لا تزال مأساة عائلة الحدّاد الفلسطينية اللاجئة في اليمن مستمرة منذ رحّلتها السلطات السعودية قسرا عام 2007، حيث أقدمت قوات الأمن اليمنية أخيراً على اعتقال جميع أفراد العائلة واقتادتهم إلى السجن المركزي بالعاصمة صنعاء، دون إجراءات قانونية، وقد أطلقت سراح بعضهم بعد أسبوع، بينما تستمر في احتجاز الأب السيد عمر عيد نمر الحدّاد، وابنه محمود 20 سنة، رغم أوامر النائب العام اليمني بالإفراج عنهما.
وأُلقي القبض على أفراد عائلة السيد الحدّاد، للمرة الأخيرة، بتأريخ 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2012، عندما أقدمت قوات تابعة لوزارة الداخلية اليمنية على اقتحام خيمة صغيرة اتخذتها العائلة مأوى لها، أمام مكتب رئاسة الجمهورية في العاصمة صنعاء، حيث اقتيد الجميع، بينهم أطفال ونساء إلى السجن المركزي، غير أنه أفرج عن الأم وأطفالها البالغ عددهم 7 بعد ذلك بأسبوع، بينما ظل الأب عمر الحداد، وابنه محمود قيد الاحتجاز دون قضية.
وقال المدير القانوني للكرامة في جنيف المحامي رشيد مصلي، "إن هذا الاعتقال ليس الأول من نوعه تتعرض له هذه العائلة التي أُغلقت في وجهها كل العواصم العربية منذ ترحيلها قسرياً من السعودية عام 2007"، معتبراً بأن "الإجراءات التي طالت السيد عمر الحدّاد وعائلته في اليمن منذ ذلك التاريخ تعدُّ انتهاكاً واضحاً لحقوقه المكفولة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة، بما في ذلك اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين والبروتوكول الإضافي اللذين اعتمدتهما هيئات الأمم المتحدة وصادقت عليهما اليمن في العام 1980".
وطالب مصلي السلطات اليمنية بوضع حدٍّ لمسلسل الانتهاكات التي تطال السيد الحدّاد وعائلته والتحقيق في الانتهاكات السابقة، مع ضمان كافة حقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والإسراع في معالجة قضيتهم وفقاً لذلك.
وتعود بداية المأساة إلى العام 2007، عندما أقدمت السلطات السعودية على طرد السيد عمر الحدّاد وعائلته من المملكة، ومصادرة تصاريح إقامتهم، وذلك على خلفية مطالبة السيد الحدّاد، المولود في مدينة الطائف السعودية، بمستحقات مالية لدى أحد الأمراء السعوديين، كان الحدّاد يعمل لديه موظفاً منذ سنوات، وتتهم أسرة الحدّاد السلطات السعودية بالوقوف وراء كل ما يحدث لها من اعتداءات منذ لجوئها إلى اليمن.
وتقول الأسرة إنها تحمل جوازات سفر بريطانية، صادرتها أجهزة الأمن اليمنية، ويعاني السيد عمر الحدّاد من مشاكل صحية عديدة، بحسب إفادة الأسرة، ويخشى أن تتضاعف داخل السجن، وعلى الرغم من أوامر النائب العام اليمني ووكيل نيابة السجن المركزي بإطلاق سراح الحدّاد وابنه، التي تؤكد عدم مشروعية احتجازهما، إلا أن استمرار بقاءهما خلف القضبان يقدم مؤشراً خطيراً على غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة اليمنية في تحسين حالة حقوق الإنسان في البلد.
وفي وقت سابق، أُلقي القبض على أفراد عائلة الحدّاد، في أغسطس/ آب 2011، بتهمة الإقامة غير الشرعية. وفي أكتوبر/ تشرين أول 2011، أُبلغت الأسرة من طرف مسؤول أمني يمني بأنه غير مرغوب في بقائها على الأراضي اليمنية، على وعد بترحيلها إلى بريطانيا، حيث نقل أفراد عائلة الحدّاد إلى مطار صنعاء، وهناك لم تتمكن من السفر، بل تعرض بعض أفرادها للاعتداء بالضرب من قبل عناصر أمنية في المطار، وصودرت منها جوازات السفر.
حينها، عادت أسرة الحدّاد أدراجها من مطار صنعاء، لتجد نفسها رهينة التشرد دون مأوى، فاختارت الشارع مأوى لها، ونصبت خيمة صغيرة أمام مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصنعاء على مقربة من مقر وزارة حقوق الإنسان اليمنية، حيث رفعت لافتات احتجاجية ضد الحكومة السعودية، وبدت عائلة الحدّاد، التي زارها ممثل الكرامة حينها، وباشر جملة من إجراءات المناصرة محلياً، في حالة إنسانية ومعيشية يرثى لها، في ذات الوقت كانت مفوضية اللاجئين تقوم بدورها في مراسلة العديد من الجهات الحكومية اليمنية بهذا الشأن، على اعتبار أن السيد عمر الحدّاد حاصل على تسجيل لجوء لدى المفوضية برقم (677-08-105).
يشار إلى أن عائلة الحدّاد تعرضت لسلسة من الاعتداء والاعتقالات التعسفية والمحاكمات، حيث ألقي القبض على الأب واثنين من أبنائه، يبلغ أحدها 9 سنوات والآخر 14 عاما، من داخل منزل العائلة بتاريخ 2 يونيو/ حزيران 2010، ثم اقتيدوا تحت الضرب والتعذيب، إلى مركز الاعتقال التابع لجهاز مكافحة الإرهاب بالداخلية اليمنية. وقد وجهت الكرامة، حينها، شكوى عاجلة إلى المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، طلبت منه التدخل لدى السلطات اليمنية، بشأن هذه القضية، غير أنه لم يفرج عن السيد الحدّاد إلا بعد 6 أسابيع من الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة، ولكن مع حظر سفره إلى خارج اليمن، وتوجيه اتهامات ضده تتعلق بمقاومته الجنود أثناء اعتقاله، وتهديده مسؤولين في السفارة السعودية بصنعاء، وهي اتهامات جرت تبرئته منها لاحقاً، كما تقول الأسرة.
لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341008