لبنان: 42 سنة على الحرب الأهلية.. ومايزال مصير المفقودين مجهولاً

المفقودين في لبنان Missing persons in Lebanon

13نيسان/أبريل ليس تاريخاً عادياً بالنسبة للبنانيين، فمن العام 1975 إلى اليوم، فاصل زمني طويل تختصره ذاكرة اللبنانيين في كل عام، بأحداث شلّت البلاد على مدى سنين خلّفت وراءها دماراً مادياً ونفسياً لم يمّيز بين اللبنانيين، بل إن آلة الحرب آنذاك طالت كل سكان البلاد. هي الذكرى الـ 42 على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت في العام 1990 دون أن تنتهي معها آلام اللبنانيين. 200.000 قتيل و17.000 مفقود مازالت أسرهم تتفتت ألماً على غيابهم، هي حصيلة صراع أمعن في تمزيق البلد طيلة 15 سنة. بينما ما يزال ملف 313 قضية عالقاً في أدراج مكتب الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة. هذا الرقم لا يعكس واقعاً عدد المفقودين، إلّا أنّ السلطات اللبنانية لم توضح بعد مصير هؤلاء الأشخاص، بسبب غياب استراتيجية قانونية واجتماعية لدى الحكومة لمعالجة ملف مفقودي الحرب، على الرغم من اتخاذ بعض التدابير الإدارية لمساندة أهاليهم. تناولت الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان 2014-2019، التي أعدتها لجنة حقوق الإنسان النيابية، بعض التدابير لمعالجة القضية، إلّا أن أيا منها لم ينفذ حتى الآن، وما زال أمام الحكومة الكثير لتفعله.

مدنيون من جميع الطوائف الدينية والتوجهات السياسية، وقعوا ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري واختفوا نتيجة عمليات القتل الجماعي وانتشار العنف. منهم من اختطف من منزله أو في الشارع أو لدى عبوره أحد حواجز الميليشيات أو القوات الأجنبية، فجميعها لجأت إلى تلك الممارسة اللاإنسانية، التي ظلّت سائدة إلى ما بعد الحرب -على نطاق أضيق- بفعل استمرار التواجد السوري في لبنان والاحتلال الإسرائيلي  لبعض أراضيه في الجنوب والبقاع الغربي.

من بين تلك الحالات نذكر على سبيل المثال، قضية المفقود عمار السطوف، من مواليد 1975، وهو ممرض سوري اختطف في 14 تشرين الأول/أكتوبر 1993 من منزله في بيروت على أيدي عناصر من جهاز المخابرات السورية، ولم تفلح جميع مساعي أهله وأصدقائه وتواصلهم مع مركز المخابرات السورية الرئيسي في عنجر ومختلف قوات الأمن اللبنانية، في استجلاء أية معلومات حول مصيره. كذلك، قضية اللبناني نجيب الجرماني، الذي كان يعمل سائق حافلة مدرسية ويبلغ من العمر حالياً 60 عاماً؛ اختطف من منزله في بلدة برمانا بمحافظة جبل لبنان في العام 1997 على يد عناصر من الجيش اللبناني، واقتيد إلى جهة مجهولة. علمت عائلته بعد ذلك أنه نقل إلى سوريا، وبين عامي 1998 و 1999، تمكّنت شقيقته من زيارته في الفرع 235 التابع لشعبة المخابرات العسكرية في دمشق، والمعروف باسم "فرع فلسطين". بعد العام 1999، لم يعد يسمح لأهله بزيارته وفقدوا أية معلومات عن مصيره ومكان اعتقاله. ولم تفلح جميع مساعي العائلة لدى السلطات اللبنانية في الكشف عن مصيره.

تقول إيناس عصمان، المسؤولة القانونية في مؤسسة الكرامة عن منطقة المشرق "علينا في الذكرى السنوية للحرب اللبنانية أن نتذكر ضحايا الحرب ونتضامن مع أهالي المفقودين ونطالب جميعا بالحقيقة بشأن مصير ومكان اعتقال أحبائهم"، وتضيف "آن الأوان لكي تدعم السلطات اللبنانية أسر الضحايا في الكشف عن الحقيقة".

وتذكر مؤسسة الكرامة بأن لبنان وقّع منذ عشر سنوات على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ، لكنه لم يصادق عليها بعد. ويتعيّن عليه الآن المصادقة على الاتفاقية والالتزام بما تعهد به خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

وأخيراً، تدعو الكرامة الحكومة اللبنانية  إلى الموافقة على مشاركة قوات الأمن الداخلي في العمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على جمع عينات الحمض النووي بهدف إجراء تحاليل طبية شرعية مستقبلية على البقايا البشرية بقصد الكشف عن هوية الأشخاص المفقودين. كما تدعو السلطات إلى إنشاء لجنة وطنية مستقلة للمفقودين والمختفين قسرياً، توكل إليها مهمة التحقيق في مصير المفقودين، وتحديد مواقع دفنهم والتعرف على هويتهم، وتحديد ظروف اختفاءهم القسري أو وفاتهم.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 0041