
وكانت سلطات الأمن والمخابرات اليمنية شنت حملة اعتقالات واسعة النطاق بسبب الأحداث التي هزت محافظة صعدة منذ العام 2004م، ودارت خلالها جولات عدة من الحرب بين الدولة وأتباع رجل الدين الشيعي "حسين بدر الدين الحوثي"، الذي أعلن التمرد عن الدولة، وقتل على يد الجيش في سبتمبر 2004، ثم توقفت تلك الحرب بإعلان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح انتهاءها في يوليو 2008م، وأعلن عفواً عاماً بعد أن خلفت هذه الأحداث المأسوية مئات القتلى والجرحى، كما أصدر توجيهاته للأجهزة الأمنية بالإفراج عن المعتقلين الذين لم تتم إدانتهم بجرائم جنائية..
وشهدت العاصمة صنعاء خلال الأسابيع والأشهر الماضية سلسلة من الاعتصامات والفعاليات السلمية لعائلات المعتقلين وذويهم، شاركت فيها منظمة الكرامة إلى جانب أكثر من (14) منظمة حقوقية ومدنية للضغط على الحكومة اليمنية ومطالبتها الوفاء بالتزاماتها لجهة تطبيق الدستور والقانون اليمني وتعهداتها الدولية في التعامل مع قضية المعتقلين تعسفياً على ذمة أحداث حرب صعدة.
وطالبت المنظمات الحكومة اتباع الإجراءات القانونية في حق مواطنيها هؤلاء بالإفراج عنهم فوراً أو تقديم أيٍّ منهم للمحاكمة في حال ثبتت ضده تهمة معينة، حيث أسفرت تلك الفعاليات والاعتصامات عن إطلاق سراح (24) معتقلاً فقط خلال الشهرين الماضيين، حصلت الكرامة على قائمة بأسمائهم، بعد أن أمضوا في السجون سنوات بدون محاكمة، فيما لايزال أكثر من (37) آخرين قيد الاحتجاز التعسفي في العاصمة صنعاء وحدها، طبقاً لإحصائيات حصلت عليها الكرامة من منظمات حقوقية يمنية، فضلاً عن عشرات المعتقلين في محافظات أخرى، بعضهم خضعوا لمحاكمة أمام قاضي بتهمة الانتماء/ أو تقديم الدعم لجماعة "الحوثي" المتمردة في صعدة، بينما السواد الأعظم منهم معتقلون منذ سنوات بصورة تعسفية.
وتمثلت الفعاليات السلمية التي شاركت فيها الكرامة لمناصرة قضايا المعتقلين على ذمة صعدة في تنظيم الاعتصامات أمام مجلسي النواب "البرلمان" والوزراء، والدوائر الحكومية الأخرى، وتوجيه الرسائل للحكومة والجهات الأمنية، وإقامة المؤتمرات الصحفية، ومعارض الصور، حيث شهدت تلك الفعاليات حضوراً بارزاً لوسائل الإعلام، ونواباً في "البرلمان" اليمني، ورفع المعتصمون خلالها لافتات وصور عشرات المعتقلين والمختفين قسريا في سجون أجهزة المخابرات اليمنية (الأمن السياسي) و(الأمن القومي)..
وتتواصل تلك الفعاليات بصورة دائمة، حيث نظمت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية، المعنية بملف المعتقلين على خلفية أحداث صعدة، في التاسع من مارس الجاري 2009 مؤتمرا صحفيا لعائلات المعتقلين، كما أقامت بالتنسيق مع هذه العائلات معرض صور رسمها أطفال المعتقلين، عبرت في مجملها بصورة مؤثرة عن معاناتهم النفسية جراء غياب آبائهم وذويهم.
وتنظر منظمة الكرامة بقلق بالغ حيال تعاطي الحكومة اليمنية مع قضية المعتقلين تعسفياً على ذمة أحداث صعدة، نظراً للمعاناة الكبيرة التي تعيشها عائلات هؤلاء المعتقلين على المستويين المعيشي والنفسي، في الوقت الذي تعكف المنظمة جدياً على إعداد عشرات الحالات تمهيداً لتقديمها إلى آليات الأمم المتحدة، بعد أن كانت الكرامة تدخلت في وقت سابق لدى المقرر الخاص بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة بالعديد من حالات الانتهاك التي تعرض لها مواطنون يمنيون على ذمة أحداث صعدة، بينهم ناشطون حقوقيون وسياسيون.