كلمة مجلس أمناء الكرامة


كانت المنطقة العربية مجدداً وعلى مدار سنة 2017، مسرحاً لأفظع انتهاكات حقوق الإنسان. فبينما تفتقر البلدان التي تعيش نزاعات مسلحة مفتوحة، مثل العراق وليبيا وسوريا واليمن، إلى عمليات سلام جادة، تشهد بلدان أخرى بدرجات متفاوتة توترات متزايدة مع جيرانها. اقتران هذا الوضع بالتدخل العسكري الاجنبي عصف بأهم حقوق الإنسان الأساسية في المنطقة .


شهد العالم العربي احتجاجات تطالب بمزيد من الحريات والحقوق الاجتماعية، بينما استمرت الدكتاتوريات والاستبداد في قمع الأصوات المعارضة، بهدف توجيه ضربة قاضية لمُثل الربيع العربي. وتحت ذريعة مكافحة الإرهاب، توجّه الأنظمة قمعها ضد الناشطين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وتعرّض عشرات الأفراد للتعذيب والسجن والإعدام أحيانا نتيجة لذلك، وتقوم أنظمة تلك الدول باستمرار بسن قوانين قمعية جديدة في انتهاك صارخ للحقوق الأساسية لمواطنيها .


في ظل هذا التوتر، صار عمل المنظمات الحقوقية، مثل الكرامة، التي ترنو لعالم عربي يعيش فيه جميع الأفراد بكرامة بعيدا عن الظلم، أمراً حيوياً. وفي الحين الذي تغض فيه معظم الدول الغربية الطرف عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان نتيجة لتزايد الشعبوية أو لاعتباراتها الجيوستراتيجية، فإن ضحايا الانتهاكات الجسيمة يحتاجون إلى دعمنا وعملنا أكثر من أي وقت مضى. وعلينا أن ندرك أن هذا التصعيد في انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة العربية مؤشر واضح يدفعنا إلى توقع موجة جديدة من الربيع العربي. والسؤال المطروح في هذا الصدد ليس كيف، بل متى، و في ظل أية ظروف سيحدث ذلك .


قدمت الكرامة عام 2017 مساعدتها إلى مئات ضحايا الاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي والإعدام. وقامت بإعداد وتقديم تسعة تقارير إلى الهيئات المنشأة بمعاهدات في الأمم المتحدة، فضلا عن ثلاثة تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان في سياق الاستعراض الدوري الشامل. وعلى الرغم من استهدافنا المتواصل ومواردنا المحدودة، فقد حققنا عددا من الإنجازات الملحوظة، ونأمل أن يثمر عملنا تغييراً إيجابياً في المنطقة.


والملاحظ هذه السنة أن حكومات المنطقة صارت تستهدف في المقام الأول المدافعين عن حقوق الإنسان وتعاقب كل من يجرؤ على المطالبة بالانتصاف أمام آليات الأمم المتحدة. هذه الحكومات لا تنتهك حقوق الإنسان فحسب، بل تمارس أيضا أعمالا انتقامية منهجية ضد من يدينون الانتهاكات. وفي هذا الصدد، التمست الكرامة تدخل الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي قال: "نخسر جميعا عندما يتعرض أولئك الذين يتعاملون مع الأمم المتحدة للترهيب والتهديد والسجن بسبب نشاطهم هذا، لكن الأدهى أن الأمم المتحدة تفقد مصداقيتها.  ويقع على عاتق الأمم المتحدة ككل المسؤولية الجماعية لوقف ومنع هذه الأعمال الشنيعة".


هذا العام، استُهدفت الكرامة مرة أخرى بحملات تشهيرية تديرها دول معروفة بسجلاتها المروعة لحقوق الإنسان. غير أن التطور الجديد هذه المرة كان الهجوم المباشر ضد الكرامة، بقيادة حكومة الإمارات. واتخذ ذلك شكل تصريحات معادية من طرف مسؤولين حكوميين، فضلا عن تقديم قرار إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة يهدف إلى حرمان الكرامة من الصفة الاستشارية للمجلس، على الرغم من التوصية الإيجابية التي قدمتها اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

هذا التدخل السياسي السافر في قضايا حقوق الإنسان، يجب أن يواجه بالإدانة. ولا بد أيضاً من عدم السماح للحكومات بإعاقة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في إطار الهيئات الدولية المنشأة بمعاهدات لحماية تلك الحقوق. ومهما يكن، فإن الكرامة عازمة أكثر من أي وقت مضى على مواصلة عملها المهني المشهود له في تقديم المساعدة القانونية لضحايا الانتهاكات في المنطقة العربية .


ونود أن نشكر خبراء الأمم المتحدة المستقلين والموظفين المتفانين في المفوضية السامية لحقوق الإنسان على تعاونهم المثمر والدائم. كما نشكر جميع المنظمات والشركاء والأصدقاء الذين أعربوا عن تأييدهم لمنظمتنا خلال الهجمات التشهيرية التي تعرضنا لها.


وختاماً، نغتنم هذه الفرصة للتعبير عن شكرنا وعرفاننا الصادق للرجال والنساء الصامدين والمتفانين في جميع أنحاء المنطقة العربية، الذين يخاطرون في كثير من الأحيان بحياتهم دفاعاً عن حقوق الإنسان، فلولاهم ما كان لعملنا أن يكون، سنبقى دائما إلى جانبهم .

مجلس أمناء الكرامة


جيبوتي

« التفاصيل

البحرين

« التفاصيل

الجزائر

« التفاصيل


العراق

« التفاصيل

الأردن

« التفاصيل


الكويت

« التفاصيل

لبنان

« التفاصيل

لييبا

« التفاصيل


موريتانيا

« التفاصيل

المغرب

« التفاصيل


فلسطين

« التفاصيل

السعودية

« التفاصيل


السودان

« التفاصيل

سوريا

« التفاصيل


الإمارات

« التفاصيل

اليمن

« التفاصيل


قدمت الكرامة سنة 2017 ما مجموعه 190 شكوى، شملت مجموعة منها أكثر من فرد واحد، إلى الإجراءات الخاصة وهيئات الأمم المتحدة المنشأة بمعاهدات، وإلى آليات دولية أخرى لحقوق الإنسان كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية.

قاموس المصطلحات