مصر: قوات الأمن تواصل تعذيب الأطفال رغم تعهدات الحكومة بتدريب الشرطة على معاملة القاصرين

 .

وجهت الكرامة يوم 7 مايو 2015 نداءا عاجلا إلى المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بالأمم المتحدة، حول ما يتعرض له القاصران أحمد شعبان يوسف، 16 سنة، وشقيقه إبراهيم شعبان يوسف، 14 سنة، من تعذيب وسوء معاملة متواصلة، منذ القبض عليهما على التوالي في 22 فبراير 2014 و 3 يناير، انتقاما منهما على مشاركتهما في مظاهرات سلمية.

استهدفت السلطات المصرية الشقيقين لمشاركتهما في مظاهرات سلمية ضد انقلاب 2013، في إطار حملة القمع المتواصلة  التي لا تستثني حتى الأطفال. وتجدر الإشارة أنه رغم تعهد السلطات المصرية بالالتزام بمدونة حقوقية للتعامل مع الأطفال، وتدريب الشرطة على التعامل مع القاصرين الذين يتم القبض عليهم أو اعتقالهم، ورغم نشر الكرامة  في 27 أغسطس 2014 تقريرا بشأن 52 طفلا تعرضوا للتعذيب والاعتداء الجنسي في سجن بالإسكندرية، وحالات أربعة مراهقين آخرين وثقتها الكرامة في 6 يناير، و 8 يناير و 15 يناير و 27 أبريل 2015 لم تشهد معاملة الأطفال المحتجزين أي تحسن.

اعتقال واحتجاز وتعذيب أحمد شعبان يوسف البالغ من العمر 16 عاما

في 22 فبراير 2014 مساء، داهمت عدة سيارات تابعة لقوات الأمن الداخلي شقة عائلة يوسف في مدينة السويس الساحلية، وقامت بعملية تفتيش شاملة للبيت، ثم قام رجال الأمن بتعصيب عيني أحمد وتقييد يديه وأرغموه على ركوب سيارة عسكرية، ثم اقتادوه إلى قسم شرطة عتاقة في السويس حيث تعرض هناك طيلة ثلاثة أيام متتالية لشتى أصناف التعذيب القاسي، من ضرب وركل وصعق بالكهرباء على جميع أجزاء جسده، بما في ذلك أعضائه التناسلية، مما أسفر عن حروق والتهاب شديد، لإجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها قط. ولم تتوقف هذه المعاملة القاسية ضده إلا أثناء استجوابه من قبل المدعي العام، الذي وجه له في 23 فبراير تهمة "الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين"، و"المشاركة في مظاهرات غير قانونية" و"الحرق العمد" بموجب قانون المظاهرات رقم 107 لعام 2013، المتميز بطابعه القمعي.

رغم إبلاغه المدعي العام عما تعرض له من أعمال التعذيب، لم يعرض أحمد على الطبيب، ولم تتخذ السلطات أي إجراءات لمساءلة الضباط المسؤولين. عكس ذلك أعيد الضحية من جديد إلى مركز الشرطة حيث استمرت محنته إلى غاية 25 فبراير. و قامت النيابة العامة، بذريعة التحقيقات الجارية، بتجديد مدة حبسه احتياطيا لمدة 15 يوما.

الطفل إبراهيم شعبان يوسف، 14 سنة، يتعرض للقبض والاحتجاز الاحتياطي والتعذيب

قامت عناصر من الأمن الوطني، في 3 يناير 2015، بالقبض أيضا على إبراهيم، شقيق أحمد الأصغر، من منزله بصورة غير قانونية. بعد اقتياده إلى قسم الشرطة بعتاقة، وجهت إليه هو الآخر تهمة "الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين" و "المشاركة في مظاهرات غير قانونية"، و "التحريض على الشغب" بموجب نفس القانون الخاص بالمظاهرات لعام 2013. تعرض إبراهيم  لأعمال تعذيب قاسية، بما في ذلك الضرب  بالهراوات المطاطية والصعق بالكهرباء. ورغم إبلاغه هو أيضا المدعي العام عما تعرض له من تعذيب، لم يأمر بعرضه الطبيب، وتم تجديد احتجازه الاحتياطي لمدة 15 يوما، في انتهاك للمادة 119 من قانون الطفل المصري رقم 126 لسنة 2008، التي جاء فيها "لا يحبس احتياطيـا الطفـل الـذي لـم يبلـغ خمـس عشـرة سـنة ،ويجـوز للنيابـة العامة إيداعـه احـدي دور الملاحظة مدة لا تزيد علي أسبوع وتقديمـه عنـد كـل طلـب إذا كانـت ظـروف الـدعوى تسـتدعي الـتحفظ عليه ، علي ألا تزيد مدة الإيداع علي أسـبوع مـا لـم تـأمر المحكمـة بمـدها لقواعـد الحـبس الاحتيـاطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية"، ويقدم هذا القانون كبديل للحبس الاحتياطي، إصدار أمر تسليم الطفل إلى أحد والديه أو وصي، يتوجب عليه إحضاره عندما يطلب منه ذلك.

لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مـع غيـرهم مـن البـالغين فـي مكـان واحـد ، ويراعـي فـي تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تقل عـن ألـف جنيـه ولا تجـاوز خمسة ألاف جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين كل موظف عـام أو مكلـف بخدمـة عامـة احتجـز أو حـبس أو سجن طفلاً مع بالغ أو أكثر في مكان واحد.

اعتقال الشقيقين القاصرين في سجن للبالغين
يقبع الشقيقين حاليا بالسجن المركزي، الواقع في نفس مبنى مركز الشرطة الذي تم نقلهما إليه عند القبض عليهما، فضلا عن تعرضهما بانتظام للإذلال وسوء المعاملة على أيدي الحراس وبقية السجناء، لاسيما أنهما محتجزان مع المجرمين البالغين، في انتهاك تام لقانون الطفل المصري، الذي جاء في مادته 112 "لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مـع غيـرهم مـن البـالغين فـي مكـان واحـد ، ويراعـي فـي تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن سنتين، وبغرامة لا تقل عـن ألـف جنيـه ولا تجـاوز خمسة ألاف جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين كل موظف عـام أو مكلـف بخدمـة عامـة احتجـز أو حـبس أو سجن طفلاً مع بالغ أو أكثر في مكان واحد".

لا تكتفي السلطات المصرية بانتهاك المبادئ الأساسية لقانونها الداخلي الذي عُدِل آخر مرة في عام 2008، بل تخرق أيضا اتفاقية حقوق الطفل (CCR)، و اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، وهي الاتفاقيات الدولية  التي انضمت إليها مصر على التوالي في 1986 و 1990 و 1989، بدءا بالقبض على الأخوين القاصرين أحمد وإبراهيم، مرورا باحتجازهما التعسفي وتعذيبهما وإساءة معاملتهما.

 التمست الكرامة تدخلا عاجلا من المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، لدى السلطات المصرية لحثها على ضمان السلامة الجسدية والنفسية لأحمد وإبراهيم شعبان يوسف والإفراج عنهما. وتذكيرها بواجبها في إجراء تحقيقات فورية ونزيهة في أعمال التعذيب التي تعرض لها الشقيقان، ومتابعة مرتكبي هذه الأفعال، وأيضا بضرورة اتخاذها لتدابير فعالة للقضاء على انتشار ممارسة التعذيب في السجون، من قبيل:

• اعتماد تعريف للتعذيب يتفق مع اتفاقية مناهضة التعذيب؛
• إجراء تحقيقات فعالة ونزيهة في ما ورد من تقارير عن التعذيب وسوء المعاملة؛
• متابعة الجناة ورؤسائهم المسؤولين عنهم محاسبتهم،
• تعويض الضحايا.

تأمل الكرامة أيضا أن تلتزم وزارة الداخلية بتعهدها بتدريب قوات الشرطة على معاملة القاصرين في جميع أنحاء البلاد، إلى جانب وضعها موضع التنفيذ الملموس التزامها الأخير القاضي بتدريبهم على إيجاد "التوازن السليم بين ضمان الأمن و حقوق المواطنين [...] وحقوق الإنسان والحريات".

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341008