تونس: لا بدّ من تحديد أوجه القصور لمعالجتها

.

أصدر مجلس حقوق الإنسان خلال دورته السادسة والثلاثين، التي انعقدت في 21 أيلول/سبتمبر 2017، وثيقته الختامية بشأن الاستعراض الدوري الشامل لتونس. وقبلت الحكومة التونسية بـ 182 توصية من أصل 248 خلال الاستعراض الذي جرى في أيار/مايو 2017. ساهمت الكرامة في هذا الحدث الدوري بتقرير أعدته في أيلول/سبتمبر 2016 سلّطت من خلاله الضوء على عدة قضايا هامة.

تأسف الكرامة عن كثب مداخلة السيد المهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وتأسف لتكريسه بضع ثوان فقط لمسائل هامة من قبيل ضرورة إصلاح النظام القضائي ومكافحة التعذيب.

امتنع الوزير عن ذكر التدابير التي قال إن السلطات اتخذتها بغية وضع حد لتلك الممارسة، وأكّد في بيانه الختامي أن سلطات بلاده أجرت تحقيقات شاملة في جميع ادعاءات التعذيب، الأمر الذي يتناقض تماما مع ما تفيد به مختلف منظمات المجتمع المدني التي ما زالت توثق حالات تعذيب كثيرة.

"ضمان مكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان من خلال ضمان الحق في المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية وحرية التعبير" هي واحدة من التوصيات التي قبلتها تونس. وترى الكرامة أن القبول بها يفرض على الحكومة ترجمتها باتخاذ تدابير جادة لوضع حد للانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن في مجال مكافحة الإرهاب.

كثيرة هي الانتهاكات التي ترتكب في هذا السياق، فبالإضافة إلى حالات التوقيف وما يرافقها من عنف واحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي وسوء المعاملة، ما يزال الحرمان من الحق في المحاكمة العادلة أبرز الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها المعتقلون بتهم الإرهاب. كحالة رضوان غرسلاوي، الذي اعتقل في العام 2014 واتهم بتهريب ابن عمه المرتبط بجماعة إرهابية، والذي لا يزال قابعاً في سجن المرناقية دون محاكمة.

كذلك قبلت تونس العديد من التوصيات المتعلقة باحترام حرية التعبير. وتأمل الكرامة أن تلتزم السلطات التونسية بوضع حد لجميع أشكال القمع، لا سيما ما يتعرض له الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير ليس إلا. وتعرب الكرامة عن قلقها إزاء الاضطهاد القضائي الذي تعرضت له المحامية نجاة العبيدي التي أدينت هذه السنة بسبب تمثيلها لضحايا التعذيب في قضية "بركة الساحل"، ومطالبتها بفتح تحقيق شامل ودقيق ومحاكمة الجناة وإدانتهم.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن الوفد التونسي عبر في مداخلته الختامية عن ارتياحه للاستقلالية التامة التي يتمتع بها القضاء التونسي. وهذا بذاته أمر يبعث على القلق؛ كان حري بالسلطات أن تواجه التحديات التي يمر بها البلد بشأن حقوق الإنسان، بدل نشر تطمينات من هذا القبيل.

 تؤكد العديد من الادعاءات المتناسقة انحياز السلطة القضائية، بل أن بعض القضاة لم يعد يحرجهم الكشف عن علاقاتهم بقوات الأمن. وسبق للكرامة أن وثقت حالات كشف فيها الضحايا أمام القاضي عن تعرضهم للتعذيب؛ دون أن يتخذ  أي إجراء قانوني في  هذا الصدد. وهكذا، بات من الضروري على السلطات التونسية الشروع بإصلاح النظام القضائي لتعزيز استقلاله، وضمان احترام الحقوق الأساسية.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341007