مصر: حفلات تعذيب في سجن بدر بالتزامن مع قمة المناخ في شرم الشيخ
أفادت عائلات معتقلين سياسيين في سجن بدر شرقي القاهرة بأن السلطات المصرية لم تتوقف عن إيذاء المعتقلين وممارسة حفلات التعذيب الجسدي والنفسي بحقهم، في الوقت الذي تستضيف البلاد مؤتمراً حول المناخ في منتجع شرم الشيخ برعاية الأمم المتحدة.
ووصفت بعض عائلات المعتقلين بأن "ما يحدث في سجن بدر لا يقل فظاعةً عن ما حدث في أبو غريب في العراق وغوانتنامو في كوبا"، في إشارة إلى مراكز الاحتجاز التي أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب غزو أفغانستان والعراق.
وأفادت للكرامة عائلة المعتقل الشاب عبدالرحمن السيار بأنها لا تعلم شيئا عن وضع ومصير ابنها المحتجز في سجن بدر، والذي كانت الكرامة رفعت بتأريخ 22 يونيو/ حزيران 2022، قضيته إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، تلتمس تدخله لإطلاق سراحه.
وسجن بدر هو مجمع سجون أنشئ مؤخرا تزعم السلطات أنه خاص باستقبال النزلاء الذين يقضون مدداً قصيرة حيث يتم التركيز على تأهيلهم مهنياً فى الأعمال اليدوية وتسويقها لصالحهم، لكن الأنباء التي تلقتها الكرامة مؤخرا تدحض مزاعم السلطات وتؤكد استمرار نهج التعذيب وسوء المعاملة والمحاكمات الجائرة للمعتقلين السياسيين القابعين هناك.
وكانت أسرة السيار أفادت في أغسطس/ آب الماضي، بأن السلطات المصرية نقلت ابنها إلى سجن بدر بعد سلسلة من الإجراءات التعسفية والمحاكمة غير العادلة.
و نشرت صفحة رابطة أهالي معتقلي سجن بدر على تويتر مناشدة لوقف جرائم الانتهاكات والتعذيب بحق المعتقلين في السجن الذي لم يمضِ سوى شهرين على افتتاحه، وأشارت إلى تعرضهم للتجويع والإهمال الطبي فضلاً عن التحرش الجنسي.
مؤتمر المناخ وحقوق الإنسان
وتستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية ( كوب 27)، الذي أعاد التذكير بأوضاع حقوق الإنسان المتدهورة في البلاد منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عبدالفتاح السيسي على أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو/ تموز 2013.
لا تتوقف الانتهاكات عند قضايا الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والمحاكمات الجائرة، ففي سيناء على بعد بضع مئات الكيلو مترات من مكان انعقاد المؤتمر، أقدم النظام الحاكم على التهجير القسري وإخلاء المنازل بالقوة وارتكاب جرائم إعدام وحشية ضد السكان هناك، وهو الأمر الذي شهدته مناطق أخرى داخل جمهورية مصر العربية.
وفي الوقت الذي كانت مصر تدير حملة إعلامية دولية للسياحة في سيناء ومناطق أخرى، واصل الجيش عمليات إعدام خارج نطاق القضاء بحق قبائل بدو سيناء، دون هوادة.
في هذا السياق، تذكّر الكرامة بمشاهد مفزعة كُشف عنها النقاب قبل أسابيع لعمليات إعدام ميدانية نفذها عناصر يرتدون زي الجيش المصري، حيث تظهر تسجيلات مصورة ضحايا من مختلف الفئات العمرية، من بينهم طفل دون سن الخامسة عشرة من العمر يدعى أنس الصغير من قبيلة التياها البدوية في سيناء، يظهر مجدوع الذراع ومصابا بدرجة بالغة قبل إعدامه.
وكانت المتحدثة باسم وزارة السياحة والآثار المصرية، سها بهجت، كشفت عن إطلاق الحكومة المصرية استراتيجية إعلامية من خلال تحالف كندي بريطاني، هدفها الترويج للسياحة المصرية وتستهدف دولا أوروبية مثل إنجلترا وإيطاليا وألمانيا ودول الخليج العربي وفنلندا وأمريكا.
وتأسف الكرامة بشدة لانخراط حكومات غربية في محاولة غسيل جرائم النظام المصري عبر برامج ترويج سياحية تعمد إلى تجميل صورته خارجيًا، بدلاً من اتخاذ مواقف تدين استمرار جرائم حقوق الإنسان وازدراء القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما في ما يتعلق بالتدابير التي يتخذها النظام العسكري الحاكم في سياق مكافحة الإرهاب شمال جزيرة سيناء.
وتظهر ثلاثة فيديوهات اطلعت عليها الكرامة قيام عناصر يرتدون زي الجيش المصري، ويقال إنهم مليشيات قبلية موالية للجيش، بتنفيذ عمليات إعدام ميداني بشكل وحشي ضد ثلاثة أشخاص في وقائع مختلفة، لم يتسن التأكد من تأريخ حدوثها، لكن منظمة سيناء لحقوق الإنسان المعنية بمراقبة حقوق الإنسان في شبه جزيرة سيناء رجحت وقوعها خلال 2022.
كما تظهر وقائع الإعدامات الثلاث بوضوح أن الضحايا جميعهم لم يكونوا يشكلون أي مستوى من التهديد للحياة أو خطراً آنيًّا يتعذر تفاديه على القوات الحكومية أو المجموعات القبلية المسلحة الموالية لها أو آخرين، بل كان بينهم اثنان مقيدان ويستغيثان، أحدهما كبير في السن، والثالث فتى دون السن القانونية مصاب وفي حالة مضطربة من الوعي على ما يبدو جراء الإصابة البالغة وغير قادر على الكلام أو الحركة.
تؤكد الكرامة أن الإفلات من العقاب والمحاسبة على جرائم النظام العسكري الحاكم في مصر طوال السنوات الماضية من شأنه تغذية الشعور بالأمان لمرتكبي جرائم حقوق الإنسان في البلاد والاستمرار في مزيد من الجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، وتحث الكرامة مجددا على ضرورة وضع حد لسياسات غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في سياق تدابير مكافحة الإرهاب، ليس لكونها نكوصا عن مبدأ العدالة وعالمية حقوق الإنسان فحسب، ولكن لما لها من تداعيات كارثية خطيرة على مستوى الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب والأسباب المؤدية إليه.