مصر: خبراء أمميون يحذرون من مخاطر جسيمة يواجهها المعتقلون في سجون السيسي

sisi prisons


حذر مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين في الأمم المتحدة من المخاطر "الجسيمة وغير الضرورية" التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان الموقوفون في مصر بسبب الاحتجاز المطوّل الذي يسبق المحاكمة.
وقال الخبراء، في بيان صحفي، إن المخاطر تتجلى بشكل أكبر خلال جائحة كـوفيد-19، ودعوا السلطات إلى تسهيل الإفراج عن الموقوفين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو المحتجزين دون أساس قانوني كافٍ.
وتشارك الكرامة قلق الخبراء بهذا الشأن، وكانت الكرامة تابعت عن كثب قضايا العديد من المعتقلين السياسيين في سجون النظام  بمصر، بمن فيهم الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي الذي أعلنت وفاته في ١٧ يونيو/حزيران ٢٠١٩، حيث أكد الخبراء الأمميون حينها أن الظروف في السجون المصرية أدت بشكل مباشر إلى وفاته، محذرين في الوقت نفسه من أن غيره من السجناء سيلقون نفس المصير إذا لم تعالج مصر قضية تردي الأوضاع في السجون، غير أن الحكومة المصرية تجاهلت التحذيرات، وكانت النتيجة وفاة معتقلين آخرين بالفعل، آخرهم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عصام العريان.
وقد رفعت الكرامة في 10 يوليو 2013 شكوى إلى الأمم المتحدة طالبت فيها بالتدخّل العاجل لدى النظام العسكري لحماية الرئيس مرسي ومستشاريه وأعضاء الحكومة الشرعية المعتقلين، من التعذيب والإفراج الفوري عنهم.
وعقِب ذلك، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي للأمم المتحدة، المكوّن من خمسة خبراء مستقلّين، في 13 نوفمبر 2013، قرارًا يطالب النظام المصري بالإفراج عن الرئيس مرسي ومَن معه معتبرًا "أن حرمان مرسي ومستشاريه من الحرية أمرٌ تعسفي".
ويقول الخبراء المستقلون بالأمم المتحدة إنهم اعتمدوا على تقارير من طرف ثالث تم التحقق منها بشكل مستقل،في ظل وجود عدد قليل من الإحصاءات المتاحة للجمهور عن الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 في السجون المصرية، وقال الخبراء: "مع وجود القليل من تدابير التباعد الجسدي المعمول بها في هذه السجون، نخشى أن يكون عدد الوفيات أعلى بكثير من الحالات المؤكدة حتى الآن".
وأضاف الخبراء أن النشطاء المحتجزين يتمتعون بفرص قليلة للإبلاغ عن ظروفهم الصحية، حيث لا يتم منح الأفراد فرصة للطعن في التهم التي يواجهونها بموجب تشريعات الأمن القومي.
وأثار الخبراء قضية التعامل مع توقيف ومحاكمات النشطاء، مشيرين إلى أن مثل هذا التعامل ينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان: "تُعقد العديد من جلسات تجديد الحبس الاحتياطي في غياب المتهمين والمحامين، حيث يتم نقل المتهمين إلى المحكمة، وقد حوكموا في مجموعات كبيرة دون مراعاة فردية للظروف الشخصية أو الطبية".
وأشار الخبراء إلى أن ما يحدث هو إنكار الحق في محاكمة عادلة، في وقت ينبغي للسلطات أن تكثف جهودها لتسهيل الإفراج عن السجناء المحتجزين دون أساس قانوني كافٍ أو يعانون من أمراض مزمنة.
وسلط الخبراء الحقوقيون الضوء على قضية إبراهيم عز الدين، المدافع عن الحق في السكن وضد الإخلاء غير القانوني، والذي اختفى قسرا لمدة 167 يوما في عام 2019، وأفادت تقارير بتعرّضه للتعذيب.
وأوضح الخبراء أن عز الدين الآن يقبع في السجن، ولم يتمكن من طلب الإفراج المؤقت  رغم أنه يعاني من مرض تنفسي موجود مسبقا.
وقال الخبراء: "لا يمكن التذرع بأي ظروف مهما كانت لتبرير الاختفاء القسري. والجائحة تلفت الانتباه إلى الحاجة المتزايدة لحماية المدافعين عن حقوق."
وعز الدين هو مجرد شخص واحد من بين العديد من النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان الذين تتعرّض حياتهم لخطر متزايد. ومن بين النشطاء الآخرين، إسراء عبد الفتّاح وسناء سيف، وكلتاهما مدافعتان عن حقوق الإنسان، ورامي كامل وهو مدافع عن الأقلية المسيحية القبطية، ولم يُسمح لأي منهم بالتواصل بانتظام مع عائلاتهم أو محاميهم.
وأضاف الخبراء أنهم في حوار مباشر مع السلطات المصرية بشأن هذه القضايا وغيرها، وتعهدوا بمراقبة الوضع عن كثب.
ولفتت الخبيرة ماري لولر، المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، الانتباه إلى "مزاعم موثوقة" تتعلق بانتهاكات حقوقية، بما في ذلك التعذيب.
وقالت لولر: "ثمّة مزاعم ذات مصداقية بأن بعض النشطاء المصرّيين تعرّضوا للاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري أو التعذيب لمجرد الدفاع عن حقوق الإنسان".
وشددت لولر على ضرورة الإفراج عن النشطاء المعتقلين والإقرار بالدور المهم الذي يقومون به في المجتمع. كما أكد الخبراء على أهمية الوصول المستقل للمعلومات حول ظروف المحتجزين لتقليل خطر التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مضيفين أنه "أثناء الجائحة، يصبح هذا الأمر أكثر أهمية".
الخبراء الحقوقيون الذين أصدروا البيان الصحفي هم: إلى جانب الخبيرة لولر، المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب؛ المقرر الخاص المعني بشؤون الأقليات؛ المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاء والمحامين؛ المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد؛ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي؛ الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي.

المقررون الخاصون هم جزء مما يُعرف بالإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان. الإجراءات الخاصة هي أكبر هيئة من الخبراء المستقلين في نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهي الاسم العام للآليات المستقلة لتقصّي الحقائق والرصد التابعة للمجلس والتي تعالج إما حالات بلد معين أو قضايا من منظور مواضيعي في جميع أنحاء العالم. ويعمل الخبراء بشكل تطوعي وهم ليسوا طواقم عاملة في الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجورا على عملهم. الخبراء هم مستقلون عن أي حكومة أو منظمة ويخدمون بصفتهم الفردية.