اليمن: انطلاق حملة كرامة إنسان لمناصرة معتقلي "غوانتانامو" و"باغرام"

DSC04650لا تزال مراكز الاحتجاز الامريكية في "غوانتانامو" بكوبا "وباغرام" أفغانستان تمثلان حالة صارخة من انتكاسة حقوق الإنسان في العالم منذ نشأتهما مطلع العام 2002، في وقتٍ تنظر إليها عشرات العائلات اليمنية التي تحدثت إلى منظمة الكرامة بوصفها رمزاً للظلم والغطرسة الأمريكية، حيث تنتظر بفارغ الصبر، على مدى 12 سنة، عودة ذويها المحتجزين خلف قضبان هذه المعتقلات سيئة الصيت.


وتعيش أكثر من 94 عائلة يمنية مرارة الإحباط والقهر بسبب غياب أبنائها قسراً خلف قضبان "غوانتانامو" و"باغرام"، دون أن تحرز حكومة هذا البلد الأكثر فقراً في منطقة الخليج العربي، أيّ تقدم ملموس في استعادة رعاياها الذين يمثلون الرقم الأكبر من بين الجنسيات الأخرى للمعتقلين القابعين هناك.
وتزداد المعاناة أكثر كلما أفادت الأنباء القادمة من خلف أسوار هذه المعتقلات عن حلقة جديدة من التعذيب وسوء المعاملة يتعرض لها المعتقلون، على غرار الإجراءات العقابية الأخيرة غير المبررة التي اتخذتها سلطات الاحتجاز في "غوانتانامو"، ودفعت حوالي 130 معتقلاً من أصل 166 معتقلاً إلى الدخول في إضراب عن الطعام بدؤوه مطلع فبراير/ شباط الماضي، ولا يزال مستمراً حتى اللحظة.
ومع ذلك تحاول عائلات المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" و"باغرام"، بذل ما في وسعها للتذكير بهذه المأساة والإبقاء عليها حاضرةً في أذهان المسؤولين اليمنيين، من خلال العديد من التحركات التي تساندها فيها ناشطون في حقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية.
في هذا السياق، كانت منظمة الكرامة في اليمن، شاركت مع مئات الناشطين من منظمات حقوقية وأهالي معتقلي "غوانتانامو" و"باغرام"، في تنظيم وقفة احتجاجية أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بصنعاء، الثلاثاء 16 أبري/ نيسان 2013، تضامناً مع المعتقلين اليمنيين في السجون الأمريكية، وللمطالبة بإطلاق سراحهم، وإغلاق هذه المعتقلات الأمريكية سيئة السمعة.
وفي الوقفة التي شهدت حضوراً لافتاً، ارتدى عشرات الناشطين وأهالي المعتقلين الملابس البرتقالية، شبيهة بتلك التي يرتديها المعتقلون في قاعدة "غوانتانامو" بكوبا، كما رفعوا صوراً للمعتقلين ولافتات تطالب بإغلاق هذا المعتقل، وردد المحتجون هتافات منددة بالصمت الدولي إزاء هذه المأساة التي مضى عليها أكثر من 11 عاماً.
وكانت العديد من المنظمات الحقوقية دعت إلى هذه الوقفة، من بينها: الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود"، ومنظمة الكرامة لحقوق الإنسان، ومنظمة حلف الفضول للحقوق والحريات، والاتحاد اليمني للإنقاذ، ومنظمة سواسية، ومنظمة صحفيات بلاقيود، وغيرها.
وقالت تلك المنظمات إن الوقفة تأتي في إطار حملة حقوقية لمناصرة قضية معتقلي "غواناتنامو"، أطلق عليها (كرامة إنسان)، وستستمر هذه الحملة حتى إطلاق كافة المعتقلين اليمنيين في السجون الأمريكية. وفي ختام الوقفة أصدرت تلك المنظمات بياناً مقتضباً، سلمت نسخة منه إلى مندوب السفارة الأمريكية، أكد من خلاله أهالي أسرى "غونتانامو" و"باغرام" ونشطاء حقوق الإنسان المتضامنون على ضرورة إغلاق هذه المعتقلات.
وجاء في البيان: "للعام الثاني عشر تستمر معاناة أسرى المعتقلات الأمريكية في غوانتانامو وباغرام، وإنه لمن العار استمرار هذه السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية للتنكيل بهؤلاء الأسرى الأبرياء الذين أخرجتهم من القرن الواحد والعشرين إلى قرون ماقبل الحضارة البشرية حيث لا أخلاق تقوم ولا قانون يردع".
وأضاف البيان: "تعلمون أن غالبية الأسرى في سجن غوانتانامو يدخلون الأسبوع التاسع من إضرابهم عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقالهم وعلى المعاملة السيئة التي يلاقونها في المعتقلات والتي تنطوي على إهانة لكرامة الإنسان ومقدساته".
وختم البيان بالقول: "لقد آن لهذه المعتقلات أن تغلق ولهذه السياسة أن تعترف بفشلها حيث تنبني على غير أساس من حق أو عدالة، وبالعدل قامت السماوات والأرض".
وتأتي هذه التحركات في وقت أصدرت مجموعة عمل مستقلة، تقريرا ندد بممارسات الاستجواب التي كانت متبعة في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، مؤكداً بأن أكبر المسؤولين الأميركيين يتحملون المسؤولية النهائية عن استخدام التعذيب على نحو لا يقبل الجدل. وحثت المجموعة الرئيس باراك أوباما على إغلاق معسكر الاعتقال في "غوانتانامو" بنهاية العام 2014.
وأعدت المجموعة المكونة من 11 عضوا شكلها مركز أبحاث المشروع الدستوري، واحدة من أكثر الدراسات شمولا عن المعاملة الأميركية للمشتبه في تورطهم في الإرهاب. وتقع الدراسة في 577 صفحة. وتوصل التقرير إلى أنه لم يوجد في أي وقت من قبل على الإطلاق ذلك "النوع من المباحثات المدروسة والتفصيلية التي جرت بعد 11 سبتمبر (أيلول) مباشرة والتي شملت الرئيس وكبار مستشاريه بشأن حكمة وملاءمة وقانونية إيقاع الألم والتعذيب ببعض المحتجزين في معتقلاتنا"، وقال إنه "لا جدال في أن الولايات المتحدة متورطة في ممارسة التعذيب".
وكانت المجموعة قد أمضت عامين في دراسة معاملة الولايات المتحدة للمعتقلين الذين احتجزوا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وأجرت مقابلات مع مسؤولين سابقين من إدارات بيل كلينتون وجورج بوش وأوباما ومسؤولين عسكريين وسجناء سابقين، كما بحثت في عدد لا يحصى من الوثائق العلنية.
ووصفت المجموعة احتجاز السجناء لأجل غير محدد في "غوانتانامو" بالمقيت وغير المقبول، مؤكدة أنه يجب أن ينتهي مع مغادرة القوات الأميركية أفغانستان العام المقبل. كما أوصت بمحاكمة سجناء غوانتانامو -وعددهم 166- في محاكم مدنية أو عسكرية، أو إعادتهم إلى أوطانهم، أو نقلهم إلى دول لن تعذبهم، أو نقلهم إلى سجون أميركية.
وخلص التقرير إلى أنه لا جدال في أن الولايات المتحدة مارست التعذيب باستخدام أساليب استجواب تنتهك القوانين الأميركية والدولية. وحث الحكومة الأميركية على إعلان أكبر قدر ممكن من المعلومات السرية للمساعدة في فهم الأخطاء وتحسين الأداء.
وسلط اشتباك بين الحراس والنزلاء في غوانتانامو قبل أيام، ونشر روايات مروعة من سجناء عن التغذية القسرية لمضربين عن الطعام، الضوء بقوة على محنة المعتقلين الذين يحتجز كثيرون منهم بدون اتهامات أو محاكمة منذ أكثر من عقد.
وكانت منظمة الكرامة عملت خلال السنوات الماضية بشكل وثيق مع الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود" في اليمن، على تحريك قضية المعتقلين اليمنيين في "غوانتانامو" و"باغرام"، من خلال العديد من التحركات والاتصالات مع الجانب الحكومي اليمني، في مسعى لإنهاء هذه المعاناة.
وفي السياق ذاته، راسلت الكرامة الإجراءات الأممية المعنية بحقوق الإنسان بشأن العديد من ضحايا "غوانتانامو"، من مختلف الجنسيات العربية، ومن بين هؤلاء السجين اليمني أمين محمد البكري المحتجز في "باغرام"، منذ ديسمبر 2002، حيث رفعت الكرامة مذكرتين بشأن السيد البكري إلى الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، بتاريخ 5 يوليو 2006 ثم في 7 فبراير2007، وقد أصدر الفريق الأممي القرار رقم 11/2007 بتاريخ 11 مارس 2007 يؤكد فيه أن اعتقال البكري يعد تعسفيا، وطالب السلطات الأمريكية بإطلاق سراحه.
إن منظمة الكرامة إذ تجدد نداءها إلى السلطات الأمريكية بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لا زالوا يتواجدون في معتقلاتها بباغرام وغوانتانامو، فإنها تحث السلطات اليمنية على اتخاذ خطوات جادة لاستعادة رعاياه المحتجزين في السجون الأمريكية، كما تحث على أخذ التدابير اللازمة لمعالجة قضاياهم وفق ما تتطلبه المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

DSC04768.jpg

DSC04709.jpgDSC04819.jpg