إسرائيل: الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان " ليست موضوعا للتأويل الذاتي"

قامت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، خلال دورتها 122 التي انعقدت 20 أكتوبر 2014 بجنيف، بفحص التقرير الدوري الرابع لإسرائيل. واللجنة هيئة مشكلة من خبراء مستقلين تعمل على رصد تنفيذ الدول الأطراف للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . كل الدول الأطراف في العهد ملزمة بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة عن كيفية تفعيل الحقوق، على أن تقدم تقريراً أولياً بعد سنة من انضمامها، ثم تقارير كل أربع سنوات تقوم اللجنة بمراجعتها وموافاة الدولة المعنية بملاحظاتها وتوصياتها الختامية.

رغم أن اللجنة لن تقدم ملاحظاتها الختامية وتوصياتها إلا في 31 أكتوبر 2014، إلا أنه كان جليا خلال الاستعراض أن إسرائيل لا تلتزم بالعهد، حيث صرح رئيس اللجنة سير نايجل غودلي قبل اختتام الجلسة "العهد ليس موضوعا للتأويل الذاتي من قبل كل دولة".

دارت أسئلة اللجنة لإسرائيل حول عمليتها العسكرية الأخيرة "الجرف الصامد"، وتطبيق أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خارج أراضيها (بالأراضي الفلسطينة المحتلة) وحصار غزة، والاستعمال المفرط للقوة، وهدمها للمساكن، وسياسة الاستيطان، وممارستها للاعتقال الإداري، وبشكل عام عدم تطبيقها للحق في الحرية والأمان وأمن الأفراد المنصوص عليها في الفقرة 9 من العهد؛ " لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه".

وتطرقت اللجنة أيضا إلى مسألة معاملة السجناء وممارسة التعذيب المحظورة في الفقرة 7 " لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة"، إضافة إلى أسئلة أخرى مرتبطة بطالبي اللجوء، وموضوع البدو، وقضاء الأحداث، والمساواة بين الجنسين، والحق في الماء والموارد الطبيعية ...

حاول الوفد الإسرائيلي طمأنة خبراء الأمم المتحدة، الذين عبروا بشكل خاص عن قلقهم إزاء مسألة التعذيب، موضحا أن اللجوء إلى "الضغط البدني المعتدل" أثناء التحقيق لا يرقى إلى مستوى التعذيب والمعاملة المهينة. لكن اللجنة أثارت حالات التعذيب العديدة التي رفعتها المنظمات الحقوقية غير الحكومية، والعيوب الهيكلية التي تؤدي لممارسة التعذيب، بما في ذلك القصور في تعريف جريمة التعذيب في القانون الجنائي الإسرائيلي. وذكرت اللجنة بأن اللجوء إلى التعذيب تحت ذريعة "الدفاع عن النفس" أو "الضرورة" أمر يتعارض مع القانون الدولي، وانتقدت تذرع إسرائيل بالوضع الأمني للسماح بمثل هذه الممارسات.

على الرغم من تأكيد إسرائيل على ضمانها لمحاكمات عادلة وحسن معاملة المعتقلين، أعربت اللجنة عن انشغالها من ممارسة السلطات الواسعة للاعتقال الإداري، وبشكل خاص الاحتجاز بمعزل عن العالم لمدة تتجاوز 15 يوما (إجراء يمكن تمديده إلى ما لا نهاية)، وهي فترة لا يسمح فيها للمعتقلين بتوكيل محامين من اختيارهم، أو منعهم من الاطلاع على ملفاتهم. وتطرقت اللجنة إلى الاعتقال الذي طال أزيد من 700 طفل من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية والشرطة خلال السنة الماضية، موضحة أن التعديلات التشريعية التي قامت بها السلطات تحت الضغط الدولي كرفع سن الرشد من 16 إلى 18 سنة، تبقى غير كافية.

ونبهت إلى الاستعمال المفرط للقوة من قبل القوات الإسرائيلية، وبشكل خاص من قبل قوات الدفاع أثناء المظاهرات أو الاحتجاجات على عملية "الجرف الصامد"، أو خلال تخليد ذكرى النكبة الفلسطينية. وقدمت مثالا بـ مقتل مراهقين (كانا لا يشكلان أي تهديد أمني) أمام سجن عوفر برام الله، خلال تخليد ذكرى النكبة الأخير، لتسليط الضوء على تزايد استعمال الذخيرة الحية مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين السلميين.

وتطرق الحوار بين اللجنة وإسرائيل في الأخير لمسألة انطباق مبادئ العهد خارج حدودها، (الأمر تسانده معظم الدول وتعارضه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) مما يحرم سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة من التمتع بحقوقهم المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد. وأوضحت إسرائيل أن القانون الدولي لا ينطبق اثناء النزاعات المسلحة، وهو ما ردت عليه اللجنة بأنه "قرار فريد وأحادي الجانب من طرف دولة طرف". وأشار مقرر اللجنة "فلنترمان" إلى أن إسرائيل برفضها لانطباق العهد خارج أراضيها أو أثناء النزاعات المسلحة "تحرم ملايين الأفراد الذين تمارس عليهم سيطرة فعلية من التمتع بحقوق الإنسان".

ونبه رئيس اللجنة سير نايجل رودلي في ملاحظاته الختامية إلى أن إسرائيل تجنبت الرد على العديد من الأسئلة، سواء في ردودها الكتابية أو أثناء الحوار. وشجعت اللجنة الوفد الإسرائيلي على تقديم كل المعلومات الناقصة في تقريرها القادم.

وقال سير رودلي قبل اختتام الجلسة ""العهد ليس موضوعا للتأويل الذاتي من قبل كل دولة". وستقدم اللجنة ملاحظاتها الختامية في 31 أكتوبر 2014، وأيضا توصياتها التي على إسرائيل تفعيلها.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو الاتصال مباشرة على الرقم 0041227341007