تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
بعثة تقصي الحقائق في ليبيا

أعربت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا عن قلقها العميق إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد، وخَلُصَتْ إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بارتكاب الدولة والقوات الأمنية والميليشيات المسلحة مجموعةً واسعةً من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وتطرقت البعثة إلى العديد من القضايا محل اهتمام الكرامة، بخاصة ما يتعلق بالاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب وغيرها.

وقالت البعثة في تقريرها النهائي إنها وجدتْ أن سلطات الدولة والكيانات التابعة لها، بما في ذلك جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والقوات المسلحة العربية الليبية، وجهاز الأمن الداخلي، وجهاز دعم الاستقرار، بالإضافة إلى قياداتها، قد شاركت مراراً وتكراراً في الانتهاكات والتجاوزات.

وكانت الكرامة وثقت العديد من الانتهاكات وراسلت بشأنها الآليات المعنية التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك البعثة الأممية.

وأظهرتْ تحقيقات البعثة العديد من حالات الاعتقال التعسفي والقتل والاغتصاب والاسترقاق والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. وذكرتْ البعثة امتناع جميع الناجين الذين قابلتهم تقريبًا عن تقديم شكاوى رسمية خوفًا من الانتقام والاعتقال والابتزاز، ونظرًا لانعدام الثقة في نظام العدالة .

وأفادت البعثة بتعرض المحتجزين بانتظام للتعذيب والسجن الانفرادي، كما منعوا من الاتصال بالعالم الخارجي، وحُرموا من المياه، والطعام، والمراحيض، والمرافق الصحية، والإنارة، والتمرين، والرعاية الطبية، والاستشارة القانونية، والتواصل مع أفراد الأسرة.

وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة إلى أن العدد الرسمي للمحتجزين يبلغ 18523، في حين أن الأدلة التي جمعتها البعثة رجّحت أن يكون العدد الفعلي للأفراد المحتجزين تعسفياً أعلى من ذلك بكثير.

وقال رئيس البعثة، محمد أوجار: "هناك حاجة ملحة للمساءلة لإنهاء هذا الإفلات من العقاب المتفشي. ونحن ندعو السلطات الليبية إلى وضع خطة عمل لحقوق الإنسان وخارطة طريق شاملة تركز على الضحايا لتحقيق العدالة الانتقالية دون تأخير، ومحاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان".

في وقت سابق، كانت الكرامة سلطت الضوء على جرائم ارتكبتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدعم من حكومات عربية، وبين الفينة والأخرى تشهد ليبيا عمليات اغتيال تطول قادة ميدانيين في قوات حفتر مطلوبين للجنايات الدولية على خلفية ضلوعهم في جرائم حرب، بينها إعدامات ميدانية بحق المدنيين، وهو الأمر الذي عبرت الكرامة عن خشيتها من أن يكون جزءا من مخطط لتصفية شهود الإثبات ضد كبار المجرمين المطلوبين للعدالة، وداعميهم الإقليميين والدوليين.

وفي هذا السياق، راسلت الكرامة عددا من الهيئات الأممية المعنية بملف ليبيا، وخصوصا بعثة تقصي الحقائق، تدعوها إلى التحقيق في هذه الاغتيالات والكشف عن ملابساتها.

يذكر أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنشأ بعثة تقصي الحقائق في يونيو/ حزيران 2020 للتحقيق في انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي ترتكبها جميع الأطراف منذ بداية العام 2016، بهدف منع المزيد من التدهور في حالة حقوق الإنسان وضمان المساءلة.