انشغالاتنا

  • لإطار القانوني الذي المقيد للحق في حرية الرأي والتعبير الذي يستخدم لإسكات أي صوت معارض، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين السياسيين؛
  • التمييز والتهميش اللامحدود لفئة البدون.

في يناير/كانون الثاني 2017، وضعت الكويت حداً لوقفها الفعلي لعقوبة الإعدام من خلال إعدامها سبعة أشخاص بتهمة القتل من بينهم أحد أفراد العائلة المالكة. ويعد هذا أول تنفيذ لعقوبة الإعدام في البلاد يتم التبليغ عنه منذ عام 2013. وجاء قرار الكويت باللجوء مجددا إلى تلك العقوبة، مباشرة بعد إعادة العمل بها في البحرين التي كانت قد علقتها مدة ست سنوات، مما يعكس ارتفاع وتيرة عمليات الإعدام في منطقة الخليج.

وعلاوة على ذلك، تعرضت حرية التعبير في البلاد خلال هذا العام لمزيد من القيود، وواصلت السلطات الكويتية اعتقالاتها ومحاكماتها للناشطين السلميين وأي شخص ينتقد السلطات على وسائل التواصل الاجتماعي، بذريعة حماية "الأمن القومي" و "النظام العام". وعلى الرغم من أن النظام البرلماني مترسخ في الكويت، إلا أن المجتمع الدولي أعرب عن قلقه سنة 2017 بشأن مجموعة من المحاكمات السياسية ضد أعضاء المعارضة، والتي ينظر إليها على أنها محاولة من السلطات لإسكات الأصوات المعارضة.

ظلت عائدات النفط طيلة العام الماضي متدنية، وواجهت الحكومة الكويتية انتقادات متزايدة بسبب مزاعم الفساد وتأثر نظام الرعاية الاجتماعية بانخفاض مساعدات الدولة. إضافة إلى ذلك أدت النزاعات المتكررة بين الحكومة والبرلمان حول تدابير التقشف إلى العديد من التعديلات الوزارية وانتهت باستقالة الحكومة بأسرها في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وفي الوقت الذي تواجه فيه السلطات الكويتية مشاكل سياسية داخلية، فإنها تعمل بفعالية مع الشركاء الإقليميين للحد من خطر الاضطرابات في الخليج. ولأن الكويت تعتبر طرفا فاعلا ومحايدا في المنطقة، فإنها لعبت دور الوسيط الرئيسي في المواجهة الدبلوماسية بين قطر وثلاثة أعضاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي. وأمام مخاوف من تفاقم الأزمة، استضاف أمير الكويت العديد من اجتماعات مجلس التعاون الخليجي في العاصمة ودعا إلى إجراء محادثات لحل النزاع، لكن مساعيه لم تكلل بالنجاح.

وأخيراً، لم تحقق الكويت خلال العام الماضي تقدما يذكر في القضية المزمنة لعديمي الجنسية المعروفين أيضا بـ "البدون"، وتحاول بشكل منهجي إسكات أي انتقاد بشأن تلك المسألة. أطلق في مطلع أغسطس/آب 2017، سراح عبد الحكيم الفضلي، ناشط بارز من البدون، بعد أن قضى عقوبة سجنية لسنة واحدة بسبب مشاركته في احتجاجات سلمية. واضطر الفضلي إلى التوقيع على تصريح بوقف مشاركته في جميع المظاهرات كشرط لإطلاق سراحه، بعد تهديده بعقوبة سجنية إضافية مع وقف التنفيذ وإصدار أمر بترحيله.

المحكمة الدستورية تلغي قانون الحمض النووي

في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2017، ألغت المحكمة الدستورية الكويتية القانون رقم 78/2015 بشأن جمع الحمض النووي الإجباري، معلنة أن بعض أحكامها تتنافى مع الحق في الخصوصية والحرية الشخصية المنصوص عليها في الدستور.

أوضحت السلطات الكويتية أن قانون جمع الحمض النووي الإجباري، الذي تمت المصادقة عليه في يوليو/تموز 2015، جزء من الإطار القانوني الواسع لمكافحة الإرهاب ورد فعل فوري على الهجوم الإرهابي المميت الذي وقع في 26 يونيو/حزيران 2015 ضد مسجد الإمام الصادق في مدينة الكويت، والذي أسفر عن مقتل 27 شخصا وجرح أكثر من 200 آخرين. ولم يقتصر القانون على جعل جمع الحمض النووي إلزاميا فحسب بل نص أيضا على عقوبة السجن "مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمداً ودون عذر مقبول عن إعطاء العينة الحيوية الخاصة به". وكلفت وزارة الداخلية بإنشاء وإدارة قاعدة بيانات الحمض النووي.

أعربت الكرامة في قائمة القضايا والتقرير الموازي اللذين قدمتهما إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها بشأن هذا القانون لأنه ينتهك الحق في الخصوصية على النحو المنصوص عليه في المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي يوليو/تموز 2016، وبعد استعراض الكويت للنظر في مدى التزامها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، رددت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان انشغالات الكرامة، وأوصت في ملاحظاتها الختامية بأن يقتصر جمع الحمض النووي على الأفراد المشتبه في ارتكابهم لجرائم خطيرة وعلى أساس قرار المحكمة فقط. وأن يكون للأفراد حق الطعن في قانونية هذا الإجراء؛ وإنشاء هيئة مستقلة للإدارة والإشراف على قاعدة بيانات البصمة الوراثية لضمان عدم إساءة استخدامها من قبل وزارة الداخلية.

ولم يكتف الاستعراض أمام اللجنة الأممية على إثارة الاهتمام الدولي بهذه المسألة فحسب، بل فتح باب النقاش داخل المجتمع الكويتي. في أكتوبر/تشرين الأول 2016، أعلن البرلمان الكويتي أنه سيراجع القانون، وطلب الأمير من البرلمان إعادة تقييم نطاق القانون، وحصر جمع الحمض النووي الإلزامي على الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة. وأمام ضغط المجتمع المدني المحلي ومطالبات مواطنين كويتيين، قررت المحكمة الدستورية إلغاء القانون في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2017. وأعلنت أنه يتعارض مع الدستور الكويتي الذي يحمي الحق في الخصوصية في مادتيه 30 و 31.

انتهاك الحق في حرية التعبير

واصلت السلطات الكويتية سنة 2017 تقييدها للحق في حرية الرأي والتعبير بمقاضاة الناشطين السلميين والصحفيين والمعارضين السياسيين على أساس تشريعات معيبة، بما في ذلك قانون الصحافة والاتصالات لعام 2006 وقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015 وقانون أمن الدولة لعام 1971، التي تجرم انتقادات سلمية مثل "إهانة الأمير". ويسمح هذا الحكم المبهم والفضفاض بتجريم الأفعال السلمية التي تدخل في نطاق حرية التعبير.

إضافة إلى ذلك، يتضمن قانون الجنسية أحكاما تسمح بسحب الجنسية على أساس تهم من قبيل "تهديد المصالح العليا للدولة أو أمنها"، تستخدمها السلطات الكويتية لتجريد منتقدي الحكومة من جنسيتهم. وأخيراً، فإن التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخابات في عام 2016، تمنع جميع المدانين بتهمة "التشهير" أو "التجديف" من الترشح أو التصويت في الانتخابات، وتوضح نموذجا آخر من العقوبات القاسية ضد المعارضين السياسيين الذين يعبرون عن آرائهم سلميا، لأن هذه التعديلات تمنع أعضاء البرلمان المدانين من التقدم للانتخابات في المستقبل.

في24 أبريل/نيسان 2017، وبناء على طلب الكرامة، اعتمد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي القرار رقم 20/2017 بشأن مسلم البراك، المعارض البارز والبرلماني السابق. و اعتبر الفريق العامل أن احتجاز البراك "تعسفي" لأنه نجم مباشرة عن ممارسته لحقه الأساسي في حرية الرأي والتعبير. وانتقد خبراء الأمم المتحدة بشدة استخدام قانون الأمن الوطني رقم 31/1970، الذي يعدل أحكام قانون العقوبات، والذي يستخدم لتشديد القيود على الحق في حرية التعبير.

وعلى الرغم من تبني الفريق العامل لهذا القرار بعد الإفراج عن البراك في 21 نيسان/أبريل 2017، عقب قضائه عقوبة سنتين في السجن؛ إلا أن أهمية تبنّيه تكمن في كونه يعطي مثالا على حملة السلطات الكويتية على المعارضة السلمية. وأوصى القرار بتحسين التشريعات الوطنية وضمان تعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير. وانتقد خبراء الأمم المتحدة بشدة المادة 25 من قانون الأمن الوطني الكويتي، الذي حُكم على مسلم البراك بموجبه في عام 2015 بسبب إلقائه خطابا ينتقد سياسات الكويت والأمير. وتقضي هذه المادة بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات "كل من طعن علنا أو في مكان عام [...] في حقوق الأمير وسلطته، أو عاب في ذلك الأمير، أو تطاول على مسند الإمارة".

ومن ثم، أعرب الفريق العامل عن قلقه إزاء "قانون المساس بالذات الأميرية" وأكد على أنه ينتهك المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل الحق في حرية التعبير، ودعا إلى تعديل المادة 25 أو إلغائها. كما ذكر الفريق بالتعليق العام للّجنة المعنية بحقوق الإنسان الذي جاء فيه بأن "جميع الشخصيات العامة، بما في ذلك [...] رؤساء الدول والحكومات، معرضة بشكل شرعي للانتقادات والمعارضة السياسية".

الأعمال الانتقامية ضد المعارضين السياسيين

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قضت محكمة استئناف كويتية على 68 نائبا من أعضاء المعارضة وبرلمانيين كويتيين بالسجن من سنة إلى تسع سنوات. وجرت محاكمة المدانين، بمن فيهم ثمانية نواب سابقين وثلاثة نواب حاليين، بتهمة "اقتحام مبنى مجلس الأمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2011" خلال مظاهرة ضد الفساد السياسي.

وكانت وسائل الإعلام الكويتية قد كشفت في ذلك الوقت عن حالات فساد بارزة لسياسيين وبرلمانيين، فاندلعت مظاهرات سلمية في جميع أنحاء البلاد مطالبة السلطات بفتح تحقيقات ومحاسبة المسؤولين. وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تجمع مئات المتظاهرين أمام مبنى مجلس الأمة بعد رفض البرلمان فتح تحقيقات في مزاعم الفساد بشأن رئيس الوزراء آنذاك، الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح. ودفعت الشرطة، التي جاءت لمنع المسيرة وتفريق المتظاهرين، بالعشرات الذين انضم إليهم العديد من النواب المعارضين إلى اللجوء داخل مبنى مجلس الأمة، قبل أن يغادروا المكان بعد ساعات قليلة، إثر تدخل وسيط.

انطلقت تحقيقات النيابة العامة مع 70 شخصا دخلوا المبنى بزعم "التجمع غير القانوني" و "الاعتداء على الموظفين العموميين" و "إلحاق أضرار بالممتلكات العام". وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 2013، برأت المحكمة الابتدائية المتهمين من جميع التهم واعتبرت أن ما قام به المتظاهرون يدخل في التعبير عن آرائهم السياسية، وأنه ليس هناك ما يدل على أن أيا من المدعى عليهم كانت لديهم " النية في المساس بالنظام العام، أو تهديد الوحدة الوطنية أو نوايا إجرامية أخرى".

لكن النيابة العامة استأنفت الحكم في 18 ديسمبر/كانون الأول 2013، بحجة أن المحكمة الابتدائية أبدت علامات تحيز واستخدمت منطقا خاطئا في تفسيرها للقانون. وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعد دعوى قضائية استمرت أربع سنوات، ألغت المحكمة القرار السابق وحكمت على 68 نائبا وناشطا بالسجن، بحجة أن المتهمين "أساؤوا استعمال حقهم في حرية الرأي والتعبير وعرضوا الأمن العام للخطر والفوضى". وأشار العديد من المدانين أنهم لم يمنحوا الفرصة للدفاع عن أنفسهم، في حين أُصدرت أحكام غيابية على آخرين. وعلى الرغم من أن محكمة التمييز، وهي أعلى هيئة قضائية في الكويت، لم تقل كلمتها بعد إلا أن الأحكام نفذت فوراً.