تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

من المرتقب إجراء الاستعراض الدوري الشامل الثالث للأردن أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نوفمبر2018. والاستعراض الدوري الشامل آلية تجرى كل أربع سنوات ونصف بهدف تقييم وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والدفع بها للوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

وفي هذا الإطار قدمت الكرامة في29  في مارس 2018 تقريرا موازيا للتقرير الحكومي استعدادا لاستعراض الأردن أكدت فيه أن حالة حقوق الإنسان في البلاد لم تتحسن منذ الاستعراض الدوري الشامل الثاني في عام 2013. إذ على الرغم من اعتماد الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، لازالت هناك العديد من القضايا الملحة، بما في ذلك ممارسة التعذيب التي تفاقمت بسبب قصور الضمانات القانونية، وإجراءات مكافحة الإرهاب التعسفية، والتشريعات المقيدة للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

ممارسة التعذيب

يفتقر الأردن إلى إطار قانوني شامل لمعالجة مسألة التعذيب، ففي الوقت الذي جعل فيه تعريف التعذيب يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب بعد التعديلات التي أدخلها على قانون العقوبات في عام 2014، إلا أن تجريم التعذيب ما زال لا يرقى للمعايير الدولية خصوصا وأن القانون الجنائي الحالي لا زال يعتبر التعذيب جنحة ما لم يؤدي إلى إصابة خطيرة، مما يعني أن العقوبات لا تتناسب مع خطورة الجريمة، وأن الجريمة تخضع لقوانين التقادم.

وعلاوة على ذلك تظل أعمال التعذيب بلا متابعة بسبب بيئة الإفلات من العقاب والافتقار إلى آليات الشكاوى الفعالة وعدم محاكمة مرتكبيها. وفي الحالات النادرة التي يتم فيها رفع شكاوى التعذيب التي تشمل أعضاء من مديرية الأمن العام ومديرية المخابرات العامة تعرض هذه القضايا على محاكم خاصة تفتقر للاستقلالية والشفافية.

قصور الضمانات القانونية

بموجب القانون الأردني، يجب عرض أي شخص يتم القبض عليه أمام سلطة قضائية خلال 24 ساعة. لكن عمليا غالبا ما يتم تجاوز هذا الوقت. وعلاوة على ذلك، لا يمنح قانون الإجراءات الجنائية للمشتبه فيهم الحق في مقابلة محام منذ لحظة الاعتقال، ولا يذكر صراحة حق المعتقلين في الاتصال بعائلتهم.

ومن الأمور المثيرة للقلق استمرار استخدام قانون منع الجرائم لعام 1954 لوضع الأفراد رهن الاحتجاز الإداري لمدة تصل إلى سنة، مما يحرمهم فعلياً من حقوقهم المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية.

حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب

سلط تقرير الكرامة الضوء على التعريف الفضفاض الوارد في قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006 وتعديلاته لعام 2014، والتي بموجبها يمكن اعتبار الأعمال من قبيل "الإخلال بالنظام العام" أو تعكير صفو "العلاقات مع بلد أجنبي" إرهابا.

وعلاوة على ذلك ، فإن الأفراد المشتبه في ارتكابهم جريمة تقع ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة، بما في ذلك قضايا الإرهاب، يمكن أن يحتجزوا من قبل دائرة المخابرات العامة لمدة سبعة أيام قبل إحالتهم إلى النيابة التي يمكنها بعد ذلك تمديد الاحتجاز لفترة إضافية مدتها 15 يومًا قابلة للتجديد "لغرض التحقيق"، على أن لا تتجاوز هذه الفترة شهرين، لكن الكرامة قامت بتوثيق حالات تجاوزت فترة الاعتقال هذه الشهرين.

في هذا الإطار، ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خصوصا من قبل دائرة المخابرات العامة - التي يعين الملك رئيسها الذي يقدم تقاريره إلى رئيس الوزراء – وأيضا من قبل محكمة أمن الدولة. بعد القبض على المشتبه فيهم، تأخذهم دائرة المخابرات العامة إلى مقراتها وهناك احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي دون إمكانية الاتصال بأسرهم أو محاميهم، مما يضعهم خارج حماية القانون ويحرمهم من أي ضمانات قانونية. ويستخدم التعذيب بشكل منهجي كوسيلة لانتزاع الاعترافات، التي تأخذ بها محكمة أمن الدولة لتجريم وإدانة المشتبه فيهم. وفي هذا السياق أوصى تقرير الكرامة بإلغاء محكمة أمن الدولة لافتقارها للاستقلالية.

تقييد حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات

فيدت السلطات الأردنية حرية التعبير بعدد من التشريعات بما في ذلك قانون مكافحة الإرهاب. وقامت على هذا الأساس باعتقال وتعذيب ومحاكمة وسجن المنتقدين والنشطاء بتهم ترتبط بالإرهاب، بما في ذلك "الإخلال بالنظام العام" أو تعكير "العلاقات مع بلد أجنبي".

كما تم تقديم الأفراد إلى محكمة أمن الدولة بتهمة التحريض على "تقويض النظام السياسي" أو استهداف "تغيير البنية الأساسية للمجتمع". وكثيراً ما تقترن هذه التهم بجريمة "إهانة الملك" التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات.

وفيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، لفتت الكرامة الانتباه بشكل خاص إلى التعديلات التي اقترحتها وزارة التنمية الاجتماعية في عام 2016 على قانون الجمعيات، والتي من شأنها أن تمنح الحكومة سلطة تقديرية واسعة لحظر إنشاء منظمات تنتهك أهدافها، من بين أمور أخرى ، " الأمن القومي ، والسلامة العامة ، والنظام العام ، والأخلاق العامة".

وأخيراً، أشارت الكرامة إلى أنه على الرغم من أن التظاهر لا يتطلب تصريحاً كتابياً مسبقاً، إلا أن السلطات تتذرع بقانون منع الجريمة أو قانون مكافحة الإرهاب لقمع الحق في التجمع السلمي واعتقال ومحاكمة المتظاهرين السلميين أمام محكمة أمن الدولة. كما تلجأ السلطات إلى توقيف الأفراد وإجبارهم على التوقيع على تعهدات بعدم المشاركة في المظاهرات كما حدث مع مهدي سليمان، الذي قُبض عليه أمام السفارة الإسرائيلية في عمان أثناء احتجاجه السلمي على احتجاز ابنه في إسرائيل.

التقاعس عن تنفيذ التوصيات السابقة

تلاحظ الكرامة مع الأسف أن المخاوف المذكورة سبق أن أثارها عدد من الدول خلال الاستعراض الدوري الشامل الثاني في عام 2013. في ضوء غياب التقدم الملحوظ فيما يتعلق بتنفيذ هذه التوصيات ، تدعو الكرامة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إعادة تأكيد هذه التوصيات خلال مراجعة نوفمبر 2018.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 41 00