العراق: السلطات لم تنفذ التوصيات الملحة الصادرة عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

.

بعد استعراضها الخامس للعراق، قامت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في كانون الأول/ديسمبر 2015، بإصدار أربع توصيات ذات أولوية، ودعت السلطات إلى تنفيذها في غضون سنة واحدة.

تحث التوصيات سلطات العراق على التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في سياق النزاع المسلح الجاري، بما فيها وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وحظر التعذيب وإساءة المعاملة. ومن شأن تنفيذ هذه التوصيات أن يكفل الامتثال للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدق عليه العراق في عام 1971.

وبما أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ستستعرض تنفيذ التوصيات خلال إحدى دوراتها القادمة، قدمت الكرامة تقرير متابعة في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2017، يسلط الضوء على حقيقة أن هذه القضايا ذات الأولوية لم يتم معالجتها خلال العامين الماضيين.

الانتهاكات المرتكبة باسم مكافحة الإرهاب

أثار العراق في تقرير المتابعة الحكومي الانتباه إلى الجرائم التي ارتكبتها الدولة الإسلامية، لكنها لم تتطرق إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش العراقي والميليشيات التي ترعاها الدولة في سياق النزاع المسلح الجاري بين تنظيم داعش والحكومة المركزية.

ومن بين الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية ووحدات الحشد الشعبي، وهو تنظيم مؤلف من 67 من الميليشيات المجندة إلى جانب الجيش العراقي، عمليات قتل خارج نطاق القضاء وتعذيب وممارسة واسعة النطاق ومنتظمة للاختفاء القسري ضد الأشخاص المشتبه في ارتباطهم المزعوم  بداعش.

ومنذ عام 2014، قدمت الكرامة ما يقرب من 100 حالة اختفاء قسري في العراق إلى اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري. ويشير تقرير المتابعة الحكومي أنه "لا وجود لحالات الإفلات من العقاب في العراق إذا تكاملت أركان الجريمة" دون تقديم مزيد من المعلومات عن التحقيقات التي يدعى أنها أجريت.

علاوة على ذلك وخلافا لما تدعي، لا تقوم الحكومة العراقية بتقديم المساعدات الإنسانية "دون تمييز" للسكان النازحين فرارا من الاشتباكات بين القوات الحكومية وداعش.

وقد تلقت الكرامة شهادات عديدة في عام 2016 تفيد بإعدامات خارج نطاق القضاء في حق مدنيين سُنة فروا من مدينة الفلوجة المحاصرة بحجة أنهم يدعمون داعش، بينما احتُجز آخرون لـ "تحدید تورطھم مع داعش"، وأفاد هؤلاء بأنھم تعرضوا للتعذیب الشدید. ولوحظت نفس السلوكات النمطية خلال هجوم القوات الحكومية لاستعادة الموصل من داعش بين حزيران/يونيو 2016 وتموز/يوليو 2017. وتشكل هذه الممارسات جريمة ضد الإنسانية على النحو المحدد في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

عقوبة الإعدام بعد محاكمات غير عادلة

لم يتطرق تقرير المتابعة الحكومي إلى التدابير التي اتخذتها السلطات لتنفيذ التوصية المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام. ويطبق قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005، الذي يتضمن تعريفا واسعا للإرهاب، عقوبة الإعدام على الأشخاص المدانين بارتكاب أعمال إرهابية أو التهديد بارتكابها، وتم في 25 سبتمبر/أيلول 2017، إعدام 42 شخصا بتهم "إرهابية".

أشارت الكرامة في تقريرها إلى أن معظم السجناء الذين أعدموا في العراق أدينوا على أساس قانون مكافحة الإرهاب. وتصدر أحكام الإعدام من قبل المحكمة الجنائية المركزية في العراق، وهي هيئة قضائية اشتهرت بافتقارها للحياد والاستقلالية، وتأخذ بانتظام بالاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كدليل.

التعذيب من طرف السلطات العراقية

وفيما يتعلق بمسألة التعذيب، أوصت اللجنة الأممية حكومة العراق باتخاذ عدد من التدابير للقضاء على هذه الممارسة إلا أنها لم تقم بعد بتجريم التعذيب في القانون الجنائي العراقي.  وعلاوة على ذلك، فإن التقرير الحكومي لا يشير إلى التزام السلطات بإجراء تحقيقات سريعة وشاملة ونزيهة في جميع ادعاءات التعذيب وحالات الوفاة أثناء الاحتجاز.

وتلاحظ الكرامة أن تقديم الشكاوى إلى السلطات المختصة من طرف أقارب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، المتعلقة أساسا بمزاعم التعرض للتعذيب والوفيات المريبة أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري، لا تؤدي مطلقا إلى فتح تحقيق.

وفي السنوات الأخيرة، تلقت الكرامة بشكل متواصل شهادات عن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة على يد أجهزة الأمن العراقية أو الميليشيات التابعة للدولة، مما يشير إلى أن التعذيب منهجي وواسع الانتشار.

وعلى سبيل المثال، ألقي القبض على صالح الدليمي، مدرس يبلغ من العمر 47 عاما، في عام 2015 وحكم عليه بالإعدام من قبل المحكمة الجنائية المركزية بعد محاكمة شابتها الكثير من الخروقات. وأدين في 12 مايو/أيار 2016، على أساس اعترافات تجرمه أجبر على التوقيع عليها تحت التعذيب أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي طيلة ثلاثة أشهر.

ورغم أن السلطات العراقية تدعي أن القانون العراقي يحرم جميع أنواع التعذيب وأنه لا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه، إلا أنه من الناحية العملية تعطي المحاكم العراقية وزنا كبيرا للاعترافات عند تقييمها للأدلة.

وستواصل الكرامة رصد تنفيذ توصيات اللجنة الأممية خلال العام القادم، حيث من المتوقع أن يقدم العراق تقريره الدوري السادس إلى اللجنة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 0041227341007