مصر: السلطات تواجه المطالب السلمية للعمال بالمحاكمات العسكرية الجائرة

قررت المحكمة العسكرية المصرية تأجيل النظر في قضية ثمانية عمّال بشركة حلوان للصناعات الهندسية إلى الأربعاء القادم، رداً على مطالب سلمية كانوا أعلنوا عنها في وقت سابق.
وبدأت المحكمة العسكرية بمدينة نصر، وهي إحدى المحاكم الاستثنائية التي تشكلها الحكومة المصرية عادةً لقمع معارضيها، أولى جلساتها، الأحد 22 أغسطس/آب 2010، لمحاكمة كل من: ( محمد طارق سيد - هشام فاروق عيد - طارق سيد محمود -أيمن طاهر - احمد طاهر - وائل بيومي محمد - احمد محمد عبد المهيمن - علي نبيل علي )، وجميعهم يعلمون بشركة حلوان للصناعات الهندسية- 99 الحربي سابقًا.

وجاء في قرار الإحالة، اتهام العمال بإتلاف ممتلكات داخل المصنع بقيمة 162 ألف جنيه، والامتناع عمدا عن العمل، ما أدى إلى أضرار قدرت بمليون و300 ألف جنيه، والتعدي بالضرب على اللواء محمد أمين، وفقاً للاصابات الواردة في التقرير الطبي.

كما وُجّه للسيد طارق سيد، علاوةً على التهم الثلاث السابقة، تهمة إفشاء أسرار عسكرية وقيامه بالاتصال بموقع اخوان اون لاين (أحد المواقع الالكترونية المعارضة)، وإخبارهم بمعلومات تمس أمن المصنع.
ورفضت المحكمة العسكرية طلب هيئة الدفاع الحصول على نسخة من قرار الإحالة وأجل طويل للإطلاع، تحت زعم أن التهم تتضمن إفشاء أسرار عسكرية.

وتأتي هذه الخطوة بعد قيام إدارة الشركة الأسبوع الماضي بإحالة ما يقرب من 25 عاملا للتحقيق أمام الهيئة القومية للإنتاج الحربي، تقرر بعدها إحالة الـ 8 عمال إلى النيابة العسكرية، وذلك على خلفية احتجاجات عمَّالية شهدها المصنع، عقب مصرع أحد العمال في العشر الأوائل من أغسطس/ آب الجاري؛ نتيجة انفجار إسطوانة نيتروجين بالشركة، وصدر قرار بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وأعيد عرضهم على النيابة مرةً أخرى، حيث قررت استمرار حبسهم.

وكان من المقرر عرض أمر تجديد حبسهم على النيابة السبت 21 أغسطس/ آب، إلا أنه تمَّ إرسالهم برفقة الأوراق إلى المحكمة العسكرية؛ لإعلانهم بقرار الإحالة للمحاكمة، وإخطار بتحديد أول جلسة لنظر القضية.
في هذه الأثناء، تستنكر الكرامة إحالة العمال إلى محاكم عسكرية، وتعرب عن أسفها لمواجهة المطالب السلمية بالقمع والمحاكمات "الجائرة"، وتشير في هذا السياق إلى تصنيف منظمة العمل الدولية التي كانت وضعت الحكومة المصرية في وقت سابق ضمن أسوأ 25 دولةً تنتهك حقوق العمال، وطالبت بخطة لتحسين أوضاعهم وعدم انتهاك حقوقهم، غير أن الحكومة المصرية ردت على ذلك بإحالة عدد من عمال مصر إلى محاكمة عسكرية ردا على احتجاجهم السلمي الذي يكفله القانون والدستور المصري.

ويشار إلى أن علاقات العمل في مصانع الإنتاج الحربي يحكمها قانون العمل ولائحة العمل بالمصانع الحربية، وقد استقرت الأوضاع القانونية في مصر بشأن عمال الانتاج الحربي أن نزاعات علاقات العمل بها يجب أن تنظر أمام القضاء العادي، وليس القضاء العسكري، فالطبيعة المدنية لعلاقات العمل داخل هذه المصانع لا تسقط عنها لكون الأرض عسكرية.

وتلفت الكرامة النظر إلى أن الاتفاقيات الدولية تلزم الدول عدم إنشاء نقابات في المؤسسات العسكرية والشرطية، لذا فعلاقات العمل في مصانع الإنتاج الحربي في مصر تسير وفق القانون المدني وقانون العمل وقانون النقابات العمالية، وجميعها تكفل للعمال حقهم في إنشاء لجان نقابية، وهو ما أتاح لهم تأسيس النقابة العامة للعاملين بالانتاج الحربي، ومقرها في 90 شارع الجلاء بالقاهرة، وتعد إحدى النقابات المنضوية في إطار الإتحاد العام لنقابات عمال مصر غير العسكري.

وتطالب الكرامة الحكومة المصرية بمراجعة قرارها المتعسف بحقوق العمال، مع التحذير من مغبة الاستمرار في إحالة المدنيين إلى محاكمات عسكرية، بعد أن صارت مظهراً أساسياً من مظاهر حكم الرئيس الحالي حسني مبارك، الحاكم في البلاد منذ 28 عاماً، وجزءاً من سياسة نظامه الذي لم يتوقف عن انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان في البلاد، خاصة ما يتعلق بقمع المعارضين السياسيين كمثل السياسي خيرت الشاطر ورجال الأعمال حسن مالك والصحفي مجدي حسين وحرمانهم من أبسط حقوقهم، حتى الحق في محاكمات عادلة أو المثول أمام قاض طبيعي.

وتعرب الكرامة عن خشيتها من التعرض للعمال بالإيذاء البدني والنفسي، في ظل القرار الجائر بالمحاكمة لإجبارهم على الإدلاء باعترافات تخالف مسار التحقيقات، خاصة وأنهم لا يزالون تحت قبضة الأجهزة الأمنية المعروفة بسجلها الحافل في انتهاكات حقوق الإنسان.
 
لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341007