تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

في 14 مارس 2019، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رسمياً النتائج الختامية للاستعراض الدوري الشامل للمملكة العربية السعودية المنعقد في 5 نوفمبر 2018.

والاستعراض الدوري الشامل عملية تجرى كل أربع إلى خمس سنوات، تقوم بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتقييم سجلات حقوق الإنسان وتوجيه توصيات لبعضها البعض بناءً على المبادئ المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتقوم الدول قيد الاستعراض بالنظر في التوصيات المقدمة لها وتخبر مجلس حقوق الإنسان بتلك التي "قبلت بها"  أو "رفضتها" أو "أخذت بها علما".

تلقت المملكة العربية السعودية إجمالا 258 توصية بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك عقوبة الإعدام وممارسة التعذيب والانتهاكات في سياق مكافحة الإرهاب والحق في حرية التعبير ونظام وصاية الذكور واغتيال جمال خاشقجي.

عقوبة الإعدام

توصلت السعودية بأكثر من 20 توصية تتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام. رفضت السلطات جميع الدعوات لإلغاء عقوبة الإعدام أو فرض وقف اختياري في انتظار إلغائها، إلا أنها قبلت جزئيًا التوصيات المقدمة بشأن حظر عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم التي يرتكبها القُصَّر الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا إضافة إلى توصية قدمتها ألمانيا تتعلق بتقييد عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم.

التعذيب والانتهاكات في سياق مكافحة الإرهاب

قبلت السلطات السعودية جزئياً التوصيات التي تقدمت بها إستونيا والجبل الأسود لإلغاء القوانين التي تسمح بالرجم وبتر الأطراف وجلد الأطفال وإلغاء جميع أشكال العقوبة البدنية. والمثير للدهشة أن البلاد قبلت توصيتين بتبني خطوات إضافية لمنع التعذيب والمعاملة المهينة في السجون وتنفيذ إصلاحات قانونية لمنع الاحتجاز السري إلى أجل غير مسمى. كما قبلت عددًا من التوصيات المقدمة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مثل توصية النرويج بضمان امتثال تشريعات البلاد لمكافحة الإرهاب للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مراجعة التعريف الواسع للإرهاب وعدم جعله قابلاً للتطبيق على أشكال التعبير غير العنيفة. وصرحت الدولة الطرف أن قوانينها تمثتل بالفعل للمعايير الدولية مشيرة أن الاحتجاز السري غير موجود في البلاد، مما يطرح الشكوك بشأن التزامها الحقيقي بتنفيذ هذه التوصيات. علاوة على ذلك، تعرب الكرامة عن قلقها لرفض السعودية توصية من كندا بشأن إلغاء أحكام قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017 التي تدعو إلى الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.

الحق في حرية التعبير وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان

تلقت السعودية أكثر من 30 توصية بشأن حماية الحريات المدنية، كحرية الرأي وحرية التجمع السلمي ونشاط حقوق الإنسان. قبلت السلطات غالبية التوصيات في هذا الصدد مؤكدة أنها نفذتها بالفعل وأن حرية التعبير وتكوين الجمعيات مكفولة بموجب الإطار القانوني السعودي وأن النشاط السلمي غير مجرم. أعربت الكرامة عن انزعاجها من هذه التصريحات وأوضحت أنها لا تعكس الواقع. فمنذ أن أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد تشهد البلاد حملة صارمة على حرية التعبير. وأطلقت السلطات في سبتمبر 2017 حملة اعتقالات جماعية استهدفت أفرادا من جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان ورجال الأعمال والعلماء وأعضاء من العائلة المالكة. علاوة على ذلك، رفضت السلطات توصية من بلجيكا بتعديل قانون الجمعيات والمؤسسات لجعله مطابقًا تمامًا للقانون والمعايير الدولية. كما رفضت توصيتين قدمتهما أيسلندا وألمانيا تدعوان إلى إطلاق سراح المدافعات عن حقوق الإنسان.

نظام وصاية الذكور

واتخذت السعودية موقفا مشابهًا فيما يتعلق بحقوق المرأة وإلغاء نظام الوصاية الذكورية. إذ قبلت جميع التوصيات المقدمة بشأن ضمان المساواة للمرأة في القانون وإلغاء نظام الوصاية الذكورية، لكنها شددت على أن قوانين البلاد تأخذ في الاعتبار مبدأ المساواة وحماية المرأة من سيطرة الرجل.

مقتل جمال خاشقجي

قبلت السعودية ببعض التوصيات بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكنها رفضت توصية أيسلندا بدعوة فريق من الخبراء الدوليين للمشاركة في التحقيق في مقتل جمال خاشقجي بناءً على طلب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وتقديم الدعم الكامل لهذا الفريق، بما في ذلك الوصول الكامل إلى الأدلة والشهود. ولم تسمح السلطات السعودية لمقررة الأمم المتحدة الخاص المعنية بالإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، آجنيس كالامارد، التي تقود التحقيقات الدولية في مقتل خاشقجي بالوصول إلى أراضيها.

الخطوات المقبلة

تلقت المملكة العربية السعودية ما مجموعه 258 توصية من 96 دولة عضوا في الأمم المتحدة، قبلت بـ 186 و رفضت 76. ويوجد أمام سلطات المملكة أربع سنوات لتنفيذ تعهداتها. وبينما سترصد الكرامة عن كثب تنفيذ هذه التوصيات، تقع على عاتق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مسؤولية التأكد من أن السعودية لم تقدم وعودا فارغة بل ستنفذ الالتزامات التي تعهدت بها خلال هذا الاستعراض الدوري الشامل لتحسين حقوق الإنسان على أرض الواقع.