تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
الكرامة والمغرب

في إطار الإجراء المعروف باسم "قائمة المسائل المطلوب معالجتها" استباقًا لـ تقرير المملكة المغربية المزمع إلى لجنة حقوق الإنسان، قدمت الكرامة مساهمة إلى خبراء الأمم المتحدة في 28 أبريل/ نيسان 2025، تسلط من خلاله الضوء على الانتهاكات المستمرة لالتزامات الدولة الطرف بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

وفي هذا التقرير، أثارت الكرامة العديد من القضايا الرئيسية، بما في ذلك: 

ضعف استقلالية القضاء 

رغم الإصلاح الدستوري لعام ٢٠١١ والرغبة المعلنة في مواءمة القضاء مع المعايير الدولية، لا يزال القضاء المغربي يفتقر إلى الاستقلالية الحقيقية. فرئاسة الملك للمجلس الأعلى للقضاء، بالإضافة إلى تعيين السلطة التنفيذية لأغلبية أعضائه، تُعيق أي استقلال حقيقي. 

أبرزت الكرامة قضية الأستاذ المحامي محمد زيان، 81 سنة، وزير حقوق الإنسان السابق ونقيب المحامين السابق بالرباط، المحكوم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بعد محاكمة غير عادلة لانتقاده السلطات الحكومية، وهي قضية توضح استغلال القضاء كأداة للقمع السياسي. 

وفي أعقاب تقديم الكرامة مذكرةً بشأنه إلى لجنة حقوق الإنسان في فبراير/شباط 2024، طالبت اللجنة بـ تدابير فورية عاجلة، إلا أن الدولة الطرف امتنعت عن تنفيذها، مما يدل على رفضها التعاون مع الهيئة الأممية. 

التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز: ممارسات مستمرة 

رغم انضمام المغرب إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وبروتوكولها الاختياري، وثقت منظمة الكرامة استمرار سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، كما يعاني المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي عُيّن آليةً وطنيةً للوقاية في عام ٢٠١٨، من ضعف الاستقلالية، مما يحول دون عمله بفعالية. 

لا تزال قضية محمد حاجب، الذي تعرض للتعذيب ثم أُدين بعد محاكمة جائرة استندت فقط إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، رمزية. في عام ٢٠٢٢، أقرت اللجنة المعنية بمسؤولية الدولة عن المعاملة التي تلقاها حاجب، ولكن لم تُنفَّذ أيٌّ من إجراءات التحقيق أو العلاج المطلوبة من المغرب حتى الآن. 

الحريات الأساسية: الحقوق مكفولة، لكنها غير محمية 

أشارت الكرامة إلى القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع السلمي في المغرب، بما في ذلك قمع الصحفيين والنشطاء، واستخدام قوانين مكافحة الإرهاب لتجريم المعارضة السلمية.

على سبيل الثمال، استهدف الناشط المدافع عن البيئة محمد عطاوي، بسبب معارضته لتجريف أشجار الأرز الأطلسي والاتجار بخشب الأرز، كما اعتقل الناشط إدريس السدراوي، بعد خطاب عام له سنة 2021، وهي حالتان توضحان مدى قمع أي صوت يعارض السلطات. 

وفي السياق أيضًا، يتم حل المنظمات المهمة مثل "راسين" على أسس تعسفية، مما يؤدي إلى تقليص المساحة المدنية إلى حد الصمت. 

مكافحة الإرهاب: إطار قانوني يُساء استخدامه 

لا يزال قانون مكافحة الإرهاب، الذي اعتُمد عام ٢٠٠٣ وشُدّد عام ٢٠١٥، يُستخدم لقمع الآراء أو التعبيرات السلمية، بذريعة "تمجيد" الإرهاب أو "التحريض عليه". ويسمح الغموض المحيط بهذه المفاهيم للسلطات بقمع حتى الأنشطة السياسية أو الإعلامية السلمية، ويُقوّض بشكل خطير ممارسة الحريات الأساسية، مُعززًا مناخًا من الرقابة والملاحقة. 

تسعى الكرامة من خلال هذه المساهمة، إلى فتح الباب أمام إجراء فحص شامل للوضع في المغرب، كما تسعى إلى تشجيع السلطات على اتخاذ تدابير ملموسة لتحسين وضعية حقوق الإنسان في البلاد. 

وفي هذا الصدد، تظل الكرامة ملتزمة بمواصلة جهودها في هذا الاتجاه من خلال التعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الفاعلة المعنية.