مصر: أحكام الإعدام في "قضية قتل حارس المنصورة" خرق لالتزامات مصر الدولية

Egypt: Mansoura Case Death Sentences Violate Egypt’s International Obligations

في الوقت الذي تتعرض فيه السلطات المصرية لانتقادات شديدة من جماعات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة بسبب الانتهاكات الواسعة النطاق للحقوق الأساسية، أيدت محكمة النقض في 7 حزيران / يونيو 2017 بعد محاكمة جائرة أحكام الإعدام في حق ستة طلاب في  "قضية قتل حارس المنصورة" استندت فيها على اعترافاتهم المنتزعة تحت التعذيب.  وفي حالة تنفيذ أحكام الإعدام هذه فإن ذلك يعد انتهاكا جسيما لالتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان.

"قضية قتل حارس المنصورة"

في 28  شباط / فبراير 2014، قتل حارس أمن يدعى عبد الله متولي، كان مكلفا بحماية القاضي المسؤول عن قضية الرئيس السابق مرسي، على يد شخص استخدم مسدسا من عيار تسعة ملمتر. وفي آذار/ مارس، ألقت قوات الأمن القبض على 24 شخصا في أماكن وظروف وأوقات مختلفة.

اتهم الأشخاص جميعا بقتل متولي و"الانتماء لجماعة محظورة" تهدف إلى عرقلة الحكومة والمساس بالأمن والنظام العام". كما اتهم بعضهم "بتمويل جماعة الإخوان المسلمين" و"تزويدهم بالأسلحة والمعلومات للإطاحة بالحكومة".

وفي 7 أيلول/سبتمبر 2015، أصدرت المحكمة الجنائية في المنصورة حكما بالسجن 10 سنوات على اثنين من المتهمين، و بالسجن مدى الحياة على 14 آخرين، وبالإعدام على الثمانية الباقين.

ومن بين الذين حكم عليهم بالإعدام باسم محسن علي خريبي (30 عاما)، خالد عسكر (24 عاما)، محمود محمود وهبة عطية (27 عاما)، أحمد الوليد السيد (27 عاما)، إبراهيم يحيى عبد الفتاح عزب، وعبد الرحمن محمد عطية (24 عاما).  وقد تعرض هؤلاء الطلاب في الطب والصيدلة والكيمياء والهندسة في المنصورة، وكلهم بلا سوابق جنائية، إلى انتهاكات جسيمة على يد قوات الأمن الوطني منذ القبض عليهم وخلال احتجازهم ومحاكمتهم.  وفي 7 حزيران / يونيه 2017، أيدت محكمة النقض قرار المحكمة الجنائية دون أي حق للطعن في هذا الحكم الجائر،  واليوم تصرخ الأسر ببراءة أبنائها وتدعو السلطات إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام.

انتهاكات جسيمة منذ بداية الاعتقال إلى قرار المحكمة

اتبعت جميع الحالات نفس المنوال النمطي فقد اختطف كل الشبان على يد قوات الأمن الوطني، وعصبت أعينهم وضربوا وأبقوا رهن الاحتجاز السري خارج حماية القانون لفترات طويلة تراوحت بين أسابيع إلى عدة أشهر.  بعد القبض التعسفي عليهم، استفسرت أسرهم عن مكان وجودهم وأسباب اعتقالهم لكنها لم تتلق من جواب إلا نفي وصمت السلطات.

خلال فترة الاحتجاز السري - التي ترقى إلى حد الاختفاء القسري، وهي من أشد الجرائم خطورة بموجب القانون الدولي - تعرض الطلاب للتعذيب وأجبروا على التوقيع على تصريحات تجرمهم.  تم تعليقهم من أذرعهم لعدة أيام وتعرضوا وهم عراة للضرب الشديد والحرق بالسجائر والصعق بالكهرباء وأبلغ أحدهم عن تعرضه للاغتصاب بعصا.  ولم تتمكن الأسر من تحديد مكان تواجد أبنائها إلا بعد هذه الفترة وبصعوبة بالغة، وطلبت مساعدة محام.  وعلمت عائلة محمود البالغ من العمر 24 عاما ما حدث لابنها بعد اعتقاله على قناة وطنية عندما ظهر في شريط لوزارة الداخلية يعترف بارتكاب "أعمال إرهابية". كان يتأرجح من الخوف، وتبدو عليه علامات الإرهاق والذهول من الصدمة.  بعد مشاهدتها للخبر اتصلت العائلة بالسلطات لكن هذه الأخيرة ظلت ترفض الإبلاغ عن مصيره ومكان وجوده.

وعلى الرغم من أن الطلبة المتهمين نفوا اعترافاتهم أمام الهيئة القضائية وأطلعوها على الجروح التي لم تندمل وحروق السجائر التي لم تختف وغيرها من الانتهاكات التي تعرضوا لها، لكن القضاة في المحكمة الجنائية ومحكمة النقض تجاهلوا ادعاءاتهم وطلب فحصهم من طرف أطباء شرعيين. ونزع خالد البالغ من العمر 28 عاما قميصه ليطلع القاضي على العلامات البادية على ظهره، إلا أن هذا الأخير لم يتخذ أي إجراء.  وقرر قضاة في المحكمتين بناء قراراتهم وإصدار أحكامهم استنادا إلى اعترافات المتهمين كدليل وحيد، في انتهاك واضح لالتزامات مصر بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي انضمت مصر إليها منذ عام 1986.

وبالإضافة إلى الانتهاكات العديدة للحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك الحرمان من الحق في الحصول على المشورة القانونية، لم يُمَكّن المتهمون من استدعاء أي شاهد أو تقديم أي دليل على براءتهم. بينما العناصر الوحيدة التي تقدم بها الادعاء كانت الاعترافات المنتزعة بالإكراه أو تقارير الشرطة التي تصف الوقائع والتي أثبت محامي الدفاع أنها غير صحيحة.

" تقول خديجة نمار ، المسؤولة القانونية في مؤسسة الكرامة عن منطقة النيل وشمال إفريقيا "الروايات المروعة عن التعذيب التي أبلغ عنها الضحايا وأسرهم بالإضافة إلى الانتهاكات الصارخة لأهم الضمانات الأساسية لحق هؤلاء الطلاب في المحاكمة العادلة، تبين إفلات قوات الأمن التام من العقاب فضلا عن عدم استقلال القضاة". وتضيف "إذا تم تنفيذ العقوبات فان عمليات الإعدام ستكون تعسفية وتظهر مدى عدم احترام السلطات المصرية لحق مواطنيها".

أما المحامية داليا لطفي فقالت "في عام 2015، حثت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على وقف تنفيذ حكم الإعدام في الرجال الستة لأن محاكمتهم كانت غير عادلة، ووقف العمل بعقوبة الإعدام. وأضافت "إنه انتهاك خطير للميثاق الافريقي الذي صدقت عليه مصر في 1984". واليوم لازال الطلاب محتجزون في مواقع مختلفة في ظروف مزرية، محرومون من الرعاية الطبية ومن الزيارات العائلية للبعض منهم.

وعلى ضوء هذه الوقائع، وجهت الكرامة نيابة عن الأسر نداء عاجلا إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً والتمست منه حث السلطات المصرية على إلغاء أحكام الإعدام هذه والتحقيق في مزاعم التعذيب.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني  media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 0041227341008