لبنان: قانون مكافحة التعذيب، فرصة ضائعة وفشل في الوفاء بمعايير اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب

.

تحديث: في 26 أكتوبر 2017،  دخل قانون معاقبة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية.

أقرّ البرلمان اللبناني في 19 سبتمبر/أيلول 2017، قانوناً جديداً لمعاقبة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وفشل التشريع في الوفاء بالمعايير المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي صدق عليها لبنان عام 2000، وتجاهل الانشغالات التي تقدمت بها لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في نيسان/أبريل 2017.

تعرب الكرامة عن قلقها من التعريف الضيق للتعذيب الوارد في هذا القانون وقصور العقوبات التي يقدمها. ومن المؤسف أيضا أن لا يتناول القانون إختصاص المحكمة العسكرية- دون غيرها- في النظر في جرائم التعذيب التي قد يرتكبها موظفو الدولة.

ورغم أن هذا القانون هو الأول من نوعه، فإن التعديلات المعتمدة تشكل انتكاسة مقارنة باقتراح القانون الذي قُدم إلى البرلمان اللبناني عام 2012. ويجدر الإشارة إلى أن إمكانية الطعن في القانون أمام المجلس الدستوري في غضون 15 يوما من نشره في الجريدة الرسمية ما تزال قائمة.

في 28 سبتمبر/أيلول 2017، سعت الكرامة إلى تدخل مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة التعذيب لدى السلطات اللبنانية لطلب تعديل القانون ليمتثل تماما مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب:

تشكل المادة 1 الفقرة (أ) من هذا القانون أحد بواعث القلق الأساسية لدى الكرامة لأنها تضيف عناصر مقيدة على تعريف التعذيب الوارد في المادة 401 من قانون العقوبات. وتقتصر جريمة التعذيب على الأعمال المنفذة "أثناء الاستقصاء، والتحقيق الأولي، والتحقيق القضائي، والمحاكمات، وتنفيذ العقوبات". وتم سحب تجريم أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة –المعرّفة في المادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب- خلال المداولات في البرلمان، مما زاد من تقليص نطاق مشروع القانون.

وبالمثل، فإن القانون الجديد ينص على عقوبات على أعمال التعذيب لا تتناسب مع جسامة الجرم. تنص المادة 1 (ب) من القانون على أنه "ﯾﻌﺎﻗﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺬﯾﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ اﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات إذا ﻟﻢ ﯾﻔﺾ اﻟﺘﻌﺬﯾﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﻮت أو إﻟﻰ ﺧﻠﻞ أو ﻋﻄﻞ ﺟﺴﺪي أو ﻋﻘﻠﻲ داﺋﻢ أو ﻣﺆﻗﺖ." مثل هذه العقوبات التي تفرض عادة على الجنح، لا يكون لها تأثيراً رادعاً، وتخلق بيئة مناسبة للإفلات من العقاب.

بالإضافة إلى ذلك، وبموجب التشريع الجديد، تخضع أعمال التعذيب لقوانين التقادم. حيث أنه لا يمكن الشروع في الإجراءات القضائية إلا في غضون ثلاث إلى عشر سنوات من خروج الضحية من السجن، حيث تختلف المدة بحسب جسامة الجرم.  وبهذا المعنى، يتعارض التشريع الجديد مع القانون الدولي الذي يعتبر التعذيب من أخطر الجرائم، وبالتالي لا يجب أن يخضع لقوانين التقادم. أضف إلى أنه في كثير من الأحيان يتردد الضحايا في تقديم شكوى تعذيب حتى يشعرون بالأمان للقيام بذلك، وهو ما قد يتجاوز فترة الثلاث سنوات.

وأخيراً وليس آخراً، تنازل النواب عن إمكانية إحالة قضايا التعذيب التي يقوم بها أفراد من الجيش أو رجال الأمن إلى المحاكم العادية. والواقع أن المادة 27 من القانون العسكري تعيق مقاضاة مرتكبي جرائم التعذيب من رجال الأمن والجيش، إذ تعطي المحكمة العسكرية دون غيرها اختصاص مقاضاة عناصر الجيش والأمن. ولا يخفى أن إجراء التحقيق والمقاضاة من قبل الأقران يحول دون المساءلة بشكل سليم.

تقول إيناس عصمان، المسؤولة القانونية في الكرامة: "ثمة فرصة كبيرة أمام النواب اللبنانيين لسن قانون واعد من شأنه أن يسد النقص التشريعي الكبير الموجود في القانون اللبناني الحالي" وتضيف "إن سن قانون يتوافق والمعايير الدولية من شأنه أن يكون حجر الأساس في مشروع التصدي لممارسة التعذيب المتفشية في لبنان".

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341007

أو مكتب بيروت: s.shatila@alkarama.org (+961 1 427 907)