الاستعراض الدوري الشامل: تقرير الكرامة الموازي إلى مجلس حقوق الإنسان يكشف عن التدهور الخطير لحقوق الإنسان في مصر منذعام 2014

.

رفعت الكرامة في 28 مارس 2019 تقريرها الموازي إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة استعدادا للاستعراض الدوري الشامل المقرر عقده في نوفمبر 2019. تجرى هذه العملية كل أربع إلى خمس سنوات وتقوم خلالها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتقييم سجلات حقوق الإنسان لبعضها البعض وتقديم توصيات بناءً على المبادئ المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تدعى المنظمات غير الحكومية قبل الاستعراض لتقديم معلومات يمكن الرجوع إليها من قبل أي من الدول المشاركة في الحوار التفاعلي. وفي هذا الإطار قامت الكرامة في تقريرها بتقييم مدى تنفيذ مصر للتوصيات التي قبلت بها خلال الاستعراض السابق، وتطرقت للتدهور الكبير لحقوق الإنسان في البلاد منذ 2014.

يركز تقرير الكرامة على الممارسة المنهجية للاعتقال التعسفي والتعذيب، ويسلط الضوء على تفشي جريمة الاختفاء القسري، وأيضا على قانون مكافحة الإرهاب المبهم والمعيب لعام 2015 الذي شرع للقمع المنهجي لنشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين السلميين. وأخيرًا ، أثارت الكرامة مخاوفها بشأن استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة لقمع الأصوات المعارضة والأشخاص الذين يمارسون حقهم الأساسي في حرية التعبير.

عدم التصديق على صكوك حقوق الإنسان الأساسية والانتقام من المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

أعربت الكرامة في تقريرها عن قلقها إزاء تخلف مصر عن التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والبروتوكولات الاختيارية للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تسمح بتقديم الشكاوى الفردية إلى الإنسان لجنة الحقوق وإلغاء عقوبة الإعدام. ولم تصادق مصر أيضًا على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب المتعلقة بإنشاء آلية وقائية وطنية، ولا على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وعلاوة على ذلك، نبه التقرير إلى الترهيب و الأعمال الانتقامية التي تمارسها الحكومة ضد النشطاء والصحفيين والمحامين والأفراد الذين يتعاونون مع خبراء الأمم المتحدة.

عقوبة الإعدام والقتل خارج نطاق القضاء

أبرز التقرير أيضًا الانتهاك الجسيم لحق المواطنين المصريين في الحياة. وأشارت الكرامة إلى أن عقوبة الإعدام تُستخدم في قمع المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. وقامت الكرامة بتوثيق العديد من أحكام الإعدام والإعدامات بإجراءات موجزة إثر محاكمات معيبة تم خلالها القبول بالاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة. كما أعربت الكرامة عن مخاوفها بشأن أكثر من 1500 من الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام والذين ينتظرون حاليًا التنفيذ.

وأثار التقرير مسألة عمليات القتل خارج نطاق القضاء التي تمارسها القوات الحكومية ضد المتظاهرين السلميين أو عقب عمليات الاختفاء القسري التي ترتكب في بيئة الإفلات التام من العقاب.

تعدد حالات الاختفاء القسري

يثير التقرير مخاوف بشأن تعدد حالات الاختفاء القسري منذ عام 2015، حيث قدمت الكرامة عشرات الحالات إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري التابع للأمم المتحدة. وتهم هذه الحالات الأفراد الذين اختطفتهم قوات الأمن واحتجزتهم في السر، ثم مثلوا أمام المحاكم  وآثار التعذيب بادية على أجسامهم، بعد تغيير تواريخ احتجازهم للتغطية على اختفائهم القسري. في حين عثر على أفراد آخرين مقتولين أثناء "عمليات مكافحة الإرهاب"، بينما كانوا قد اختفوا قسريًا.

وعلى الرغم من المخاوف التي أثارها فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري  بشأن الطبيعة المنهجية والواسعة  لهذه الممارسة في مصر، إلا أن الحكومة متمادية في إنكارها. وبالتالي، فإن التحقيقات لا تُفتح أبداً ولم يُحاسب مرتكبو هذه الجرائم على الإطلاق.

ممارسة منهجية للتعذيب والاحتجاز التعسفي

ولفت تقرير الكرامة انتباه مجلس حقوق الإنسان إلى الطابع المنهجي لممارسة التعذيب والاحتجاز التعسفي التي تستخدم في قمع المعارضين السلميين وإسكات أي شخص يدعو إلى إصلاحات أو يتطرق إلى انتهاكات حقوق الإنسان.

تنفي مصر ممارسة التعذيب على نطاق واسع ومنهجي، ولم تنفذ أيا من التوصيات الصادرة في عام 2017 عن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بعد تحقيقها السري. كما تقاعست مصر عن تنفيذ توصيات الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة، والذي أصدر العديد من القرارات التي تطالب بالإفراج الفوري عن عشرات الأفراد المحتجزين تعسفياً.

تشريعات "منع" التظاهر ومكافحة الإرهاب والمنظمات غير الحكومية

منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير في عام 2014، تبنت مصر العديد من القوانين التي تنتهك بشدة حقوق مواطنيها. منها قانون التظاهر الذي يمنع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات من خلال فرض قيود صارمة كنظام الإخطار المصمم لإعاقة تنظيم المظاهرات، فضلاً عن السلطة الواسعة الممنوحة للسلطة التنفيذية لتعليق وإلغاء أو تأجيل الاحتجاجات، بينما يبيح هذا القانون للأجهزة الأمنية استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.

ثم هناك قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي فرض قيودًا صارمة على عمل المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية في مصر، والذي يلزمها بالحصول على الموافقة الرسمية لنشر أي دراسة أو نتائج بشأن مصر. وأخيرًا قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015 والذي تستخدم أحكامه المبهمة والفضفاضة لقمع المعارضة السلمية.

توصيات

قدمت الكرامة في تقريرها 24 توصية، منها دعوة للتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري  ، و البروتوكول الاختيـاري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، و  البروتوكول الاختياري الأول و البروتوكول الاختياري الثاني  للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، ونظام روما الأساسي، وتسهيل عمل الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، وتقديم التقارير المتأخرة إلى الهيئات المنشأة بمعاهدات. وعلاوة على ذلك، أوصت الكرامة بإلغاء عقوبة الإعدام وبالحظر المطلق للتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، وفتح تحقيقات في جميع الحالات التي يتم التبليغ عنها. وأخيرًا ، دعت الكرامة حكومة مصر إلى تعديل تشريعاتها الخاصة بمكافحة الإرهاب  والتظاهر والمنظمات غير الحكومية التي تنتهك بشدة حق المواطنين المصريين في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.