وبعد أن يئسوا من أيجاد حل لوضعيتهم الشاذة وانسداد الأبواب في وجوههم، لم يجد المعتقلون أمامهم إلا الاعتصام لإسماع صوتهم. إلا أن السلطات وبدلا من الاستجابة لمطالبهم المشروعة المتمثلة في إطلاق سراحهم وعلاج المرضى منهم، حشدت لهم قواتها. ولتبرر استعمال القوة استدعت بعضا من أهالي المعتقلين وطلبت منهم إقناع أقاربهم بفك الاعتصام، ومدتهم بعد انتهاء الزيارة بوثيقة يقرون فيها أنهم فشلوا في ذلك. إلا أنهم رفضوا التوقيع على الوثيقة واعتبروا أنها ضوء أخضر للهجوم على المعتصمين.
وحين لم تنطل الحيلة على أقارب المعتقلين شنت قوات التدخل هجوما عنيفا استعملت فيه القابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية والصواعق الكهربائية والهراوات والرصاص الحي، واستعادت السيطرة على مختلف مرافق السجن مخلفة العديد من الجرحى في حالة خطيرة، وهناك أخبار تتحدث عن وجود وفيات في صفوف المعتقلين.
واجتمع أقارب المعتقلين يوم الإثنين 13 أغسطس أمام سجن الحائر وهم قلقون على مصائر ذويهم، وطالبوا بالسماح لهم برؤيتهم للاطمئنان عليهم، إلا أنهم تعرضوا للطرد. ويوم الثلاثاء 14 أغسطس، توصلت أسر المعتقلين إما عبر اتصال هاتفي أو برسائل اقصيرة باستدعاء من السلطات لزيارة أقاربهم. وتقاطرت الأسر على سجن الحائر منذ التاسعة صباحا، وسمح لمجموعة صغيرة فقط بولوج باحة السجن الداخلية ليضلوا هناك في الحرارة وهم صيام لغاية الحادية عشر ليلا دون أن يسمح لهم بالزيارة. وعندما رفضوا الانسحاب فرقتهم قوات التدخل دونما تفريق بين النساء والرجال، الشيوخ والأطفال، بل أسقطوا امرأة مقعدة من كرسيها المتحرك، وفي اتصال مع أحدهم قال:" أنا الآن في بيتي أضمد جراحي" . ومن جديد توصل الأهالي باستدعاءات هاتفية أو رسائل قصيرة للحضور يوم الأربعاء ليلاقوا نفس معاملة اليوم السابق.
أمام تعنت السلطات والتعتيم حول الأوضاع داخل السجن، اتصل العديد منهم ، الأمهات والآباء والإخوان والأخوات والأبناء يستنجدون بالكرامة. وصرح رجل قائلا" اثنان من أبنائي وابن أخي وابن عمي قضوا مابين خمسة وعشر سنوات دون أية إجراءات قانونية". بينما أشارت أخرى "زوجي مريض بالسرطان ولا أعلم ما مصيره الآن". وصرخت أخت أحدهم باكية "دفنوهم أحياء ضيعوا أحلى سنوات عمرهم... منعوهم من التعليم ...منعوهم من الزواج....منعوهم بكل بساطة من الحياة". وقالت أخرى ترملت وثكلت وزوجي وأبنائي أحياء ....إن هذا يتنافي مع الشرع والقانون وحتى مع قانون الغاب. إنهم ينتقمون منا لأن ذوينا طالبوا بحقوقهم". أما الأب المكلوم فقال: "اعتقل ابني وهو دون الخامسة عشرة مضى على دخوله السجن عشر سنوات، ومنعت من رؤيته منذ أربع سنوات، أخاف أن لا أتعرف عليه إن رأيته".
وتشير الكرامة أن ما يجري في سجن الحائر ما هو إلا نموذج لما يجري في بقية سجون المملكة التي فاضت بنزلائها، فلم يستثن الاعتقال النساء والرجال ولا حتى الأطفال، لترهيب كل من تسول له نفسه أن يفتح فمه بانتقاد أو ملاحظة.