السعودية: الكرامة تثير 72 مسألة لطرحها على المملكة خلال استعراضها أمام لجنة مناهضة التعذيب

.

في 27 يوليو 2015، قدمت الكرامة إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب – هيئة تتألف من 10 خبراء مستقلين يتولون متابعة تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو العقوبة من قبل الدول الأعضاء فيها- قائمة من 72 مسألة يرتقب طرحها من قبل خبراء الأمم المتحدة على السلطات السعودية خلال نظرهم الاستعراض الثاني للمملكة العربية السعودية الذي سيتم خلال الدورة الـ57 للجنة مناهضة التعذيب في 2016.

وقد أشارت الكرامة في مساهمتها بهذه المناسبة أن المملكة العربية السعودية هي دولة ملكية بدون دستور رسمي أو قانون جنائي، حيث ترتكز كل السلطات بين أيدي السلطة التنفيذية، خاصة الملك. وقد أعربت الكرامة عن قلقها البالغ بشأن العديد من حالات التعذيب التي ما فتئت تتوصل بها بعد أن اعتمدت سلطات البلاد في يناير 2014 قانون مكافحة الإرهاب المفرط في قمعه والمطبق على نطاق واسع، والذي نتج عنه زيادة حالات ممارسة انتزاع الاعترافات تحت التعذيب في القضايا المتصلة بالأمن القومي.

وبعد النظر في تقارير المنظمات غير الحكومية وتقرير الدولة، ستعتمد لجنة مناهضة التعذيب قائمة المسائل المتضمنة للمواضيع المزمع التطرق إليها خلال عملية استعراض البلاد. وفي هذا الصدد قالت خديجة نمار، المسؤولة القانونية عن منطقة الخليج بمؤسسة الكرامة "من المهم جدا بالنسبة لنا المساهمة في قائمة المسائل، لأنها فرصة لوضع الدول الأطراف في الاتفاقية أمام مسؤولياتها ومحاسبتها من قبل اللجنة، وضمان عدم ممارسة التعذيب في أقاليمها" وتضيف "يمكن لمنظمات المجتمع المدني المحلي إتباع هذا الإجراء لإطلاع خبراء الأمم المتحدة على المواضيع التي تهمهم بشأن سياسات بلدهم وممارساتها، لكي يطلبوا بدورهم من الدولة معالجتها".

تعريف وتجريم التعذيب

لا يحدد التشريع السعودي تعريفا للتعذيب وفقا لاتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 1 *. تنص بنود التشريع الوحيد الذي يحظر التعذيب على "عدم جواز تعريض الشخص المقبوض عليه لأي أذى جسدي أو معنوي. كما لا يجوز إخضاعه لأي تعذيب أوللمعاملة حاطة بالكرامة". ويعتبر هذا التشريع غير كاف لتجريم التعذيب، لأنه لا يعرف التعذيب ولا ينص على أية عقوبة يجب تطبيقها بخصوص هذه الجريمة أو على مختلف سبل المشاركة فيها (التواطؤ أو التحريض أو الأمر بارتكاب) الجريمة. ونتيجة لذلك، استفسرت الكرامة الدولة الطرف حول الخطوات التي اتخذتها لاعتماد تعريف للتعذيب يتوافق مع اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 1؛ وتجريم التعذيب وإنزال العقوبة المناسبة بحق الجناة، ويشمل مختلف سبل المشاركة في الجريمة ضمن قانونها الوطني.

التعذيب أثناء الاعتقال

تلقت الكرامة على مدى السنوات الـ 10 الماضية، المئات من حالات إلقاء القبض والاعتقالات التعسفية تتبعها عمليات التعذيب على أيدي قوات المخابرات العامة ("المباحث")، المسؤولة عن التحقيق في الجرائم "ذات الصلة بالأمن"، من خلال قيام هذا الجهاز بالقبض على المتهمين دون أمر قضائي واقتيادهم إلى أماكن مجهولة حيث يتم احتجازهم في الحبس الانفرادي، غالبا بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة، يتعرضون خلالها للتعذيب. وفي ضوء هذه الحالات، استفسرت الكرامة السعودية "عن طبيعة التدابير المتخذة لمنع ارتكاب التعذيب من قبل جهاز المباحث " (قوات المخابرات العامة)؟"
العقاب البدني
كما تعرب الكرامة عن قلقها إزاء استخدام العقاب البدني، سواء كعقوبة عقب محاكمات جائرة أو بصفتها وسيلة تأديبية داخل السجن، وقد تم بالفعل الحكم بعقوبة الجلد ضد أفراد متابعين بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير، مثل المدوّن السعودي رائف بدوي، الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات وألف جلدة بتهمة "إهانة الإسلام من خلال القنوات الإلكترونية". وتظهر شهادات المعتقلين ومقاطع الفيديو المسربة خارج السجون أن هذه الممارسة تستخدم أيضا لفرض الانضباط ومعاقبة السجناء بطرق تتجاوز بوضوح نطاق العقاب البدني القانوني. وفيما يخص هذه الحالات، استفسرت الكرامة الدولة الطرف "كيف يمكنها اعتبار هذه التدابير متسقة مع التزامات كدولة طرف بموجب الاتفاقية؟"

الوقاية والمساءلة

وقد ذكرت المملكة العربية السعودية في تقريرها الوطني المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب (CAT) أنها أدخلت العديد من التغييرات في تشريعاتها المحلية بهدف منع التعذيب، مع إشارتها إلى ضرورة التحقيق في جميع أعمال التعذيب. في حين، اعتبرت الكرامة، أن هذه التغييرات لا تعالج مسألة عدم مساءلة موظفي الدولة عن التعذيب، ولا تتطرق إلى مسألة عدم استقلال القضاة. وأشارت الكرامة أيضا في تقريرها إلى لجنة مناهضة التعذيب أن الدولة الطرف لا توضح ما هي "الخطوات المتخذة من طرفها لضمان التحقيق بشكل منهجي والملاحقة الجنائية بحق المجرمين"، وأشارت إلى أنه وفقا لتقرير الدولة الطرف، " لا يمكن إخضاع الأفراد العسكريين سوى لإجراء تأديبي في حالة ثبوت إدانتهم بارتكاب أعمال تعذيب أثناء ممارسة عملهم." ولذلك طالبت الكرامة من العربية السعودية "توضيح الأساس القانوني لمقاضاة أعضاء المخابرات العامة وأفراد الجيش الذين يرتكبون [مثل] هذه الأعمال ".

الحظر المطلق للتعذيب ومكافحة الإرهاب

ومثلما أوضحته الكرامة في تقريرها فإن "الحظر المطلق معناه عدم جواز احتجاج الدولة الطرف بأية ظروف استثنائية أيا كانت لتبرير أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية." وفي هذا الصدد، أعربت الكرامة عن انشغالها إذ بدلا من النص على عدم جواز تقييد حظر التعذيب، ينص القانون الأساسي السعودي في الواقع على "عدم جواز تعليق أي حكم من أحكام هذا القانون على الإطلاق إلا على أساس مؤقت، مثل زمن الحرب أو خلال إعلان حالة الطوارئ"، ونتيجة لذلك، طلبت الكرامة الدولة الطرف بتوضيح "كيفية تضمن السلطات في قوانينها عدم وجود استثناءات بشأن الحظر المطلق والقطعي التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة". كما أعربت الكرامة عن بالغ قلقها إزاء القانون الجديد الخاص بالإرهاب الصادر في يناير 2014، والذي يعرف الإرهاب بعبارات غامضة، مما يعبد الطريق أمام تجريم ممارسة حرية التعبير، فضلا عن انتهاك الحق في المحاكمة العادلة والضمانات الأساسية من خلال رفع الحد القانوني لفترة الاحتجاز ما قبل المحاكمة، وكذا المدة المسموح بها للمسؤولين للاحتفاظ بالمشتبه بهم سرا في الحبس الانفرادي، الأمر الذي يعرض بشكل كبير كل المتهمين للتعذيب.

اعترافات منتزعة تحت التعذيب

كما يجب الإشارة إلى أن القانون السعودي لا يمنع بشكل واضح استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب أمام المحكمة ، علاوة على ذلك ومثلما أشارت إليه لكرامة في قائمة المسائل 72 المطروحة أمام لجنة مناهضة التعذيب، فإن "النظام القانوني للدولة الطرف يولي أهمية مبالغ فيها لهذه الاعترافات باعتبارها الدليل الوحيد أثناء المحاكمات، رغم ثوثيق العديد من حالات التعذيب قصد انتزاع هذه الاعترافات." وبناء عليه طلبت الكرامة ما إذا كانت السعودية تعتزم "إدراج بشكل صريح عدم قبول المحكمة للأدلة التي تم الحصول عن طريق التعذيب" في قانونها الداخلي.

المجتمع المدني ومناهضة التعذيب

وأشادت المملكة العربية السعودية في تقريرها بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان باعتبارها منظمة مجتمع مدني مستقلة، تقوم برصد انتهاكات حقوق الإنسان مثل التعذيب، وتتخذ الإجراءات المناسبة ضمن الإطار القانوني المحلي. غير أنه في ضوء ما تعرضت له مؤخرا الجمعية السعودية للحقوق السياسية والمدنية (ACPRA) - وهي منظمة مجتمع مدني محلية مستقلة ترفع حالات التعذيب إلى الآليات المحلية والدولية – بدت الصورة جد مختلفة فيما يتعلق بطبيعة مشاركة المجتمع المدني في الوقاية من التعذيب، حيث تم متابعة جل أعضاء الجمعية السعودية للحقوق السياسية والمدنية، وصدرت ضدهم عقوبات سجن ثقيلة بسبب توثيقهم حالات التعذيب التي ترتكبها السلطات. وتشكل هذه التدابير الانتقامية خرقا مباشر لالتزامات السعودية الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وفي هذا الصدد طلبت الكرامة من الدولة الطرف تقديم تفسيرها حول عمليات القمع التي يتعرض لها أعضاء المجتمع المدني العاملون في مجال توثيق حالات التعذيب، ومطالبتها أيضا بتوضيح الخطوات التي تنوي اتخاذها لوضع حد لهذه الانتهاكات. ومن جملة التدابير التي ينبغي اتخاذها الإفراج عن أعضاء الجمعية السعودية للحقوق السياسية والمدنية وحقوقيين آخرين، مثل وليد أبو الخير والناشطين الذين سجنوا لمجرد تأكيدهم على ضرورة التحقيق في أعمال التعذيب ومعاقبة المتورطين فيها.

ماذا بعد؟
وبعد اعتماد لجنة مناهضة التعذيب (CAT) قائمة المسائل في نوفمبر / ديسمبر 2015، يتعين على المملكة العربية السعودية تقديم ردها كتابيا قبل استعراضها في أبريل / مايو 2016، حيث يتم خلال ذلك تقييم مدى تنفيذ الدولة الطرف لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (UNCAT). وستساهم الكرامة في عملية الاستعراض من خلال تقديمها لتقرير بديل، وكذا بالاجتماع مع خبراء اللجنة لاطلاعهم على انشغالاتها الرئيسية.

* اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ، المادة 1: لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد "بالتعذيب " أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما يقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبة أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341008