ترقبوا

  • • آذار/مارس 2018: استعراض لبنان أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

انشغالاتنا

  • الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها الأجهزة الأمنية في سياق مكافحة الإرهاب والممارسة الروتينية للتعذيب لانتزاع الاعترافات، بما في ذلك ضد اللاجئين ؛
  • محاكمة المدنيين أمام هيئة قضائية استثنائية، المحاكم العسكرية والمجلس العدلي؛
  • المضايقة القضائية للمواطنين بسبب التعبير عن آرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

في عام 2017، تواصلت تداعيات النزاع السوري على لبنان الذي يستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري، 70٪ منهم يعيشون تحت عتبة الفقر. علماً أن هذا العدد غير دقيق بسبب توقف المفوضية عن تسجيل اللاجئين السوريين في العام 2015. وعلى الرغم من أن الوضع الأمني لا يسمح بذلك، إلا أن عددا متزايدا من السياسيين يطالبون بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. كما تزايد العنف وتعددت الجرائم المرتكبة بدافع الكراهية ضد اللاجئين السوريين خلال هذا العام. وفيما يتعلق بالجيش، شن حزب الله عملية عسكرية في منطقة جرد عرسال في يوليو / تموز 2017. وبعد ذلك بشهر، شن الجيش اللبناني هجوما على معاقل الدولة الإسلامية الأخيرة في منطقتي رأس بعلبك والقاع. وعلى الرغم من أن السلطات اللبنانية نفت أي شكل من أشكال التنسيق، شن الجيش السوري وحزب الله هجوما متزامنا على الجانب السوري من جبال القلمون. استمرت المعارك أسبوعا، تمّ بعدها إبرام صفقة إخلاء نفّذها حزب الله، سمحت لمسلحي داعش بإجلاء الحدود السورية اللبنانية باتجاه بلدة دير الزور السورية. وفي المقابل، حدد المسلحون مواقع دفن الجنود اللبنانيين الذين أسروا في عرسال في عام 2014.

وفي الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته في خطاب أدلى به من المملكة العربية السعودية، في سياق تصاعد التوتر بين السعودية وإيران، مشيرا الى مخاوفه من اغتياله و "التدخل غير المقبول لإيران في السياسة اللبنانية" عبر حزب الله. ونظرا للظروف الغامضة للإعلان، طالبت الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني بعودة سعد الحريري واتهموا المملكة السعودية باحتجاز رئيس الوزراء المستقيل ضد إرادته. عاد سعد الحريري إلى لبنان في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عقب ضغوط دولية على السعودية وخاصة من فرنسا. وبعد مشاورته مع الرئيس ميشال عون، قبل الحريري اقتراح الرئيس بالتريّث قبل تقديم الاستقالة. وبعد أسبوعين، تراجع عن قراره بالاستقالة.

صادق البرلمان، في حزيران/يونيه، على قانون انتخابي جديد، سيحكم الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في ربيع عام 2018. وحل النص الجديد المبني على التمثيل النسبي محل نظام "الأكثرية" السابق، وخفض عدد الدوائر الانتخابية في البلد. والجدير بالذكر أن لبنان لم ينظم انتخابات برلمانية منذ عام 2009 حيث تم تأجيل الانتخابات عدة مرات.

و أخيرا، على الرغم من أن البرلمان اللبناني وافق في عام 2016 على قانون إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك آلية وقائية وطنية لمكافحة التعذيب، إلا أنه لم يتم تفعيلها بعد ولم يتم تعيين أعضائها أو تخصيص ميزانيتها من قبل الحكومة.

قانون جديد لمكافحة التعذيب لا يرقى للمعايير الدولية

وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر، دخل حيز التنفيذ قانون جديد لمكافحة التعذيب يهدف إلى معاقبة أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويعاني هذا التشريع، وهو الأول من نوعه، من جوانب قصور عدة مقارنة بالمشروع الواعد لسنة 2012، إذ أخفق في الوفاء بالمعايير المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

والواقع أن القانون يدخل عناصر تقييدية لتعريف التعذيب المنصوص عليه في المادة 401 من قانون العقوبات. وتقتصر جريمة التعذيب على الأفعال التي تتم "أثناء الاستقصاء والتحقيق الأولي والتحقيق القضائي والمحاكمات وتنفيذ العقوبات". وهذا يتناقض مع مبدأ الحظر المطلق للتعذيب ويفتح ثغرة. فعلى سبيل المثال، حالة التعذيب التي تقع أثناء الاعتقال وقبل التحقيق الأولي لا تدخل في نطاق هذا التشريع.

وعلاوة على ذلك، تم خلال المداولات التي جرت في البرلمان، تقلص نطاق مشروع القانون بعد سحب تجريم المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المحدد في المادة 16 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. ومما يثير القلق أيضا أن القانون الجديد ينص على عقوبات لا تتناسب مع جسامة جريمة التعذيب. وتنص المادة 1 (ب) من القانون على أن "كل من ارتكب التعذيب يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات إذا لم يسفر التعذيب عن الوفاة أو العجز البدني أو العقلي الدائم أو المؤقت". هذه العقوبات ليس لها أثر رادع، مما يخلق مناخا من الإفلات من العقاب.

وفي حالة وفاة الضحية كنتيجة للتعذيب، يواجه الجاني ما بين 10 إلى 20 سنة في السجن، مقابل 30 في إطار مشروع قانون 2012.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التشريعات الجديدة تُخضع أعمال التعذيب إلى قوانين التقادم. حيث يمكن لضحايا التعذيب أن يباشروا الإجراءات للمطالبة بحقهم فقط ما بين ثلاث وعشر سنوات على إطلاق سراحهم. وما يثير القلق أن الضحايا غالبا ما يترددون في تقديم الشكاوى إلى أن يشعرون بالأمان للقيام بذلك، وهو ما قد يتجاوز الفترة المنصوص عليها في نظام التقادم.

وفي حين أن مشروع عام 2012 اقترح أن تجرى المحاكمات المتعلقة بقضايا التعذيب أمام محاكم مدنية، فإن قانون عام 2017 تجاهل هذا الاقتراح، مما ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية إحالة مرتكبي تلك الجرائم على المحاكم العسكرية التي تفتقر إلى الاستقلال والحياد نظرا لتعيين قضاتها مباشرة من قبل وزير الدفاع. وهذا أمر ينطوي على إشكالية كبيرة لأن التحقيق والمقاضاة من جانب الأقران يعيقان بشكل خطير أي مساءلة سليمة. وباعتمادها لهذه النسخة المعيبة من القانون قررت السلطات اللبنانية تجاهل التوصيات الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في عام 2017، وكذلك التوصيات التي تعهدت بتنفيذها خلال الاستعراض الدوري الشامل لعام 2015 أمام مجلس حقوق الإنسان.

الانتهاكات المرتكبة في سياق مكافحة الإرهاب

في بيئة أمنية غير مستقرة، ظل الأفراد المشتبه في تورطهم في الإرهاب عرضة للانتهاكات، لا سيما فترات الحبس بمعزل عن العالم الخارجي التي يعانون خلالها من التعذيب وسوء المعاملة، ويجبرون على الإدلاء ببيانات تجرمهم. وعلاوة على ذلك، وبموجب المادة 108 من قانون الإجراءات الجنائية، يمكن تجديد الاحتجاز السابق للمحاكمة إلى أجل غير مسمى بالنسبة للمتهمين بتهديد أمن الدولة أو التورط في أعمال إرهابية.

وفي تموز/يوليو، تحدثت تقارير عن وفيات تحت التعذيب عقب غارات شنها الجيش اللبناني في 30 حزيران/يونيو على مخيمين غير رسميين للاجئين في بلدة عرسال الحدودية الشمالية الشرقية. وكردّ فعل على هجوم شنه خمسة انتحاريين، اعتقل الجيش حوالى 350 شخصا توفى أربعة منهم في الحجز العسكري. وعلى الرغم من علامات التعذيب الواضحة على أجسادهم، أصدر المدعي العام العسكري بيانا أعلن فيه أن تقرير الطب الشرعي قد توصل إلى أن تلك الوفيات ناتجة عن "أسباب طبيعية". لكنه لم يُنشر ملف التحقيق الكامل ولم يُقدم إلى أسر الضحايا، مما يثير شكوكا بشأن استقلال التحقيق ودقته ونزاهته.

في أيار/مايو، نشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة ملاحظاتها الختامية بعد استعراضها الأول للبنان. وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن أسفهم لكون قوات الأمن "تواصل بشكل روتيني ممارسة تعذيب" على المعتقلين بمن فيهم الاطفال "كشكل من أشكال العقاب أو لانتزاع اعترافات تستخدمها في الاجراءات الجنائية". ونبّهوا إلى أنه لا يمكن التذرع بأي ظروف استثنائية أيا كانت، بما في ذلك التهديد بأعمال إرهابية، كمبرر للتعذيب.

تناولت لجنة مناهضة التعذيب أيضا مسألة اللاجئين، وأعربت عن قلقها إزاء الممارسات المخالفة لمبدأ عدم الإعادة القسرية. وذكر الخبراء حكومة لبنان بأن الاتفاقية "توفر الحماية المطلقة لأي شخص خاضع لولايتها بغض النظر عن جنسيته أو وضعه القضائي أو الخطر الذي قد يشكله على المجتمع".

وفي هذا الصدد، ردد الخبراء انشغالات الكرامة بشأن حالة لاجئ عراقي كان يواجه خطر التسليم إلى بلده رغم مخاطر التعذيب أو حتى الإعدام. وكان قد اعتقل في لبنان في كانون الثاني/يناير 2016، ثم قضت عليه المحكمة العسكرية بترحيله بزعم "انضمامه إلى جماعة إرهابية" على أساس المعلومات التي قدمتها أجهزة الاستخبارات العراقية كدليل وحيد. وعلى الرغم من تدخل خبراء الأمم المتحدة تم تسليمه في 3 مايو/أيار إلى العراق، في انتهاك لاتفاقية مناهضة التعذيب.

تراجع حرية التعبير

على الرغم من أن لبنان غالبا ما يصور كنموذج لحرية التعبير في المنطقة، إلا أن هناك خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها، كانتقاد الرئيس أو الجيش اللبناني. ويعتبر الانتقاد السلمي، بشكل منهجي، ذما وقدحا للمسؤولين، ويعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنة بموجب قانون العقوبات. وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت حدة القمع ضد المواطنين الذين يعبرون سلميا عن آرائهم السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي.

على سبيل المثال، استدعت المحكمة العسكرية في 26 مايو/أيار 2017 سلمان سماحة واتهمته بـ "الإساءة إلى سمعة المؤسسة العسكرية" بعد أن نشر تعليقات على الجيش اللبناني في صفحته على فيسبوك. وفي رسالة مفتوحة، أعربت الكرامة ومنظمات غير حكومية أخرى محلية ودولية عن قلقها بشأن ملاحقته، وأشارت إلى أن قضيته "ليست إلا حلقة لسلسلة من الاعتقالات والتحقيقات والمحاكمات لمواطنين عبروا عن آرائهم السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي مما يهدد الحق في حرية التعبير في لبنان".

وفي إطار التحضير لاستعراض لبنان الذي سيجري في آذار/مارس 2018، تطرقت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في قائمة المسائل إلى القضايا التي تشغلها وخصوصا المتعلقة بالحق في حرية التعبير المنصوص عليها في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ودعت السلطات على وجه الخصوص إلى الاستجابة لـ "انشغالها بالتعريف الواسع والفضفاض "للذم" و"القدح" و"الإهانة"، و "الرقابة الواسعة التي تستخدمها لتقييد حرية التعبير دون مبرر "لحظر أي منشور أجنبي فكري أو فني، بما في ذلك الأفلام والمواد المطبوعة".