مصر: أحداث رابعة جريمة ضد الإنسانية

.

وجهت الكرامة في 11 أكتوبر شكوى إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالقتل خارج نطاق القضاء بشأن قتل 985 متظاهرا من قبل قوات الجيش والأمن وذلك خلال محاولة السلطات فك اعتصام ساحة رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013 . وأشارت أن قوات الجيش والشرطة استعملت الرصاص الحي وأطلقت النار بشكل عشوائي ومكثف بهدف القتل، دون أن تكون هناك تهديدات مباشرة من قبل المعتصمين.

وأضافت الكرامة في مذكرتها أن حقوق الإنسان تدهورت بشكل خطير منذ الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي 3 يوليو 2013، مذكرة أنها وجهت نداءات عاجلة إلى المقرر الخاص المعني بالقتل خارج نطاق القضاء في 9 و 14 و 18 يوليو و 14 أغسطس 2013 وناشدته بمطالبة السلطات المصرية بالكف عن تلك الانتهاكات. و كانت الحكومة المصرية قد صرحت في 31 يوليو لوزارة الداخلية باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لفك الاعتصام بذريعة مكافحتها للإرهاب.

وأطلقت السلطات الأمنية هجومها على اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013 في حدود الساعة 7 صباحا ثلاث جهات مختلفة للساحة مستعملة القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي إضافة إلى طائرات هيلكوبتر التي كانت تحلق على ارتفاع منخفض، وتركت للمعتصمين حسب زعمها ممرا واحدا لكي يخرج منه الذين يودون الخروج من الاعتصام وترك الساحة . لكن وحسب شهادات الأطباء الذين كانوا يعالجون الضحايا ويستقبلون القتلى في المستشفيات الميدانية، وأيضا ممثلي المنظمات غير الحكومية الذين كانوا متواجدين في عين المكان فإن بعض الذين حاولوا الفرار عبر هذا الممر جرى إطلاق النار عليهم في ظهورهم من قبل قناصة كانوا متمركزين على السطوح. واستمر اطلاق الرصاص هذا اليوم لغاية 5 بعد الظهر.

واستعملت السلطات الأمنية وسائل أخرى تخرق أيضا كل المواصفات المتعارف عليها في تفريق المظاهرات كالجارفات، وتشير الكرامة أنها تلقت العديد من الشهادات التي تصف الهجوم، وكانت الحصيلة النهائية أكثر من 1000 قتيل لم يتم التعرف على عدد كبير منهم إما لأنهم لا يحملون وثائقهم، أو لأن جثتهم تفحمت بشكل كبير لم يعد يسمح بتحديد هويتهم.

وأكدت الكرامة في تقريرها أن أحداث رابعة في 14 أغسطس جريمة ضد الإنسانية وتندرج في سلسلة الجرائم ضد الإنسانية التي كانت مصر مسرحا لها والتي ارتكبت إثر الانقلاب العسكري الذي جرى في 3 يوليو 2013. ووجهت الكرامة في اليوم التالي لأحداث رابعة الدامية رسالة إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان وطالبتها بإحالة أحداث مصر المأساوية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضحت الكرامة أن نظام روما الأساسي يعرف الجرائم ضد الإنسانية في مادته السابعة بأنها أفعال كالقتل التعذيب...إلخ " متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين , وعن علم بالهجوم". ومن هذا المنطق اعتبرت الكرامة أن الهجوم كان مقصودا ضد مدنيين ينتمون لمجموعة سياسية محددة مناهضة للانقلاب، وأن العمليات امتدت طيلة الثلاثة أشهر التي تلت الانقلاب ولا زالت مستمرة إلى الآن. وأشارت أنها رفعت شكوى في 9 يوليو 2013 بشأن عمليات القتل الجماعي في مرسى مطروح والإسماعيلية والعريش والإسكندرية والقاهرة. وفي 6 أغسطس رفعت نداءا عاجلا عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء في كل من القاهرة والإسكندرية. مضيفة أن عدد القتلى كان كبيرا وان أحداث رابعة في 14 أغسطس 2013 خلفت لوحدها أكثر من 1000 قتيل إضافة إلى آلاف المعتقلين.

وأشارت الكرامة أن القتل في أغلب الحالات كان متعمدا ومقصودا واستهدف المعارضين للانقلاب العسكري الذين اعتصموا بساحة رابعة. ولا يمكن للسلطات الحاكمة للبلاد أن تقول أنها تعاملت مع المظاهرات طبقا للقانون الدولي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتذرع مرتكبو هذه الجرائم بأي قانون محلي لتبرير مسؤولياتهم والتملص منها.

وأوضحت الكرامة أن السلطات المصرية صرحت بأنها فتحت تحقيقا في الأحداث المذكورة في هذا التقرير، لكن الغريب أنها لم تستدع أيا من أعضاء الفرق الطبية التي كانت متواجدة بعين المكان،أو الشهود أو عائلات الضحايا للأخذ بشهاداتهم. وطالبت المقرر الخاص المعني بالقتل خارج نطاق القضاء بالتدخل لدى السلطات المصرية وتذكيرها بالتزامتها الدولية. وحثها على التحقيق في الأحداث بفعالية و سرعة ودقة ونزاهة واتخاذ إجراءات عند الاقتضاء وفقا للقانون الدولي ضد مرتكبي الانتهاكات الجسيمة، وأن توفر للضحايا سبل انتصاف بالوصول إلى العدالة، وجبر ما لحق بالضحايا من ضرر وفقا لما ورد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المصادق عليه في في 16 ديسمبر 2006، والمتعلق بالمبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي حيث جاء في فقرته الثامنة: " يتعين أن يتاح لضحية انتهاك جسيم للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي الوصول على نحو متساو إلى أحد سبل الانتصاف القضائية الفعالة، وفقا لما ينص عليه القانون الدولي.

كما طالبته بالتدخل لدى السلطات المصرية وتذكيرها بالتزام الدول حسب القانون الدولي بمتابعة كل المسؤولين عن جرائم دولية، وفي الحالة هذه جريمة ضد الإنسانية. وعلى السلطات المصرية أن تعلم أن الجرائم ضد الإنسانية تعتبر من الجرائم الجسيمة ويمكن متابعة المسؤولين عنها في جميع الدول التي سنت أحكاما بشأن الولاية القضائية العالمية فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية.