للمتابعة

  • كانون الثاني/يناير 2017: زيارة المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان؛
  • 13 أيار/مايو 2017: تقديم السعودية لتقرير المتابعة إلى لجنة مناهضة التعذيب.

توصياتنا

  • تبني قانون جنائي وتطبيق قانون خاص بالقاصرين دون 18 سنة؛
  • ضمان احترام الحق في حرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛
  • وضع حد لممارسة الاحتجاز التعسفي والتعذيب؛
  • ضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع حالات التعذيب وسوء المعاملة، والحق في الانتصاف الفعال؛
  • تعديل التشريعات الوطنية لضمان امتثالها لالتزامات السعودية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

انشغالاتنا

  • غياب الحقوق الأساسية والحريات، وعدم احترام الضمانات القانونية؛
  • القمع المنهجي بحق الناشطين في مجال حقوق الإنسان؛
  • استمرار ممارسة الاحتجاز التعسفي والتعذيب، بما في ذلك ضد القصّر؛
  • الانتهاكات الخطيرة لحقوق الطفل.

عرف العام 2016 انخفاضا حاداً في أسعار النفط، ما اضطر الحكومة إلى السعي لإيجاد طرق جديدة لتنويع اقتصادها، وبدائل عن اعتمادها على النفط، وأصبحت تتطلع في الوقت ذاته إلى لعب دور بارز في المنطقة وخارجها. فطرحت خطّة بعنوان «رؤية السعودية 2030»، هدفها تحديث البلاد عن طريق زيادة الإيرادات من خارج قطاع النفط وزيادة مساهمة القطاع الخاص، في محاولة لتحقيق النمو وتوفير فرص العمل لفئة كبيرة من الشباب. وصف بعض خبراء الاقتصاد الرؤية بأنها «غير واقعية» ولا تعدو كونها محاولة جديدة للسلطات السعودية استرضاء مواطنيها. لكن الجلي في الأمر أن التغيير المرجو يتجاهل أحد أكثر أوجه التنمية البشرية أهمية؛ ألا وهي الحقوق والحريات الأساسية.
في2 كانون الثاني/يناير 2016، بلغت حدّة التوتر بين إيران والسعودية أوجها، بعد تنفيذ الأخيرة ثاني أكبر عملية إعدام جماعي في تاريخها، شملت 47 سعودياً من بينهم رجل الدين الشيعي، الشيخ نمر النمر. نزل أنصار النمر إلى الشارع في محافظة الشرقية احتجاجاً على إعدامه، وكذلك في إيران، حيث اقتحم مواطنون إيرانيون السفارة السعودية وأضرموا فيها النار. ما دفع المملكة العربية السعودية إلى طرد الدبلوماسيين الإيرانيين، فردت إيران بالمثل وطردت ممثلي السعودية، لتنقطع سبل التواصل الدبلوماسي بين البلدين. الجدير بالذكر أن 4 من بين الـ 47 رجلا الذين أعدموا في كانون الثاني/يناير كانوا قاصرين وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة، في حين أن آخرين كانوا يعانون من إعاقات ذهنية، ولم يمنح جل الضحايا فرصة المحاكمة العادلة. لا تزال عقوبة الإعدام مبعث قلق كبير في السعودية التي نفذت ما مجموعه 154 إعداما سنة 2016.
دخل «نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية» حيّز التنفيذ رسمياً في آذار/مارس 2016، وهو أول قانون من نوعه ينظّم إنشاء الجمعيات داخل السعودية. يضمّ هذا التشريع أحكاما وعبارات غامضة ومبهمة، من قبيل «تتعارض مع الشريعة الإسلامية» و «تتنافى مع الآداب العامة» و»تخل بالوحدة الوطنية»، للحدّ من تسجيل منظمات المجتمع المدني. يجيز هذا القانون لمنظمات المجتمع المدني العمل في مختلف المجالات بعد الحصول على إذن من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، كالعمل الخيري والتربوي، على سبيل المثال، لكنه لم يأت بتاتا على ذكر حقوق الإنسان أو النشاط السياسي. بل منع المؤسسات والجمعيات الأجنبية من إنشاء فروع لها داخل المملكة، وسمح للحكومة بالتدخل في شؤونها الداخلية فهي تحتاج، على سبيل المثال، إلى إذن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للحصول على تمويل أجنبي.
من جهة أخرى، واصلت قوات التحالف بقيادة السعودية تدخلها في اليمن خلال العام 2016، وأخفقت كل مفاوضات السلام. ووفقاً لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإن 13 ضحية مدنية تسقط يومياً منذ بدء القصف في آذار/مارس 2015. وكشف تقرير أصدرته مفوضية حقوق الإنسان في آب/أغسطس 2016، أن 2.8 مليون يمني على الأقل، من بينهم أكثر من 400،000 أسرة نزحوا داخلياً، في حين أن أكثر من 80% من السكان في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية. وتشارك السعودية في الوقت نفسه، بشن غارات على معاقل الدولة الإسلامية في كل من سوريا والعراق.
أعيد انتخاب السعودية عضواً في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لولاية ثالثة مدتها ثلاث سنوات، على الرغم من سجّلها الحقوقي الحافل بالممارسات المتناقضة والمثيرة للقلق.

انتهاكات حقوق الإنسان لا تستثني القاصرين

تنظر الكرامة بعين القلق إلى استمرار السلطات السعودية في انتهاك الحقوق الأساسية للأطفال في عدة مناسبات. ويواجه القاصرون السعوديون الانتهاكات الممنهجة للإجراءات القانونية والحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي. وقد يتعرضون للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم خطيرة ويعاقبون بالسجن كالراشدين لمجرد ظهور «علامات البلوغ الجسدية» لديهم، ويترك تقرير الأمر في ذلك لتقدير القاضي. وما قضية الطفل مرتجى القريرص، سوى نموذج يعرض لواقع الحال في السعودية. كان مرتجى في الثالثة عشر من عمره، عندما اعتقلته الشرطة السعودية في أيلول/سبتمبر 2014. تعرض للتعذيب خلال التحقيق، بغية انتزاع اعترافات كاذبة منه تفيد بمشاركته في «تجمعات غير مشروعة». مرّت سنتين على اعتقاله، ولم توجّه له بعد أية تهم كما لم يحدّد موعد لمحاكمته.
في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2016، نشرت لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة ملاحظاتها الختامية بشأن الاستعراض الدوري الثالث والرابع للمملكة العربية السعودية. وأعربت اللجنة عن قلقها العميق إزاء محاكمة الأطفال فوق سن 15 سنة دون تمييزهم عن البالغين؛ وعلى هذا النحو، فقد تطالهم عقوبة الإعدام إثر «محاكمات تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة». و أشارت اللجنة مجدّداً إلى قلقها بوجود 4 أطفال دون الـ 18 عاماً من بين الـ47 الذين أعدمتهم السلطات السعودية في 2 كانون الثاني/يناير 2016، بناءً على أحكام صادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة.
من جهة أخرى، اتّسعت الرقعة التي تمارس عليها السعودية انتهاكات حقوق الإنسان وتخطّت حدودها لتصل إلى اليمن المجاورة. وحسب التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، الذي نُشر في 2 حزيران/يونيو 2016، أُدرجت السعودية على «قائمة العار» لإقدامها على قتل وإصابة ما يزيد على 1000 طفل نتيجة الهجمات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية على اليمن، فضلاً عن العشرات من الغارات الجوية على المدارس والمستشفيات. إلّا أنّه وبعد مرور أربعة أيام على القرار ونتيجة لضغوطات السلطات السعودية، قام الأمين العام للأمم المتحدة بشطب التحالف بقيادة السعودية من «قائمة العار»، «في انتظار مراجعة» الحالات والأرقام المدرجة في التقييم.

غياب الضمانات القانونية الأساسية

يستند نظام الحكم في المملكة السعودية على الشريعة الإسلامية، وفق التوجيهات والفتاوى التي تصدرها هيئة كبار العلماء. كما أن النظام الأساسي للبلاد الذي صدر سنة 1992 لم يرق إلى ترسيخ الحقوق الأساسية والحريات. وتفتقر المملكة أيضاً لقانون للعقوبات، ويُترك أمر تفسير النصوص القانونية لاستنساب القضاة، ما يتيح فرصة كبيرة لهيئة التحقيق والادعاء العام، ومن الناحية العملية، لوزارة الداخلية لتجريم بعض الأفعال بأثر رجعي. وقد أظهرت الشهادات التي وثقتها الكرامة أن الافتقار إلى الثوابت القانونية أدى مراراً وتكراراً إلى إدانة ضحايا بجرائم مبهمة التعريف مثل «التشكيك في نزاهة المسؤولين» أو «عدم الولاء للملك».
يفتقر نظام الإجراءات الجزائية في السعودية إلى أحكام تضمن حق الموقوف في الطعن في قانونية اعتقاله، وفي هذا السياق واصلت الكرامة توثيق حالات احتجاز المعتقلين لعدة أشهر، وأحياناً سنوات، قبل إحالتهم إلى سلطات قضائية مختصة. ونضرب المثل بقضية المواطن سليم عبد الله البالغ من العمر 32 عاما، الذي ألقي القبض عليه في كانون الأول/ديسمبر عام 2014، دون إظهار مذكرة اعتقال رسمية أو إبلاغه بالتهم الموجّهة إليه. ثمّ احتجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ستة أشهر وتعرض للتعذيب بغية إكراهه على الاعتراف. ولم يسمح له طيلة العامين الماضيين بالتواصل مع محاميه كما لم يمثُل أمام أية سلطة قضائية. وللأسف قضية سليم ليست استثنائية، بل تمثّل انتهاكات نمطية نتجت عن غياب الضمانات القانونية اللازمة.
علاوة على ذلك، يتم إحالة معظم سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين على المحكمة الجزائية المتخصصة، التي تأسست في العام 2008 للنظر في قضايا الإرهاب وأمن الدولة. تنتهك هذه الهيئة القضائية ضمانات المحاكمة العادلة بشكل منهجي؛ إذ يعيّن قضاتها مباشرة من قبل وزارة الداخلية، وغالباً ما تعقد جلسات الاستماع فيها بشكل سرّي، ولا يسمح للضحايا بالحصول على ملفاتهم الجنائية، بل ويحرمون أحياناً من حضور جلسات المحاكمة. كما يمنع المحامون المدافعون عن القضايا المنظورة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة من حضور الجلسات، وغالباً ما تمارس عليهم ضغوطات لإرغامهم على التخلي عن موكليهم، ناهيك عن أنهم قد يصبحون أنفسهم في دائرة الملاحقة القضائية، بتهمة «عدم الولاء للدولة»

استفحال ممارسة التعذيب في غياب الحماية القانونية

ساهمت الكرامة في العام 2016، في استعراض المملكة العربية السعودية أمام لجنة مناهضة التعذيب في نيسان/أبريل من خلال تقديم قائمة المسائل والتقرير الموازي. وسعى الاستعراض إلى تقييم مدى تقيّد المملكة بالبنود المدرجة في اتفاقية مناهضة التعذيب. استندت مساهمة الكرامة إلى حالات التعذيب التي وثقتها، وتحليل التشريعات السعودية والتقرير الدوري الثاني الذي قدّمته المملكة، بعد تأخير دام خمس سنوات.
في ملاحظاتها الختامية التي أصدرتها في أيار/مايو 2016، رددت اللجنة الانشغالات التي أعربت عنها الكرامة في تقريرها، وحثّت السعودية على إجراء تحقيقات فورية ونزيهة وفعالة في ادعاءات التعذيب وملاحقة الجناة ومعاقبتهم وفقا لخطورة أفعالهم. وشدّدت على ضرورة إدراج تعريف التعذيب في القانون الجنائي، وضمان عدم ممارسته إطلاقاً وتجريمه.
وتنظر الكرامة بعين القلق إلى غياب ضمانات قانونية للموقوفين منذ بداية اعتقالهم، ما يشيع بيئة ملائمة لممارسة التعذيب؛ يغذّيها الحرمان من المشورة القانونية والرعاية الطبية وممارسة الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وهذا ما حصل مع منير آل آدم، الذي حكم عليه بالإعدام في مطلع حزيران/يونيو 2016، إثر محاكمة جائرة استندت على اعترافاته المنتزعة تحت التعذيب. كان منير في 19 من عمره عند توقيفه دون إذن قضائي أو حتى إبلاغه بالتهم الموجهة إليه. احتجز في الحبس الانفرادي لمدة أربعة أشهر، حرم خلالها من الطعام والنوم وتعرض للضرب العنيف والصعق بالكهرباء، لإرغامه على الاعتراف بمشاركته في مظاهرات مناهضة للحكومة. احتجز بداية على ذمة التحقيق لما يقارب الثلاث سنوات، ولم يسمح له بالتواصل مع محاميه خلال جلسات الاستجواب ومعظم جلسات المحاكمة.
نظراً لتردي الأوضاع الحقوقية وانتشار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في السعودية، أطلقت الكرامة برنامجا بالتعاون مع المجتمع المدني السعودي سيستمر أربع سنوات يهدف إلى رصد تنفيذ المملكة لتوصيات لجنة مناهضة التعذيب، ورفع تقارير إلى خبراء اللجنة.