اليمن/الولايات المتحدة: 86 مدنيا بينهم أطفال ونساء قتلوا في عمليات عسكرية خلال ولاية ترمب

yemen_drone

قتل ما لا يقل عن 86 مدنيا في اليمن، بينهم أطفال ونساء، في هجمات للولايات المتحدة الأمريكية، منذ تولي دونالد ترمب منصبه عام 2017، بعضها بمشاركة دولة الإمارات، ومعظم تلك الهجمات كانت بغارات لطائرات من دون طيار، وفقا لصحيفة الواشنطن بوست.
وكانت الكرامة أعدت على مدى سنوات سلسلة تقارير استقصائية استنادًا إلى تحقيقات ميدانية حول هجمات الطائرات الأمريكية من دون طيار في اليمن، وقدمت نيابة عن أهالي الضحايا شكاوى إلى الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، غير أن منظمتنا تعرضت لجملة من الإجراءات الانتقامية بسبب نشاطها في هذا السياق.
وقالت الوشنطن بوست نقلا عن دراسة حديثة أجرتها منظمة Airwars، إن الولايات المتحدة الأمريكية أجرت ما لا يقل عن 190 عملا مسلحا، معظمها غارات جوية، في اليمن منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، وأسفرت تلك الهجمات، التي شملت عددا قليلا من العمليات البرية، عن عشرات القتلى والجرحى، لكن الجيش الأمريكي أقرّ فقط بما يصل إلى 12 ضحية من القتلى المدنيين المحتملين خلال تلك العمليات.
التحليل الذي أجرته منظمة Airwars، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، يقدم نظرة ثاقبة جديدة للحرب التي كانت محاطة بالسرية إلى حد كبير في اليمن، وهو الأمر الذي تعزوه الكرامة إلى محاولة الهروب من المسؤلية الجنائية والأخلاقية إزاء الضحايا المدنيين الذين يسقطون جراء تلك الهجمات، على ما يبدو.
وأوضح المدير القانوني للكرامة رشيد مصلي أن "الهجمات الأمريكية في اليمن في سياق الحرب على الإرهاب لطالما انطوت على انتهاك للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان"، مضيفاً بأنه "من خلال تتبع العديد من الهجمات الدامية في اليمن تسارع الإدارة الأمريكية إلى الإعلان عن تحقيق انتصار عسكري كبير بالقضاء على عناصر مسلحة تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة، لكن يتبين لاحقًا أن الضحايا أو معظمهم مدنيون، ما يعني غياب مبادئ التناسب والتمييز والضرورة العسكرية التي يفرضها القانون الدولي الإنساني، ووقوع المسؤولين الأمريكيين في الحرج أمام الرأي العام ومطالب المجموعات الحقوقية بالتحقيق في تلك الهجمات وجبر الضرر للضحايا و/أو ذويهم".
أما منظمة Airwars فقد اتهمت القيادة المركزية الأمريكية (Centcom) التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، بالفشل "في تحديد ومراجعة والإقرار عند الضرورة بادعاءات الضرر المدني من أفعالها في اليمن بشكل كاف، الأمر الذي يتعارض بشكل ملحوظ مع سياسات البنتاغون الحالية، وينبغي معالجة ذلك كأمر مستعجل"، وحثت "الجهات العسكرية الأمريكية على التحقيق في مزاعم وقوع وفيات بين غير المقاتلين، والكشف عن مزيد من المعلومات حول الإجراءات التي تقوم بها ضد المسلحين المتشددين في اليمن".
وأفادت منظمة Airwars بأن غالبية العمليات المسلحة التي حدثت في اليمن خلال رئاسة ترامب حدثت في عام 2017، مشيرة إلى أن الأولى كانت غارة مشؤومة وقعت بعد أيام من تنصيب ترامب، وأسفرت العملية، التي شاركت فيها قوات النخبة الأمريكية والإماراتية، عن مقتل جندي بحرية أمريكي، وعدد من القتلى المدنيين، وهي الغارة الوحيدة خلال إدارة ترامب الذي اعترفت به الحكومة الأمريكية باحتمال سقوط ضحايا مدنيين.
وقالت إن الجيش لم يشكل فريقا مسؤولا عن التحقيق في الخسائر المدنية، كما فعل في العراق وسوريا. فاشتملت تلك العملية، التي تضمنت عشرات آلاف الغارات الجوية، على تقارير منتظمة عن تلك الغارات وخطوات لزيادة الشفافية المحيطة بإصابات المدنيين وموتهم "بغير قصد".
ووفقا للقيادة المركزية، فإن العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة في اليمن وقعت في حزيران/ يونيو 2019. ولكن Airwars قالت إنه يبدو أن عددا أقل من الغارات نفذته وكالة الاستخبارات المركزية منذ ذلك الحين، أو كانت نتاجا لنشاط عسكري سري.

شكاوى الكرامة
في 3 فبراير 2017 أخطرت الكرامة السيدة أنياس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، بقضية مصرع 15 طفلا وامرأة أثناء عملية عسكرية نفذتها قوات أمريكية وإماراتية في 29 يناير 2017 بمحافظة البيضاء باليمن. ودعت الكرامة السيدة كالامار إلى إدانة علنية للهجوم الذي ينتهك بوضوح القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومطالبة الحكومتين الأمريكية والإماراتية بالكف عن الهجمات العشوائية على المدنيين في اليمن.
وبالعودة إلى تفاصيل الهجوم الدامي ففي الصباح الباكر من 29 يناير 2017، قامت طائرات هليكوبتر بإنزال قوات خاصة أمريكية وإماراتية بمنطقة يكلا الجبلية الواقعة بمحافظة البيضاء والتي كانت هدفا للعمليات الأمريكية خلال الأشهر الماضية. وحسب المصادر الأمريكية كان الغرض من العملية هو جمع أكبر قدر من المعلومات عن تنظيم القاعدة لتفادي أية أعمال إرهابية مستقبلية.
عند حدود الساعة 2 صباحا تسلل عناصر الكوماندوس متجهين نحو بيتي الشيخين عبد الرؤوف الذهب وسيف النمس الجوفي. انكشف الهجوم فدخلت القوات الأمريكية في تبادل عنيف لإطلاق النار ثم تلقت دعما جويا من البارجة الحربية يو إس إس ماكين الرابضة بخليج عدن استهدف منزلي الشيخين عبد الرؤوف الذهب وسيف النمس الجوفي.
وتشير مصادر محلية أن طائرتين مقاتلتين بزغتا من جهة الجبال متبوعة بأربع طائرات بدون طيار وأربع طائرات هليكوبتر، وأنها أطلقت 16 قذيفة أسفرت عن تهديم أربعة بيوت. بلغت الخسائر في الأرواح خلال هذا الهجوم حوالي 30 قتيلا ضمنهم ضابط أمريكي إضافة إلى ست نساء وتسعة أطفال على الأقل بينهم نوران العولقي، ابنة المواطن اليمني الأمريكي أنور العولقي الذي قتل في غارة بطائرة أمريكية بدون طيار سنة 2011 للاشتباه في ارتباطه بالقاعدة.
تعبر الكرامة، مجددًا، عن قلقها العميق إزاء الخطورة البالغة للعمليات العسكرية في إطار "مكافحة الإرهاب" التي استهدفت خلالها القوات الأمريكية والإماراتية بيوتا رغم علمها بوجود أفراد غير "مقاتلين". كان على هذه القوات إلغاء تلك العمليات لتجنب أية خسائر في أرواح المدنيين من الأطفال والنساء. وبالتالي فإن تلك العمليات لم تمتثل للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، الذي ينص على التمييز الدقيق بين الأهداف المدنية والعسكرية فضلا عن مبدأ الحيطة والتناسب خلال العمليات العسكرية.