تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

وأخيرا، في يوم 2 أيار / مايو 2008 أطلق سراح سامي الحاج مصور الجزيرة، وقد وصل،مقيد اليدين،  إلى مطار الخرطوم على متن طائرة أمريكية وسُلِم إلى السلطات السودانية التي قامت فور ذلك بنقله إلى مستشفى الأمل حيث أجرى هناك أولى مقابلة صحفية رغم أثار الوهن التي كانت بادية عليه. وكان قد ألقي عليه القبض في 15 كانون الأول / ديسمبر 2001 على الحدود الباكستانية، ليعتقل بعد ذلك في معسكر خليج غوانتانامو أين بقي أسيرا إلى حد طلاق سراحه.

وصرحت السلطات الأمريكية أنها لا تعتبر سامي الحاج مفرجا عنه بل أن الأمر لا يعدو كونه "عملية تسليم إلى الحكومة السودانية" في نظرها، وهي بذلك تواصل رمي سامي الحاج بتهمة العلاقة بالإرهاب رغم أنها لم توجه له أبدا  أي تهمة ولم تحاكمه منذ إيقافه إلى يومنا هذا. أما وزير العدل السوداني، فقد صرح من جانبه أن " سامي الحاج شخص حر ولن يتم توقيفه ولن توجه له أي تهمة".

السيد سامي محيي الدين الحاج من مواليد 15 شباط /فبراير 1969 بالخرطوم ( السودان) وهو متزوج وأب لطفل واحد، والساكن بالدوحة ( قطر) حيث يشتغل مساعد مصور بقناة "الجزيرة"، وفي إطار نشاطاته المهنية أوفدته "الجزيرة" إلى باكستان وأفغانستان من أحل تغطية الأحداث المرتبطة آنذاك بالحرب الأمريكية ضد أفغانستان، مباشرة عقب الهجمات الإرهابية لـ 11 أيلول 2001.

وفي 15 كانون الأول /ديسمبر 2001، توجه صحبة صحفي آخر، السيد عبد الحق سداح، الذي يعمل بنفس القناة، إلى المركز الحدودي "شمان" الفاصل بين باكستان وأفغانستان، أين ألقت مصالح الاستخبارات الباكستانية القبض عليه عند مراقبة جواز سفره ثم اعتقلته سرا بإحدى قواعدها طيلة 23 يوما.

وفي تاريخ 27 كانون الثاني / يناير، نُقل إلى مدينة كويتا حيث ُسلم إلى السلطات الأمريكية التي قامت بدورها بنقله إلى القاعدة العسكرية ببغرام، القريبة من كابول، حيث بقي معتقلا سرا طيلة 16 يوما، تعرض خلالها لأشد أصناف التعذيب على أيدي عناصر الجيش الأمريكي.

وفي 23 كانون الثاني / يناير 2002، تم نقله من جديد إلى قاعدة عسكرية أخرى بقندهار حيث ظل معتقلا في نفس الظروف ودون أن توجه له أي تهمة، وذلك إلى غاية الثالث عشر من شهر حزيران / يونيو من نفس السنة.

وفي ذلك التاريخ، نُقل من جديد، هذه المرة عن طريق الجو، صحبة عشرات من السجناء الآخرين، إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في غوانتانامو بكوبا، في ظروف لا إنسانية تحط من كرامة البشر.

وضل معتقلا بهذه القاعدة في ظروف يرثى لها وفقا لما وصفه العديد من النزلاء السابقين بنفس القاعدة والذين أفرج عنهم. واستنادا إلى شهاداته التي أدلى بها إلى محاميته، السيدة كليف ستافورد سميس، فقد خضع السيد سامي الحاج إلى ما لا يقل عن 130 استجوابا وتعرض خلالها لأخطر أصناف التعذيب، منها على وجه الخصوص حرمانه من النوم لفترات متتالية وطويلة كما حرم من حقه في العلاج ومورست عليه شتى أنواع التعذيب النفسي.

ولم توجه إليه أبدا أي تهمة قانونية، كما أنه لم يتمكن، شأنه في ذلك شأن جميع معتقلي غوانتانمو، من ممارسة حقه في الطعن في شرعية اعتقاله أمام هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة.

ومنذ أكثر من عام، باشر سامي الحاج إضرابا عن الطعام للاحتجاج على الوضعية التي يوجد فيها، إذ يستحيل عليه من الناحية القانونية ممارسة حقه في الطعن في شرعية احتجازه. وللإشارة فقد تم إطعامه خلال تلك الفترة بالقوة عن طريق أنبوب معوي، وهي معاملة تشكل بدورها نوعا من أنواع التعذيب، و ازدادت حالته الصحية سوءا، خاصة بسبب إصابته بسرطان الحنجرة التي لم تعالج معالجة سليمة.

وكانت الكرامة تقدمت بشكوى في الغرض لدى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي و كاتبت المقرر الخاص المعني بالتعذيب يوم 29 تشرين الثاني / نوفمبر 2007، تلتمس منهما التدخل العاجل لدى سلطات الولايات المتحدة من أجل وضع حد لهذه الوضعية.