بعد استعراضها للبنان، لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان تنشر ملاحظاتها الختامية

.

في 5 أبريل / نيسان 2018، نشرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ملاحظاتها الختامية بعد أن قامت في مارس/آذار 2018 بتقييم مدى تنفيذ لبنان لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - الذي صادق عليه عام 1972.

قبل الاستعراض والذي جرى في جنيف في 15 و 22 مارس/آذار ،2018 قدمت الكرامة تقريرها الموازي وقامت رفقة منظمات المجتمع المدني اللبناني بإحاطة خبراء الأمم المتحدة بانشغالاتها الرئيسية.

نوه خبراء اللجنة بالخطوات الأخيرة التي اتخذتها الدولة لإصلاح النظام القانوني، والصعوبات التي تواجهها في إدارة أزمة اللاجئين السوريين، إلا أنهم أعربوا عن أسفهم للتأخير الكبير في تقديم لبنان لتقريره الوطني، وذكروا بأنه مرت 20 سنة على آخر استعراض.

أثارت اللجنة المعنية عددا من القضايا المثيرة للقلق، بما في ذلك ممارسة قوات الأمن للاعتقال التعسفي والتعذيب، وظروف الاحتجاز غير الإنسانية، وغياب التحقيقات بشأن الأشخاص المختفين، ومسألة الاختصاص القضائي للمحاكم العسكرية، وعدم استقلال القضاء، وكذلك انتهاكات حرية التعبير والحق في الخصوصية.

الاحتجاز التعسفي ومعاملة السجناء

في ملاحظاتها الختامية، أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن مخاوفها بشأن العدد الكبير من الأفراد - بمن فيهم الأطفال - المحتجزين في الحبس الاحتياطي المطول. ونبه الخبراء أيضا إلى الانتهاكات المتكررة لضمانات المحاكمة العادلة كالحرمان من التواصل مع محامي - وخاصة أثناء التحقيقات الأولية - والانتهاك المتكرر للأجل القانوني المحدد في 48 ساعة لتقديم المتهم إلى القاضي، لا سيما في القضايا المتعلقة بأمن الدولة. وخلال الاستعراض أثار خبير اللجنة الأممية ماورو بوليتي، مسألة الاحتجاز والاعتقال التعسفي من جانب القوات الحكومية والجماعات المسلحة.

و أشادت اللجنة بالجهود المبذولة لتحسين ظروف الاحتجاز، مثل إنشاء مديرية السجون لمراقبة أماكن الاحتجاز ، وسلطت الضوء في نفس الآن على الاكتظاظ المرعب في السجون ، وحثت الدولة على إلغاء المادة 104 من المرسوم رقم 14310 لعام 1949، التي تنص على الحبس الانفرادي التأديبي الذي يمكن أن يستمر لمدة تصل إلى 30 يومًا بشكل متتالي.

وبالإضافة إلى ذلك، حث الخبير الأممي كويتا باماريام، السلطات اللبنانية على ضمان المعاملة الإنسانية للأشخاص المحتجزين بصرف النظر عن الإمكانيات المادية للدولة ، وأعرب عن أسفه لعدم إجراء تحقيق في 81 حالة وفاة وقعت في سجن روميه بين عامي 2012 و 2016.

ممارسة التعذيب وسوء المعاملة

شاركت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان مخاوف المنظمات غير الحكومية - بما في ذلك الكرامة – بخصوص قانون مناهضة التعذيب لعام 2017، وأوصت الدولة بتعديل القانون بشكل عاجل لجعله يتماشى مع المعايير الدولية.

وتطرق خبراء الأمم المتحدة إلى التعريف الضيق للتعذيب الذي لا يجرّم أفعال التعذيب التي تحدث أثناء الاعتقال وما قبل التحقيقات الأولية، وعدم تجريم سوء المعاملة، وقضية التقادم بشأن أفعال التعذيب والنص على مجموعة من العقوبات التي لا تعكس خطورة الجريمة  وتجاهل التعويضات والجبر الفعالة للضحايا.

وبالإضافة إلى ذلك، أعربت اللجنة عن أسفها لعدم مساءلة أفراد قوات الأمن المتورطين في تعذيب وسوء معاملة الأشخاص الخاضعين لسلطتهم.

الاختفاء القسري

وأعربت اللجنة في ملاحظاتها الختامية عن قلقها الشديد إزاء عدم التحقيق في مصير حوالي 000 17 شخص اختفوا خلال الحرب الأهلية، في انتهاك واضح لحق العائلات في معرفة الحقيقة. وأعربت اللجنة عن أسفها إزاء بيئة الإفلات من العقاب المحيطة بحالات الاختفاء القسري، مؤكدة أنه حتى تاريخه، لم تجر ملاحقات قضائية لمثل هذه الأفعال.

وأوصت اللجنة كذلك بأن تقوم الدولة الطرف بتجريم حالات الاختفاء القسري على نحو فعال، وأن تنشر التقارير الواردة من لجان التحقيق السابقة وأن تعدل قوانين العفو لكي لا تشمل انتهاكات خطيرة مثل الاختفاء القسري.

وبالإضافة إلى ذلك، حثت اللجنة الحكومة على إنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلفة بالبحث عن المختفين وقاعدة بيانات للحمض النووي لأهالي الضحايا. وأوصت اللجنة أيضاً بأن يستكمل لبنان عملية التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

ذكر خبراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالملاحظات الختامية للجنة المعنية بالتعذيب لعام 2017 ، واستفسروا عن ممارسة الإحتجاز السري، لكن وفد لبنان رد فقط على أن "أماكن الإحتجاز السرية غير موجودة في لبنان".

اختصاص المحاكم العسكرية واستقلال القضاء

ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بملاحظاتها الختامية السابقة للبنان لعام 1997 بوجوب إلغاء اختصاص المحاكم العسكرية لمقاضاة المدنيين، بمن فيهم القُصَّر. وبالإضافة إلى ذلك ، أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء العديد من انتهاكات الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة في إجراءات المحاكم العسكرية مثل أخذها بالاعترافات المنتزعة تحت التعذيب والحق المحدود في الاستئناف.

أكد الوفد اللبناني خلال الاستعراض أن القضاء مستقل وأن حقوق المحاكمة العادلة مضمونة، إلا أن اللجنة الأممية أوضحت أن مشاريع القوانين الرامية إلى مراجعة إجراءات تعيين القضاة لجعلها تتماشى مع المعايير الدولية لا زالت قيد المناقشة في البرلمان. وأعربت اللجنة كذلك عن قلقها إزاء الضغوط السياسية التي تمارس على القضاء وانعدام استقلالية ونزاهة قضاة المحاكم العسكرية.

انتهاكات الحق في حرية التعبير والخصوصية

وفي إشارة إلى الحالات العديدة للأفراد المعتقلين بسبب انتقاداتهم للمسؤولين الحكوميين، حثت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لبنان على عدم تجريم التشهير والتجديف والإهانة والانتقاد للموظفين العموميين، أو على الأقل تطبيق القانون الجنائي على الحالات الأكثر خطورة. كما سلطت الضوء على الكيفية التي يفسر بها مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية التابع لقوات الأمن الداخلي في كثير من الأحيان مفهوم الجريمة السيبرانية على نحو واسع يقيد بشدة حرية التعبير، وتساءلت عن دور المديرية العامة للأمن العام في الإشراف على المطبوعات والأعمال الفنية الأجنبية والرقابة عليها.

وقد استفسر خبراء الأمم المتحدة عن التقارير الأخيرة عن عمليات التجسس الواسعة النطاق للاتصالات الرقمية واعتراض البيانات الشخصية، والتي ذكر فيها الوفد اللبناني أنه وفقا للقانون المحلي ، فإن المراقبة والاعتراض "لم تتعارض مع خصوصية المواطنين" وأن "أي اعتراض [تم] لحماية أمن الدولة ". ولاحظت اللجنة المعنية أيضاً أن القانون رقم 140 ، الذي يتطلب إذناً قضائياً مسبقاً لاعتراض الاتصالات الخاصة ، كثيراً ما يتم التحايل عليه من خلال الإذن المباشر من رئيس الوزراء.

الخطوات المقبلة؟

طالب خبراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من لبنان تزويدهم بمعلومات عن تنفيذ توصياتهم الأكثر إلحاحًا - بما في ذلك المتعلقة بالعنف ضد النساء واللاجئين وطالبي اللجوء والعمال المنزليين المهاجرين - بحلول 6 أبريل/نيسان 2020. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على لبنان تقديم التقرير الدوري التالي في 6 أبريل/نيسان 2023، والذي يجب أن يقدم معلومات متابعة حول تنفيذ توصيات اللجنة.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني: media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم: 0041227341008