مصر: لا بد من ضمان المساءلة عن الجرائم ضد الإنسانية

.

تواترت الأنباء عن سقوط العشرات من القتلى من بين الآلاف المتظاهرين المصريين الذين خرجوا اليوم مرة أخرى إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على وحشية القمع من قبل قوات الجيش والشرطة على مدى الأسابيع ال 6 الماضية. وكان متوقعا بعد أن أصدرت وزارة الداخلية المصرية أمس أوامرها لـ "جميع القوات لاستخدام الذخيرة الحية لمواجهة أي هجمات على المباني الحكومية أو القوات" أن يحصل مثل هذا القتل. وبالنظر إلى الاستخدام المنتظم للقوة المفرطة من جانب قوات الأمن المصرية ضد المواطنين مما أدى حتى الآن إلى أكثر من 1000 حالة وفاة بين المدنيين، وبالتشاور مع منظمات حقوقية أخرى في المنطقة، دعت الكرامة اليوم المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى الشروع في عملية تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وللتذكير فإن المادة 7 من نظام روما الأساسي يحدد كل من "القتل" و "اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية" على أنها جرائم ضد الإنسانية عندما تكون "جزءا من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم ".

وقد عدّ فريق الكرامة في مصر أكثر من 300 جثة في المراكز الطبية بميدان رابعة العدوية في القاهرة، على إثر حصار ثم مهاجمة الساحة من قبل قوات الأمن يوم الأربعاء الماضي 14 أغسطس/أب 2013. ومنذ ذلك الحين، تواصل الكرامة العمل على تأكيد لائحة أولية من أكثر من 1000 أسماء الضحايا، التي قدمتها أسرهم، والذين قتلوا في جميع أنحاء مصر في هذا اليوم نفسه. وفي يوم الخميس 15 أغسطس، أكد مسؤولون في وزارة الصحة المصرية ان عدد القتلى ليوم الأربعاء وصل 700 فيما أكدت في وقت سابق اليوم، البارونة كاثرين أشتون، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي "ان عدد من الوفيات والإصابات يمثل صدمة." وعليه فإن هذا العدد الكبير من الوفيات في جميع أنحاء البلاد يدل بوضوح على طبيعة "النطاق الواسع والمنهجي" للهجمات.

وبعد حملة القمع العنيفة يوم الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء المؤقت حازم الببلاوي ان "الدولة تدخلت لاستعادة الأمن والسلام للمصريين"، حيث قام المتظاهرون، حسب تعبيره، بــ "إرهاب المواطنين، ومهاجمة الممتلكات العامة والخاصة". ولكن على الرغم من استخدام عدد من المتظاهرين الحجارة والهراوات للدفاع عن أنفسهم ضد قوات الأمن المدججة بالسلاح، ومزاعم أن بعض المتظاهرين أشهروا أسلحة، فإن مثل هذا التصريح يهدف بوضوح إلى إلصاق تهمة العنف ومهاجمة القوات الحكومية بكل المتظاهرين.وفي نفس السياق، يعطي أمر وزير الداخلية لـ "جميع القوى إلى استخدام الذخيرة الحية لمواجهة أي هجمات على المباني الحكومية أو القوات"، فعليا تفويضا لقوات الأمن إلى بإطلاق النار دون هوادة محتجين كانت غالبيتهم العظمى تنتهج السلمية.

مثل هذه التصريحات من قبل الرئيس المؤقت ورئيس الوزراء وزير الداخلية، فضلا عن قائد الجيش، تبين أن هؤلاء لم كانوا بعلم فحسب بهذه الهجمات بل أنهم هم الذين أعطوا الأوامر الواضحة لتنفيذها ضد السكان المدنيين.

وعلى الرغم من أن مصر ليست طرفا في نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه ونظرا لهذه الظروف، حثت الكرامة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى طرح مسألة الوضع في مصر على مجلس الأمن للأمم المتحدة، وفقاً للمادة 13 من النظام الأساسي،للإبلاغ بـ "وضع يكون فيه واحد أو أكثر من هذه الجرائم يبدو أنها ارتكبت [...] إلى المدعي العام لـ [المحكمة الجنائية الدولية]".

وكان خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حذروا صباح اليوم أن "مصر تواجه أزمة متصاعدة ومثيرة لقلق عميق فيما يخوص حقوق الإنسان". وتأمل الكرامة أن المجتمع الدولي سيقوم بدوره في تفادي تفاقم هذه الأزمة وحماية حقوق الشعب المصري، الذي قبل عامين فقط كانت الثورة الشعبية المصرية مصدر إلهام للسكان في جميع أنحاء العالم من أجل العيش في حرية وفي كنف دولة القانون.