البحرين

 

احتجاجات في دوار اللؤلؤة، المنامة، فبراير 2011 (المصدر: البحرين في صور/ Wikimedia Commons)

ترقبوا

  • تموز/ يوليو 2018: استعراض البحرين أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

انشغالاتنا

  • قمع حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات بشكل مستمر؛
  • القمع والمضايقة المنتظمة للمعارضين السلميين والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان؛
  • استمرار استخدام قوات الأمن البحرينية للتعذيب، وعدم إجراء تحقيقات مستقلة في مزاعم التعذيب وعدم مساءلة الجناة؛

لم تكن بداية عام 2017 في البحرين كمطلع السنوات السابقة، فقد استهلتها السلطات البحرينية بإعدام ثلاثة رجال أدينوا بقتل ثلاثة من ضباط الشرطة في هجوم بالقنابل عام 2014. ويعود تاريخ آخر إعدام نفّذ في البحرين إلى العام 2010. وفي أعقاب ذلك، أعرب خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لاسيما المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، عن قلقهم إزاء التقارير التي أفادت بإجبار الشبان الثلاثة على الاعتراف تحت التعذيب وحرمانهم من الاستعانة بمحام.

ظلت الأجواء متوترة في البلاد بسبب حملات القمع المتواصلة ضد المعارضين السياسيين. لم تكتف السلطات في العام 2016 بحل جمعية الوفاق التي تعدّ الحزب المعارضة الرئيسي في البلاد، بل واصلت حملتها في قمع المعارضة السياسية. وفي آذار/مارس 2017، قضت المحكمة الكبرى المدنية (الإدارية) البحرينية بحل العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، أكبر جمعية معارضة في البلاد، بعدما اتهمتها بـ "دعم الإرهاب والتغطية والتشجيع على ارتكاب الجرائم". وصدر الحكم إثر بيان نشرته جمعية وعد لمناسبة الذكرى السنوية لثورة 2011 البحرينية، نبّهت فيه إلى أن البحرين يعاني من "أزمة سياسية دستورية".

وفي أيار/مايو 2017، صدر بحق الشيخ عيسى قاسم، الزعيم الروحي لجماعة الوفاق، حكما بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ بتهمة جمع الأموال غير المشروعة وتبييضها بسبب قيامه بأعمال الخمس، المتمثّل بجمع الأموال الخيرية وإعادة توزيعها على فقراء المجتمع وعادة مايقوم رجال الدين الشيعة بتلك المهمة. وفي عام 2016، جرّد الشيخ قاسم من جنسيته انتقاما منه لانتقاده الحكومة البحرينية. وفي23 مايو/أيار 2017، أجرت قوات الأمن البحرينية عملية أمنية في منطقة الدراز، حيث يعتصم مؤيدو الشيخ عيسى قاسم حول منزله منذ تجريده من جنسيته في يونيو/حزيران 2016. وفي إطار ذلك فتحت الشرطة النار على المعتصمين، ما أدى إلى اشتباكات حادة بينهم واعتقالات جماعية إضافة إلى مقتل خمسة محتجين. عدّت تلك العملية الأكثر عنفاً منذ العام 2011، ولاقت انتقادات دولية واسعة، لاسيما من المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي أصدر بياناً ندّد فيه بأعمال العنف التي تمارسها السلطات.

الحقوقية ابتسام الصايغ تتعرض لأعمال انتقامية بسبب تعاونها مع آليات الأمم المتحدة ومنظمات دولية غير حكومية.

شهد عام 2017، اعتقال العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، تلتها محاكمات جائرة وإدانات بتهم مختلفة بما في ذلك الإرهاب، بسبب انتقادهم العلني عبر وسائل التواصل الإجتماعي لحكومة البحرين أو بسبب نشاطهم وتعاونهم مع آليات الأمم المتحدة. كحالة الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان إبتسام الصايغ، التي تعرضّت للتحرش والترهيب من قبل أفراد الأمن البحرين في أكثر من مناسبة.

استجوبت إبتسام في آذار/مارس 2017، على خلفية مشاركتها في اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ثم منعت من السفر. وفي أيار/مايو، تمّ استدعاؤها مجدداً من قبل جهاز الأمن الوطني واستجوبت لسبع ساعات متواصلة قبل الإفراج عنها. وأثناء الاستجواب كانت معصوبة العينين، وأرغمت على الوقوف لساعات طويلة، وتعرضت للضرب المتكرر والاعتداء الجنسي وهُددت بالانتقام من أسرتها، بغية حملها على الإدلاء بمعلومات ومعاقبتها على نشاطها السلمي.

عاودت السلطات اعتقالها في يوليو/تموز 2017، حيث اقتحم مسلحون منزلها في منتصف الليل واقتادوها معهم دون إبراز مذكرة توقيف. ثم احتجزت تعسفا حوالي خمسة أشهر، قضت جلها في زنزانة انفرادية. وخلال تلك الفترة، كانت تنقل يومياً إلى مكان مجهول، لتخضع للاستجواب لمدة كانت تصل أحياناً لـ 12 ساعة متتالية. وفي 18 يوليو/تموز 2017، أصدرت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بيانا أعربوا فيه عن "قلقهم الشديد" إزاء استمرار احتجاز ابتسام التعسفي. لكن ذلك، لم يمنع اتهامها بجرائم إرهابية بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006، وجرى تمديد احتجازها لستة أشهر اخرى في انتظار محاكمتها. واتهمت بـ "محاولة إعاقة سيادة القانون" و "استخدام حقوق الإنسان كغطاء للتواصل والتعاون مع مؤسسة الكرامة "لتقويض مكانة البحرين في الخارج".

وعلى الرغم من إطلاق سراح ابتسام الصايغ في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إلا أنها لا تزال تواجه محاكمتها بتهمة بالتعامل مع الإرهاب، وتواجه خطر التعرض لعقوبات قاسية كالسجن مدى الحياة أو إسقاط الجنسية. تعدّ قضية الصايغ سابقة خطيرة في البحرين، حيث جرمت السلطات تعاونها مع الفاعلين في المجتمع المدني واعتبرته جريمة إرهابية، ناهيك عن تعرض الضحايا وأقاربهم إلى أشكال جديدة من الانتقام لا لشيء إلا لأنهم قاموا بالتبليغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان.

حملة قمع مستمرة على حرية التعبير

قيدت السلطات الحريات الأساسية في البحرين بترسانة قانونية قمعية، لا سيما قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006 وقانون الصحافة لعام 2002، واستخدمتهما مراراً خلال العام 2017 لمقاضاة المعارضين السلميين الذين وجهوا انتقادات للسلطات، لا سيما عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي. إضافة إلى ذلك تمّ في آذار/مارس 2017، تعديل المادة 105 (ب) من الدستور لمنح المحاكم العسكرية الخاصة حق النظر في قضايا المدنيين المتهمين بـ "تهديد أمن الدولة". وقد حدث أن حاكمت سلطات قضائية استثنائية مثل محكمة السلامة الوطنية العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين تحت ذريعة "التجمع غير القانوني" أو "التحريض على الكراهية" أو "التحريض على الإطاحة بالنظام" أو "نشر شائعات كاذبة".

و يستخدم قانونا مكافحة الإرهاب والصحافة، اللذين ينتهكان الحق في حرية الرأي والتعبير على نحو خطير، لمواصلة حملة المضايقات والترهيب والانتقام من المعارضين السلميين في البحرين، التي تتخذ شكل اعتقالات تعسفية، وتجريد من الجنسية، وحظر السفر ضد النشطاء وأقاربهم.

وخلال السنة الماضية أثار اضطهاد المعارضة السلمية في البحرين قلق المجتمع الدولي، ففي يونيو/حزيران، أدان العديد من خبراء الأمم المتحدة "حملة التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وكل من لديه رأي مغاير". كما نددت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأعمال الانتقامية الواسعة النطاق ضد المواطنين البحرينيين الذين يتعاونون مع المنظمات الدولية، بما في ذلك مع مكتب المفوضية. وخلال الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان المعقودة في سبتمبر/أيلول 2017، أدانت المفوضية محاولات الحكومة البحرينية إخفاء انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها أجهزة الأمن، وانتقدت تقاعس المملكة عن التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ووصف عبد الله الدوسري، مساعد وزير خارجية البحرين، عبر تويتر بيان المفوضية بأنه "لا أساس له من الصحة ويفتقر للمصداقية".


وعلى الرغم من ادعاء السلطات البحرينية بعدم ارتكاب أية أعمال انتقامية ضد الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، أعربت دول عديدة عن قلقها المتزايد بشأن تقييد الحريات الأساسية في المملكة فضلا عن مقاضاة المعارضين. وخلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين في مايو/أيار 2017، أوصت عدة دول- بما في ذلك حلفاء البحرين التقليديين مثل الولايات المتحدة- دولة البحرين بـ "مراجعة الإدانات، و تخفيف الأحكام أو إسقاط الاتهامات عن جميع المسجونين لمجرد تعبيرهم السياسي السلمي".

االإفلات من العقاب لمرتكبي أعمال التعذيب وسوء المعاملة

لا يزال التعذيب يمارس بشكل منهجي من طرف موظفي وزارة الداخلية المكلفين بإنفاذ القانون، إن أثناء الاستجواب أو لانتزاع الاعترافات وتجريم المشتبه فيهم أو أثناء الاحتجاز. أما أشكال التعذيب وسوء المعاملة الأكثر شيوعا فهي بحسب الضحايا الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق في وضعيات مؤلمة والحرمان من النوم والتعرض لدرجات الحرارة القصوى والتهديد بالعنف ضد المحتجزين وأسرهم.

في 12 مايو/أيار 2017، نشرت لجنة مناهضة التعذيب ملاحظاتها الختامية المتعلقة باستعراض البحرين لتقييم مدى امتثالها للالتزامات الدولية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. و أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء "ما يشاع دوماً حول انتشار ممارسة التعذيب وسوء معاملة الاشخاص المحرومين من حريتهم لانتزاع الاعترافات أو كنوع من العقاب". كما سلطت اللجنة الضوء على التباين الموجود بين الضمانات القانونية التي تكرسها القوانين البحرينية وإهمال تطبيقها المنتظم عملياً.

تصريح خبراء الأمم المتحدة ردّد انشغالات الكرامة المدرجة في تقريرها الموازي إلى لجنة مناهضة التعذيب. إذ انتقد الخبراء سيادة مناخ إفلات مرتكبي التعذيب من العقاب، معتبرين أنه لم يتم التحقيق في الادعاءات على نحو سليم، ويتضح ذلك جلياً من قلة عدد الإدانات لممارسي التعذيب. وخلصت اللجنة إلى أن الآليات القائمة لمقاضاة الجناة غير فعالة ولا تتمتع بالاستقلالية، كونها تحت إشراف وزارة الداخلية. وفي الغالب تتجاهل السلطات الادعاءات المقدّمة من قبل ضحايا التعذيب عموما، وتستند إلى الأدلة المنتزعة تحت التعذيب بشكل روتيني في المحاكمات، وقد تؤدي إلى فرض أحكام قاسية، منها عقوبة الإعدام.

وفي المقابل لا تبدي السلطات البحرينية في الوقت الراهن رغبتها في التعاون مع آليات الأمم المتحدة للقضاء على هذه الظاهرة؛ وقد ذكرت لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية أن زيارة المقرر الأممي الخاص المعني بمسألة التعذيب للبحرين المقرر إجراؤها منذ العام 2012 قد أُجلت إلى أجل غير مسمى من قبل السلطات البحرينية بحجة أن "الطلب جاء في وقت غير مناسب" وأنهم لم يتمكنوا من تحديد موعد آخر.

رفعت الكرامة خلال العام 2017، عدة شهادات لضحايا التعذيب إلى آليات الأمم المتحدة، منها ما يتعلق بأطفال قصّر أو ذوي احتياجات خاصة. فعلى سبيل المثال نذكر قضية الفتى عباس عون فرج، البالغ من العمر 16 عاما والمتهم ب "المشاركة في المظاهرات". ألقي القبض على عباس في شباط/فبراير 2017، بالقرب من منزله في قرية شمالي المنامة، عندما قامت شرطة مكافحة الشغب بعمليات اعتقال جماعية عشوائية عقب إحدى المظاهرات. فكان عباس من بين المعتقلين، حيث دفعه فضوله الطفولي للوقوف أمام باب منزله ومشاهدة مايحدث ولم يكن مشاركاً في المظاهرة. احتجز عباس بمعزل عن العالم الخارجي، وحرم من حقه في الاستعانة بمحام، وهدده المحققون بالتعذيب، وأجبر على التوقيع على اعترافات تجرّمه. وحكم عليه في نيسان/أبريل بالسجن مدة ستة أشهر استناداً إلى تلك الاعترافات، على الرغم من إبلاغه النيابة العامة بأن اعترافاته انتزعت منه بالإكراه.

كذلك رفعت الكرامة قضية كميل حميدة، وهو من ذوي الإحتياجات الخاصة ويبلغ من العمر 18 عاماً. اعتقل في 13 ديسمبر/كانون الأول 2016، واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أيام، تعرض خلالها للتعذيب. وأفاد كميل بتعرضه للصعق بالكهرباء على باطن قدميه وسكب الماء المغلي على جسده، إضافة إلى ضربه مراراً وتكراراً لإرغامه على الاعتراف بتهمة "المشاركة في مظاهرات" و "تصوير الاحتجاجات". وقد أجبر على توقيع بيانات مكتوبة رغم أنه لا يعرف القراءة والكتابة.