للمتابعة

  • نيسان/أبريل ــ أيار/مايو 2017: استعراض لبنان أمام لجنة مناهضة التعذيب؛
  • إقرار قوانين متعلقة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، لا سيّما قانون تجريم التعذيب.

توصياتنا

  • وضع حد لممارسة الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب الذي ترتكبه الأجهزة الأمنية ومكافحة الإفلات من العقاب من خلال ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم؛
  • تعديل اختصاص المحكمة العسكرية وإلغاء المجلس العدلي؛
  • ضمان مكافحة الإرهاب وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان؛
  • تنفيذ التوصيات الصادرة عن اتفاقية مناهضة التعذيب والتي قبلها لبنان في إطار الاستعراض الدوري الشامل.

انشغالاتنا

  • الانتهاكات الخطيرة والمتكررة من قبل الأجهزة الأمنية التي ترتكب في سياق مكافحة الإرهاب، لاسيما ضد اللاجئين والقاصرين السوريين؛
  • انتشار ممارسة التعذيب، لا سيما لانتزاع الاعترافات؛
  • المحاكمات الجائرة أمام المحاكم الخاصة، كالمحكمة العسكرية والمجلس العدلي؛
  • القيود المفروضة على حرية التعبير، لا سيما في ما يتعلق بإدانة الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية.

ظلّ لبنان خلال العام 2016، رهينة الشلل السياسي الذي لازمه لأكثر من عامين في انتظار ما سيفضي إليه عمل الحكومة من أجل تبنّي قوانين جديدة والدخول في عملية حوار حقيقية. وجاء اليوم الذي طال انتظاره في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2016، وانتخب البرلمان اللبناني العماد ميشال عون، قائد سابق للجيش اللبناني ومؤسس التيار الوطني الحر، رئيساً جديداً للجمهورية. وأوكلت في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، لسعد الدين الحريري رئيس الوزراء السابق بين عامي 2009 و2011 مهمة رئاسة الحكومة للمرة الثانية. ونجح في 28 كانون الأول/ديسمبر في تشكيل حكومة وحدة وطنية، ضمّت وزيراً للدولة لشؤون حقوق الإنسان لأوّل مرة.
وكما في السنوات السابقة، ظلّ لبنان تحت وطأة تداعيات الحرب في سوريا. حيث استقبل أكثر من مليون لاجئ سوري على أرضه، ليكون البلد الذي تحمّل عبء أعلى نسبة لاجئين في جميع أنحاء العالم، على الرغم من اعتماده في العام 2015، قوانين صارمة خاصة باللاجئين. واصل حزب الله قتاله في سوريا إلى جانب الجيش السوري. أمّا الوضع الأمني في لبنان فلم يعرف الاستقرار بسبب التهديدات والمواجهات المستمرة بين الجماعات المسلحة التابعة لجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية من جهة، والجيش اللبناني من جهة أخرى، لا سيما في المناطق الحدودية.
بعد سنة من الجمود السياسي، أقرّ مجلس النواب اللبناني بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2016، قانوناً خاصاً لإنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، تعمل على حماية وتعزيز حقوق الإنسان في البلاد، وتضمّ آلية وقائية وطنية تهتمّ بتحسين أوضاع المحتجزين من خلال زيارة أماكن الاحتجاز، امتثالاً للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، الذي صادق عليه لبنان في العام 2008. لاتزال هذه الهيئة قيد الإنشاء؛ ومن المتوقع لآلية الرقابة فيها، في حال مُنحت الضمانات اللازمة لتنفيذ ولايتها على نحو فعال ونزيه، أن تساند ضحايا الانتهاكات وتساعدهم في الحصول على الانتصاف.

انتهاكات حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب

اتّسم العام 2016 بعدم الاستقرار وانعدام الأمن، ونفّذ الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي سلسلة اعتقالات طالت أفراداً اشتُبه في ارتكابهم جرائم إرهابية وهجمات ضد الجيش اللبناني. احتجز معظم الموقوفين بمعزل عن العالم الخارجي للتحقيق معهم ولم يسلموا من التعذيب الذي باتت ممارسته منتشرة على نطاق واسع وممنهج في البلاد رغم توصيات لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2014، الصادرة عقب عملية التحقيق التي أجرتها في لبنان. أمّا المشتبه بارتكابهم جرائم إرهابية فأحيلوا، كما العادة، إلى المحكمة العسكرية، وهي سلطة قضائية تتألف أساساً من قضاة عسكريين يعينهم وزير الدفاع ويخضعون له مباشرة. يتعرض المشتبه فيهم لمحاكمات غير عادلة تعقد بعض جلساتها بشكل غير معلن في غياب محامي الدفاع والرقابة القضائية المستقلة. ويأخذ قضاة المحكمة العسكرية بالاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة تدين الضحايا. وقد يحال المشتبه بهم أيضاً إلى المجلس العدلي الذي يعتبر هيئة سياسية يتمّ تعيين أعضائها من قبل السلطة التنفيذية بمرسوم من مجلس الوزراء، ولا يمكن الطعن في قراراته.
رفعت الكرامة العديد من الحالات إلى آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك، على سبيل المثال، حالة اللاجئ السوري يعرب الفرج، ابن الـ 25 عاما، الذي أدانته المحكمة العسكرية بتهمة الإرهاب في كانون الأول/ديسمبر 2015، استناداً إلى اعترافات أدلى بها تحت التعذيب أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي في ثكنة أبلح العسكرية من قبل الاستخبارات العسكرية، حيث تعرض للضرب المبرح، والتعليق في سقف الزنزانة والحرمان من الطعام والشراب والتهديد بالقتل.
يقع اللاجئون السوريون في لبنان ضحايا انتهاكات تظللها تدابير مكافحة الإرهاب، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعرضون أيضاً للاختفاء القسري، كحالة اللاجئ محمد السوقي، البالغ من العمر 23 سنة، الذي اعتقل أواخر آب/أغسطس 2016 في منطقة سير الضنّية شمالي لبنان، على يد الاستخبارات العسكرية بسبب «عدم حيازته على تصريح الإقامة». ليظهر مجدداً بعد شهر من اختفائه، عندما توجه «كاتب عدل» إلى مقر الشرطة العسكرية في المحكمة العسكرية في بيروت، على إثر معلومات أفاده بها معتقل سابق، وتأكد رسميا من السلطات بأن السوقي كان محتجزاً لديها. وكان الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري في الأمم المتحدة، وبناءً على طلب من الكرامة، قد خاطب السلطات اللبنانية ودعاها إلى تسليط الضوء على مصيره ومكان تواجده.
تنظر الكرامة بقلق بالغ إلى واقع لا يحمي حتى القاصرين من مثل تلك المعاملة السيئة حين يشتبه بتعاملهم مع الإرهاب. كحالة القاصر وليد دياب، 16 عاما، الذي ألقي عليه القبض في أيلول/سبتمبر 2014، أثناء عبوره نقطة تفتيش عسكرية، بناءً على معلومات قدمها «مخبرون سرّيون». واحتجز لمدة ثلاثة أشهر بمعزل عن العالم الخارجي في مقر المخابرات العسكرية في ثكنة حنا غسطين بمنطقة عرمان، شمالي لبنان. وهناك، تعرّض للتعذيب بالصعق بالكهرباء، وعلّق وهو مكبّل المعصمين وراء ظهره، وأوسع ضرباً، وحرم من الطعام والشراب في محاولة لإرغامه على الاعتراف بانتمائه إلى «جماعة إرهابية»، وهي التهمة التي أوجبت محاكمته أمام المحكمة العسكرية. قدمت الكرامة قضيته لآليات الأمم المتحدة المختصة بحقوق الإنسان فأحيل على محكمة الأحداث التي أمرت بالإفراج عنه بكفالة.

انتهاك الحق في حرية التعبير

على الرغم من اشتهار لبنان بكونه بلد تُحترم فيه حرية التعبير بشكل عام، شجبت الكرامة لجوء السلطات اللبنانية خلال عام 2016 إلى التهديدات والملاحقات القضائية بتهمة «التشهير»، من أجل كتم الأصوات المنتقدة لها أو المنددة بالانتهاكات المرتكبة من قبل الأجهزة الأمنية، علماً أن التشهير يعدّ جريمة عقوبتها السجن.
و نورد في هذا السياق، قضية المحامي اللبناني نبيل الحلبي، مثالاً من بين عدد من القضايا التي تمّت متابعتها. والحلبي هو واحد من منتقدي الفساد والمحاكم العسكرية والتعذيب في لبنان، اعتقلته قوى الأمن الداخلي بين 30 أيار/مايو و 1 حزيران/يونيو عام 2016، بناءً على شكوى رفعتها وزارة الداخلية بتهمة «القدح والذم»، على خلفية منشور له على الفيسبوك شجب فيه فساد المسؤولين بوزارة الداخلية. تعرض أثناء احتجازه للتهديد بإدانته ومحاكمته بتهمة «الارتباط بمجموعات إرهابية» مثل تنظيمي الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة، بسبب دور الوساطة الذي قام به مع التنظيمين لتأمين الإفراج عن الجنود اللبنانيين المختطفين لديهم. ولم يطلق سراحه حتى تعهّد بسحب المنشور عن حسابه على الفيسبوك والالتزام بعدم نشر بيانات مماثلة.
التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في لبنان قد يؤدي بصاحبه للملاحقة القضائية؛ تماماً كما حصل مع ليال الكياجي، اللاجئة الفلسطينية إبنة الـ 31 عاماً التي فضحت اغتصابها من قبل ضباط مخابرات الجيش أثناء احتجازها في ثكنة الريحانية العسكرية في أيلول/سبتمبر 2013. وفي 22 آب/أغسطس 2016، قضت المحكمة العسكرية بسجنها لمدة شهر واحد بتهمة «القذف والتشهير بحق الجيش اللبناني».
وفي المقابل، توالت المضايقات القضائية بحق المدافعَين عن حقوق الإنسان، السيدة ماري دوناي رئيسة المركز اللبناني لحقوق الإنسان وأمينه العام السيد وديع الأسمر. وكانت دعوى قضائية فتحت ضدهما في العام 2011، عقب شكوى رفعتها حركة أمل في أعقاب نشر تقرير يستنكر ممارسة الاعتقال التعسفي والتعذيب في البلاد، بما في ذلك من قبل أفراد ينتمون إلى حركة أمل. وعقب مرحلة طويلة من التحقيق، وجّه قاضي التحقيق في محكمة بعبدا في 24 شباط/فبراير 2014، لهما تهمة «التشهير»، وأحال قضيتهما إلى محكمة المطبوعات حيث لاتزال قائمة حتى الآن.

لبنان يبدي استعداداً خجولاً لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، خلال الاستعراض الدوري الشامل

عقب الاستعراض الدوري الشامل للبنان أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، قدم لبنان مراجعته بشأن ما ورد من توصيات إلى مجلس حقوق الإنسان في آذار/مارس 2016. وقبِل بـ 130 منها في حين اكتفى بـ «أخذ العلم» بشأن 89 توصية أخرى.
وفي هذا الصدد، رحّبت الكرامة بموافقة لبنان على أكثر من 15 توصية بشأن القضاء على ممارسة التعذيب وتعهّده بتعديل تشريعاته بما ينسجم مع إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، الذي يشكل لبنان طرفاً فيها، وكذلك بشأن الجهود التي يبذلها في هذا السياق ومحاسبة الجناة. كذلك وافق لبنان على عدد من التوصيات المطالبة بإنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، وبدء بتنفيذها منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016، حيث أقرّ البرلمان قانون تأسيس هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، أعربت الكرامة عن قلقها، لرفض لبنان قبول أو أخذ العلم بالعديد من التوصيات الصادرة عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن وقف عرض المدنيين على المحاكم العسكرية، وإلغاء عقوبة الإعدام. حيث رفض قبول توصية تدعو إلى «اقتصار اختصاص المحكمة العسكرية بقضايا العسكريين وتعزيز استقلال القضاء». ناهيك عن أن السلطات أشارت بالكاد إلى «الأخذ بالعلم» بشأن التوصيات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.