مصالحة وطنية أم تقنين "اللا عقاب" في الجزائر
02 مارس 2006
مصالحة وطنية أم تقنين "اللا عقاب" في الجزائر:
الموقف من "المراسم الرئاسية المتضمنة تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية "
يوم الخميس 2 صفر 1427 / 2 مارس 2006
لقد كان الشعب الجزائري، وهو يصوت على مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، يحدوه أمل إنهاء المظالم التي طالته نتيجة انتكاس تجربة التعددية السياسية بتوقيف المسار الانتخابي في 1992 ومصادرة إرادة المجتمع وخياره الحر، و أمل تأمين المجتمع من أخطار الصراعات الداخلية، والأطماع الخارجية المتربصة به، ولحم وحدته الوطنية، وتمكينه من الشروط الموضوعية الضرورية لتقرير مصيره واسترجاع سيادته، الأمر الذي يضعه على طريق التنمية والنهضة الحضارية الحقيقية التي ضحى من أجلها ملايين الشهداء.
وإذا بالمراسم الرئاسية المتضمنة تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، تأتي لتفرغ مشروع المصالحة من أهم مضامينه الاجتماعية والسياسية والثقافية الأساسية، وتشحنه ببعض المفاهيم والتدابير التي حولته إلى مشروع لتقنين سياسة اللاعقاب واللاعدالة، فضلا عما وضعته النصوص الجديدة من تدابير قانونية تنتهك بشكل خطير حقوقا أساسية للإنسان الجزائري، وخاصة ما يتعلق منها بحق حرية التعبير، ومسئولية كشف الحقيقة، وواجب الإدلاء بالشهادة التاريخية لحماية الذاكرة التاريخية للأجيال، وحق التجمع، وحق الممارسة السياسية لجميع الجزائريين دون إقصاء.
لهذا ننبه إلى أن التدابير الجديدة لم ولن تصب في مسار إنهاء الأزمة، وإنما تعمل على تأجيلها، وربما تحضير أزمات اجتماعية أخرى أشد خطورة وأكثر أهوالا لا قدر الله. كما نؤكد مرة أخرى بأن المصالحة الحقيقية لا يصنعها منطق الغالب والمغلوب، وتجريم الضحية، وتقنين إخفاء الحقيقية، ومعاقبة من يسعى للكشف عنها، الذي يسيطر على لغة وروح هذه التدابير، التي يقف وراءها تفكير استئصالي واضح ومعروف لدى الشعب الجزائري الذي لا شك أنه قد أصيب بالصدمة.
من الواضح أن هذه النصوص جاءت بعد مخاض عسير وصراع مرير بين التيار الوطني التصالحي، الذي يريد التأسيس لشراكة جديدة بين الجزائريين لإدارة الشأن العام على أسس الاحترام المتبادل لمختلف التوجهات والرؤى والبرامج والقناعات السياسية والفكرية، وبين التيار الاستئصالي الذي يريد الهيمنة على مقدرات المجتمع، والسيطرة على دواليب الحكم بقوة الحديد والنار، ولا يعترف بأي شكل من أشكال الشراكة السياسية واحترام إرادة الشعب الجزائري في اختيار المشاريع والبرامج التي تعبر عن قناعاته وهويته الحضارية. إن هذه النصوص تُعد استمرار لسياسة الكل الأمني وهروبا إلى الأمام بعيدا عن الإرادة الصادقة في حل نهائي للأزمة الجزائرية.
إننا في هذا المقام نذكر بمبادئ المصالحة الوطنية الراشدة التي يتوق لها كل مواطن ومواطنة:
• الاعتراف بحق المواطنة غير المنقوص وغير المجزأ لجميع الجزائريين على قدم المساواة.
• استعادة الحقيقة وعدم التستر عن الجرائم والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في أي مستوى كانت. فالحقيقة يجب أن تكون للجميع، وفوق الجميع، ومن أجل الجميع، ومسئولية الجميع، وكلما أُغْتِيلَتِ الحقيقة أُغتيل الحق تبعا لها، وحل الزيف وعمت المظالم، وانعدمت الثقة، وتعمقت الهوة بين الحاكم والمحكوم.
• الاعتراف بحق التعبير عن الرأي وحق التجمع وحق الممارسة السياسية في ظل احترام القوانين السارية المفعول.
• احترام اختيار الشعب ودعم الحريات الفردية والجماعية وتكريس العدالة واستقلالية القضاء.
إننا ندعو جميع المخلصين لديننا و شعبنا و وطننا تحمل مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ. و نحن من جانبنا نعاهد شعبنا على تكثيف عملنا من أجل الحد من تأثير التيارات الطفيلية الاستئصالية المعادية لمبدأ حق الشعوب في الاختيار، والتي تراهن على الديمقراطية الشكلية التي تزيف إرادة الشعب، وذلك من أجل العمل الدءوب لترجيح التوازنات الوطنية الحالية للوصول بمسار المصالحة الوطنية إلى نهايته الصحيحة.
دعوتنا الصادقة لمصالحة وطنية حقيقية، وإيماننا بضرورتها وحتميتها، يجعلنا اليوم أكثر حرصا من ذي قبل على تحقيقها، المصالحة التي يجب أن تقوم على أساس عدم التجني على الحقيقة التاريخية، وعدم الإقصاء، كما يجب أن تقوم على أساس التحقيق المستقل حول كافة الجرائم المرتكبة في حق الشعب، وإنصاف المظلومين، وإجلاء الحقيقة كاملة في قضية المفقودين.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" (التوبة 105)
التوقيع:
أنور نصر الدين هدام
أحمد الزاوي
مرزوق خنشالي
رشيد زياني الشريف
الموقف من "المراسم الرئاسية المتضمنة تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية "
يوم الخميس 2 صفر 1427 / 2 مارس 2006
لقد كان الشعب الجزائري، وهو يصوت على مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، يحدوه أمل إنهاء المظالم التي طالته نتيجة انتكاس تجربة التعددية السياسية بتوقيف المسار الانتخابي في 1992 ومصادرة إرادة المجتمع وخياره الحر، و أمل تأمين المجتمع من أخطار الصراعات الداخلية، والأطماع الخارجية المتربصة به، ولحم وحدته الوطنية، وتمكينه من الشروط الموضوعية الضرورية لتقرير مصيره واسترجاع سيادته، الأمر الذي يضعه على طريق التنمية والنهضة الحضارية الحقيقية التي ضحى من أجلها ملايين الشهداء.
وإذا بالمراسم الرئاسية المتضمنة تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، تأتي لتفرغ مشروع المصالحة من أهم مضامينه الاجتماعية والسياسية والثقافية الأساسية، وتشحنه ببعض المفاهيم والتدابير التي حولته إلى مشروع لتقنين سياسة اللاعقاب واللاعدالة، فضلا عما وضعته النصوص الجديدة من تدابير قانونية تنتهك بشكل خطير حقوقا أساسية للإنسان الجزائري، وخاصة ما يتعلق منها بحق حرية التعبير، ومسئولية كشف الحقيقة، وواجب الإدلاء بالشهادة التاريخية لحماية الذاكرة التاريخية للأجيال، وحق التجمع، وحق الممارسة السياسية لجميع الجزائريين دون إقصاء.
لهذا ننبه إلى أن التدابير الجديدة لم ولن تصب في مسار إنهاء الأزمة، وإنما تعمل على تأجيلها، وربما تحضير أزمات اجتماعية أخرى أشد خطورة وأكثر أهوالا لا قدر الله. كما نؤكد مرة أخرى بأن المصالحة الحقيقية لا يصنعها منطق الغالب والمغلوب، وتجريم الضحية، وتقنين إخفاء الحقيقية، ومعاقبة من يسعى للكشف عنها، الذي يسيطر على لغة وروح هذه التدابير، التي يقف وراءها تفكير استئصالي واضح ومعروف لدى الشعب الجزائري الذي لا شك أنه قد أصيب بالصدمة.
من الواضح أن هذه النصوص جاءت بعد مخاض عسير وصراع مرير بين التيار الوطني التصالحي، الذي يريد التأسيس لشراكة جديدة بين الجزائريين لإدارة الشأن العام على أسس الاحترام المتبادل لمختلف التوجهات والرؤى والبرامج والقناعات السياسية والفكرية، وبين التيار الاستئصالي الذي يريد الهيمنة على مقدرات المجتمع، والسيطرة على دواليب الحكم بقوة الحديد والنار، ولا يعترف بأي شكل من أشكال الشراكة السياسية واحترام إرادة الشعب الجزائري في اختيار المشاريع والبرامج التي تعبر عن قناعاته وهويته الحضارية. إن هذه النصوص تُعد استمرار لسياسة الكل الأمني وهروبا إلى الأمام بعيدا عن الإرادة الصادقة في حل نهائي للأزمة الجزائرية.
إننا في هذا المقام نذكر بمبادئ المصالحة الوطنية الراشدة التي يتوق لها كل مواطن ومواطنة:
• الاعتراف بحق المواطنة غير المنقوص وغير المجزأ لجميع الجزائريين على قدم المساواة.
• استعادة الحقيقة وعدم التستر عن الجرائم والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في أي مستوى كانت. فالحقيقة يجب أن تكون للجميع، وفوق الجميع، ومن أجل الجميع، ومسئولية الجميع، وكلما أُغْتِيلَتِ الحقيقة أُغتيل الحق تبعا لها، وحل الزيف وعمت المظالم، وانعدمت الثقة، وتعمقت الهوة بين الحاكم والمحكوم.
• الاعتراف بحق التعبير عن الرأي وحق التجمع وحق الممارسة السياسية في ظل احترام القوانين السارية المفعول.
• احترام اختيار الشعب ودعم الحريات الفردية والجماعية وتكريس العدالة واستقلالية القضاء.
إننا ندعو جميع المخلصين لديننا و شعبنا و وطننا تحمل مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ. و نحن من جانبنا نعاهد شعبنا على تكثيف عملنا من أجل الحد من تأثير التيارات الطفيلية الاستئصالية المعادية لمبدأ حق الشعوب في الاختيار، والتي تراهن على الديمقراطية الشكلية التي تزيف إرادة الشعب، وذلك من أجل العمل الدءوب لترجيح التوازنات الوطنية الحالية للوصول بمسار المصالحة الوطنية إلى نهايته الصحيحة.
دعوتنا الصادقة لمصالحة وطنية حقيقية، وإيماننا بضرورتها وحتميتها، يجعلنا اليوم أكثر حرصا من ذي قبل على تحقيقها، المصالحة التي يجب أن تقوم على أساس عدم التجني على الحقيقة التاريخية، وعدم الإقصاء، كما يجب أن تقوم على أساس التحقيق المستقل حول كافة الجرائم المرتكبة في حق الشعب، وإنصاف المظلومين، وإجلاء الحقيقة كاملة في قضية المفقودين.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" (التوبة 105)
التوقيع:
أنور نصر الدين هدام
أحمد الزاوي
مرزوق خنشالي
رشيد زياني الشريف