتجاهل العديد من طلبات الزيارة للمقررين الأمميين لا سيما الخاصين بقضايا ملحة. فمنذ العام 2006 استقبلت السعودية 4 مقررين فقط، فيما تتجاهل أو ترفض 16 طلب زيارة، من بين ذلك المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، والمقرر الخاص المعني بالإعدام والقتل خارج نطاق القضاء وغيرهم من المقررين.
وتعد قضيتا سفر الحوالي و سلمان العودة من أبرز القضايا التي عملت عليها الكرامة، وصدرت بشأنهما قرارات أممية تؤكد الطابع التعسفي لاعتقالهما وتطالب بالإفراج الفوري عنهما والكف عن سياسات الانتقام المتبعة ضد عائلتيهما.
سفر بن عبدالرحمن الحوالي وأبناؤه
في 13 يوليو/ تموز 2018، طلبت الكرامة التدخل العاجل من فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي (WGEID) والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير (SRFRDX) لحث السلطات السعودية على إطلاق سراح جميع أفراد عائلة الشيخ الدكتور سفر الحوالي الستة أو، على الأقل، إخضاعهم لحماية القانون وإبلاغ أسرهم بمصيرهم وأماكن وجودهم.
وسلطت الكرامة الضوء على الحالة الطبية الحرجة لسفر الحوالي، حيث كان يعاني في السابق من نزيف في المخ وكسر في الحوض.
وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قدمت الكرامة شكوى إلى لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) تسلط الضوء على إصرار السلطات السعودية على اضطهاد السيد الحوالي وعائلته.
واستجابةً لهذا الطلب، طلبت لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، من السلطات السعودية اتخاذ تدابير متعددة من أجل تجنب أي ضرر لا يمكن إصلاحه لسفر الحوالي، بما في ذلك الإفراج الفوري عنه. لاحقا أبلغت الكرامة لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بأن محكمة الاستئناف السعودية ضاعفت، انتقاما منها، أحكام السجن بحق عدد من المقربين من الداعية البارز سفر بن عبد الرحمن الحوالي.
وفي 21 أبريل/ نيسان 2021 و 21 أبريل/ نيسان 2023، قدمت الكرامة معلومات حول قضية الحوالي في تقريرها إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص المتعاونين مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
وفي 2 مايو/ أيار 2023، قدمت الكرامة إلى لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تعليقاتها بشأن رد المملكة العربية السعودية على قضية الحوالي.
وفي 15 أبريل/ نيسان 2024 وجد خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن الحبس الانفرادي المطول للباحث الديني والناقد سفر بن عبد الرحمن الحوالي دون محاكمة والتسهيلات اللازمة لإعاقته يشكل انتهاكات خطيرة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب أو سوء المعاملة.
بدوره، أصدر فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي قراره رقم 26/2023 بشأن الدكتور الحوالي، وفيه يؤكد الفريق على اتخاذه القرار الذي جاء في 17 صفحة في أعقاب مراسلاته للحكومة السعودية التي أرسلت رداً متأخراً تذرعت فيه بعدم تصديقها على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
يستند الفريق الأممي على معلومات موثوقة، بخصوص اعتقال الحوالي الذي جاء في سياق حملة واسعة للاعتقالات طالت أكاديميين وعلماء وناشطين ومحامين من حركة الإصلاح التي تنادي بحقوق الإنسان والمشاركة السياسية وترفض الوصاية الغربية في العالم العربي وإنشاء قواعد عسكرية في المنطقة.
ناقش الفريق ردود الحكومة السعودية وبيّن بالتفصيل بطلان تلك الردود التي تدين السلطات بارتكاب انتهاكات في حق الحوالي بما في ذلك الإخفاء القسري وغياب ضمانات المحاكمة العادلة وانتهاك حقه في ممارسة حرية التعبير وحقه في المساواة أمام القانون.
ودحض الفريق مزاعم السلطات بأن اعتقال الحوالي بدافع التزامها في مكافحة الإرهاب، معتبرا بأن استهدافه والانتهاكات التي طالته ليست إلا بسبب آرائه السلمية في انتقاد سياسات بلاده.
وفي وقت سابق، بناء على شكوى من الكرامة، دعت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) السلطات السعودية للإفراج فوراً عن العالم الدين البارز سفر بن عبد الرحمن الحوالي.
وطلبت لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من السلطات السعودية، من بين أمور أخرى، "الترتيب للإفراج الفوري عن الحوالي". على أن يضمن هذا الإفراج سلامته ووجوب اتخاذ جميع الاحتياطات لتجنب أي ضرر محتمل. علاوة على ذلك، يجب على الدولة ضمان حصول سفر الحوالي على الرعاية الطبية المناسبة في المنزل أو في أي مؤسسة طبية أخرى قد يختارها.
وكشكلٍ واضح من أشكال الانتقام والعقاب ضد الحوالي وأقاربه، رفضت السلطات السعودية مرارًا وتكرارًا الاستجابة للطلبات المقدمة من اللجنة أولاً في نوفمبر 2020 ثم مرة أخرى في ديسمبر 2022.
سلمان العودة وشقيقه خالد العودة
بخصوص الدكتور العودة وشقيقه، فقد وجّهت الكرامة بتأريخ 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، شكوى إلى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري.
وفي 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، أحالت الكرامة القضية إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التعبير (SR FREEDEX).
وفي 20 سبتمبر/ أيلول 2018، أحالت الكرامة القضية إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب (SRCT). وفي 26 يناير/ كانون الثاني 2021، أحالت القضية إلى لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وطلبت من لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المطالبة بالإفراج الفوري عنه كإجراء طارئ لمواجهة الأعمال الانتقامية ضد عائلته مباشرة مع السلطات.
وفي 31 مايو/ أيار 2022، قدمت الكرامة طلبًا إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (WGAD) للبت في تعسف احتجاز الدكتور سلمان العودة.
بدوره، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في دورته السابعة والتسعين، المنعقدة خلال الفترة 28 أغسطس - 1 سبتمبر 2023 الرأي رقم 56/2023 بشأن الدكتور سلمان بن فهد العودة، وشقيقه خالد القرني، خلص فيه إلى نفس النتائج التي انتهى إليها في قضية الدكتور سفر الحوالي، وأبدى في قراره الذي جاء في 18 صفحة، أبدى استغرابه من ردود الحكومة السعودية على رسائله، حيث تركزت ردود السلطات السعودية على التشكيك في اختصاص فريق العمل بالنظر في الشكوى. وانتهى الفريق الى القول بأن هذا الرأي هو واحد من عديد آراء أصدرها خلال السنوات الأخيرة تكشف منهجية الانتهاكات التي تمارسها السلطات السعودية. وتطرق الفريق أيضا إلى قضية السيد خالد العودة شقيق سلمان العودة.
وأشاد الفريق بموثوقية المعلومات التي زوّده بها مصدر الشكوى، رغم محاولات السلطات السعودية التشكيك فيها. ويطعن الفريق في قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال وقانون الجرائم الإلكترونية اللذين يحاكم الضحية بموجبهما ويؤكد أن الحكومة فشلت في إثبات قانونية احتجاز العودة وشقيقه.
وفي السياق ذاته، نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في 22 ديسمبر / كانون الأول 2017 رسالتها الموجهة إلى السلطات السعودية تطرقت فيها إلى قضيتي الدكتور الحوالي والدكتور سلمان العودة، وعبرت فيها عن "قلقها الشديد إزاء [...] الاعتقالات التعسفية الواسعة النطاق والممنهجة والاحتجاز لأشخاص، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان، لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية في حرية التعبير والتجمع".