فلسطين

 

مخيم عايدة للاجئين، فلسطين، 30 مايو / أيار 2015 (المصدر: أليكسيس ثيري)

ترقبوا

  • كانون الثاني/يناير 2018: الاستعراض الدوري الشامل لإسرائيل؛
  • حزيران/يونيو 2018: اعتماد مجلس حقوق الإنسان للوثيقة الختامية للاستعراض الدوري الشامل.

انشغالاتنا

  • ممارسة السلطات الإسرائيلية للاحتجاز التعسفي، لاسيما الاعتقال الإداري، والتعذيب في حق الفلسطينيين بمن فيهم القاصرين؛
  • قمع حرية التعبير سواء من قبل السلطات الإسرائيلية والفلسطينية؛
  • ممارسة التعذيب والاعتقال التعسفي من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة.

شهد العام 2017 الذكرى السنوية الخمسين لحرب يونيو/حزيران 1967، المعروفة أيضاً بحرب الأيام الستة بين إسرائيل ومصر والأردن وسوريا، حيث سيطرت إسرائيل بعد ستة أيام من القتال على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وبهذه المناسبة، ندد مايكل لينك، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بتزايد "الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي يمارسها الاحتلال، كالعقاب الجماعي ومصادرة الأملاك والاستخدام المفرط للقوة والقتل خارج نطاق القانون، وتقييد حرية التنقل والتوسع المطّرد للاستيطان ".

في عام 2017، واصلت إسرائيل سياستها التوسع الاستيطاني ضاربة عرض الحائط بنداءات المجتمع الدولي لوقف تلك الممارسة. وفي السياق ذاته، عملت الحكومة الإسرائيلية على صياغة مشروع "القدس الكبرى" الذي يهدف لضم مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إلى حدود مدينة القدس التي تريد رسمها. وفي تشرين الأول/أكتوبر، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي تأجيل التصويت على المشروع.

راوحت المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية محلها طيلة العام. وبعد إعلان الرئيس الامريكى دونالد ترامب قراره بالاعتراف من جانب واحد بالقدس عاصمة لاسرائيل في 6 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تخلّيه عن الولايات المتحدة كوسيط فى عملية السلام. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة 128-9 لصالح رفض اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وعقب قرار ترامب، اندلعت مظاهرات احتجاجية في أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. وردت قوات الأمن الإسرائيلية بعمليات اعتقال واسعة النطاق واستخدام مفرط للقوة، لا سيما الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين المدنيين العزّل، مما أدى إلى مقتل 16 فلسطينياً وجرح الآلاف. وكانت الحملة أكثر عنفا في غزة، إذ لم تتوان القوات الاسرائيلية عن قتل متظاهر فلسطيني مقعد يبلغ من العمر 29 عاما. وأعلن المفوض السامى لحقوق الانسان فى الأمم المتحدة بهذا الخصوص أن إقدام إسرائيل على قتل فلسطيني يتظاهر على كرسيه المتحرك "غير مفهوم" و "عمل مروع ووحشي".

على المستوى السياسي، جرت انتخابات بلدية في الضفة الغربية في أيار/مايو لأول مرة منذ عام 2012. لكن نسبة إقبال الناخبين المنخفضة عكّرت صفو أهمية إجراء الانتخابات، فضلاً عن مقاطعتها من قبل حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقد أبرزت تلك الانتخابات التنافس الحاصل بين فتح التي يرأسها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وحماس التي تسيطر على قطاع غزة. علما أن الضفة الغربية وقطاع غزة لم يجريا انتخابات مشتركة منذ عام 2006. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر، وقّعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة فلسطينية برعاية مصرية أنهى بالتالي الانقسام الداخلي الذي دام عشر سنوات. ونص الاتفاق على بسط السلطة الفلسطينية سيطرة إدارية كاملة على قطاع غزة بحلول الأول من ديسمبر/كانون الأول. وفي المقابل، ترفع السلطة الفلسطينية القيود المفروضة على قطاع غزة بشأن الكهرباء، حيث يعاني قرابة المليوني فلسطيني هناك من تدهور الأوضاع الإنسانية. واتفق الطرفان أيضا على إجراء انتخابات عامة في موعد أقصاه نهاية عام 2018. رغم ذلك، مازال اتفاق المصالحة الجديد غير مستقر، لاسيما أن عدة جهود لإنشاء حكومة وحدة وطنية قد فشلت في الماضي.

الإفراج عن المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان شيرين العيساوي

في 17 أكتوبر/تشرين الأول، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن المحامية الفلسطينية والمدافعة عن حقوق الإنسان شيرين العيساوي بعد احتجازها تعسفياً لأزيد من ثلاث سنوات ونصف.

اعتقلت شيرين وشقيقيها شادي ومدحت، في مارس/آذار 2014، واتهموا بـ "التعاون مع جهات فاعلة تعمل ضد إسرائيل". وجاء اعتقالهم في إطار حملة قمع شنتها السلطات الإسرائيلية ضد المحامين الذين يدافعون عن السجناء الفلسطينيين.

أُفرج عن شادي بكفالة، في حين استمر احتجاز شيرين ومدحت دون اتهام إلى أن حكم عليهما في عام 2016 بالسجن على التوالي أربع وثماني سنوات. اتهما بتمرير معلومات ونقل أموال إلى بين السجناء ومنظمات سياسية محظورة من قبل السلطات الإسرائيلية.

اهتمت شيرين في عملها كمحامية بالدفاع عن العديد من السجناء الفلسطينيين، وكانت لسانهم الناطق، لا سيما شقيقها سامر الذي أضرب عن الطعام 270 يوماً ولاقى إضرابه اهتماما دولياً كبيراً. وكانت شيرين وشقيقها مدحت يديران مؤسسة القدس للاستشارات القانونية.

حازت شيرين على جائزة الكرامة للمدافعين عن حقوق الإنسان لعام 2014، التي كانت تمنح سنوياً لإحدى الشخصيات أو المنظمات الفاعلة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم العربي.

لا يزال شقيقا شيرين، سامر ومدحت، محتجزين في السجون الإسرائيلية. وبناء على طلب من مؤسسة الكرامة، رفعت مجموعة من الخبراء الأمميين، ضمنهم رئيس الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، مذكرة إلى السلطات الاسرائيلية بتاريخ 14 يوليو/تموز 2014، بشأن الاعتقال والاحتجاز التعسفيين لشقيقي شيرين، لكن السلطات الإسرائيلية لم تكلف نفسها عناء الرد.

الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان بحق الفلسطينيين

مرة أخرى هذا العام، انتهكت إسرائيل أبسط الحقوق الأساسية للفلسطينيين. فلا يزال المئات محتجزين إداريا في إسرائيل بموجب القانون العرفي - الذي يُطبّق في الضفة الغربية المحتلة - دون توجيه اتهامات إليهم أو محاكمتهم. وبحسب دائرة السجون الإسرائيلية، يوجد 434 فلسطينيا قيد الاحتجاز الإداري حتى كانون الأول/ديسمبر 2017.

ويمكن للاحتجاز الإداري أن يستمر لفترة غير محددة، فهو يستند عادة إلى معلومات سرية، ولا يتيح للمحتجزين إمكانية الطعن في شرعية توقيفهم. ناهيك عن أن المحتجز إدارياً يمنع عليه التواصل مع محاميه وأفراد أسرته أو حتى طلب المعاينة لدى طبيب مستقل.

في31 أغسطس/آب أفرج عن محمد أبو سخا، فنان السيرك البالغ من العمر 26 عاما، بعد احتجازه لأكثر من عام ونصف في سجن إسرائيلي دون تهمة أو محاكمة. اعتقل الجيش الإسرائيلي أبوسخا في 14 ديسمبر/كانون الأول 2015، أثناء عبوره حاجز زعترة العسكري بالقرب من نابلس. وبعد عشرة أيام، أمرت محكمة عسكرية باعتقاله إدارياً لمدة ستة أشهر، بحجة قيامه بـ "أنشطة غير مشروعة" مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. رغم نفي أبو سخا الاتهام، لم تكشف النيابة العسكرية عن أي دليل على ادعاءاتها، الأمر الذي حال دون إمكانية الطعن في شرعية احتجازه أو حتى إعداد دفاعه. احتجز أبوسخا لمدة سنة ونصف بموجب سلسلة أوامر إدارية كان يتمّ تجديدها بانتظام.

من ناحية أخرى، يتعرض المعتقلون في السجون الاسرائيلية للتعذيب. وغالباً ما يحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي ويحرمون من النوم لساعات طويلة ويضربون وتوجه لهم التهديدات اللفظية أثناء الاستجواب بغية حملهم على الاعتراف. ويؤخذ بالاعترافات، التي تُحرّر باللغة العبرية ويُكره المعتقلون الفلسطينيون على التوقيع عليها- كدليل رئيسي أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية.

لا يستثنى الأطفال الفلسطينيون من ذلك، فهم يتعرضون للاعتقال بصورة روتينية ويمثلون أمام المحاكم العسكرية – التي تُنتقد بشكل واسع بسبب ولايتها القضائية على المدنيين وعدم احترامها لضمانات المحاكمة العادلة – ويتهمون بارتكاب جرائم أمنية، أهمها جرم إلقاء الحجارة الذي يُعاقب بالسجن لفترة قد تصل إلى 20 سنة. ويتم اعتقال الأطفال دون أوامر قضائية، ويتعرضون للضرب، ويجرّدون من ملابسهم لتفتيشهم ثم يكبلون وتعصب أعينهم أثناء عمليات القبض.

يتم بعد ذلك استجوابهم لساعات دون حضور محاميهم أو أحد من عائلتهم، وهم مكبّلي الأيدي، وتوجه إليهم الشتائم والإهانات. ثمّ تُقدّم إليهم وثائق مكتوبة باللغة العبرية ويجبرون على التوقيع عليها دون معرفة محتواها.

وأخيراً، زادت السلطات الاسرائيلية من تقييدها لحق الفلسطينيين في حرية الرأي والتعبير خلال السنوات الأخيرة. ووفقاً لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، تمّ اعتقال 280 فلسطينياً منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2015، وهو ما يمثل بداية ما وصفه المراقبون ب "الانتفاضة الثالثة" أو "انتفاضة القدس" التي بدأت بالاشتباكات بين الفلسطينيين و قوات الأمن الإسرائيلية في القدس. وجرى اعتقال الفلسطينيين الـ 280 على خلفية منشورات وصور تمّ نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وهذا ما حصل مع الشاعرة الفلسطينية دارين طاطور التي اعتقلت في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، ووجهت لها تهمة "التحريض على العنف" و "دعم منظمة إرهابية" من قبل محكمة الصلح في الناصرة، التي استندت في ذلك إلى أَشْعار دارين ونشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي. تخضع دارين للإقامة الجبرية منذ كانون الثاني/يناير 2016، ويتعيّن عليها ارتداء سوار إلكتروني في رجلها إضافة إلى حرمانها من استخدام الإنترنت. وفي كانون الأول/ديسمبر 2017، التمست الكرامة من المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير التدخل العاجل ودعوة السلطات الإسرائيلية إلى إنهاء الإقامة الجبرية المفروضة على دارين وإسقاط جميع التهم الموجهة إليها.

انتهاكات حقوق الإنسان من طرف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحركة حماس في قطاع غزة

في عام 2017، تعرض فلسطينيون لانتهاكات من طرف السلطة الفلسطينية وحماس في الضفة والقطاع. ففي غزة، تم إعدام ثلاثة رجال في 6 أبريل/نيسان أدينوا بتورطهم في قتل أحد قادة حماس. وكانت محاكمتهم قد جرت أمام محكمة عسكرية ميدانية بتهمة الخيانة و "التعاون مع المحتل". وأدان المفوض السامي لحقوق الإنسان عمليات الإعدام تلك، معتبراً أن فرض عقوبة الإعدام يتعارض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، حيث لم يتم التحقيق في مزاعم التعذيب والإجبار على الاعترافات، فضلا عن أنه لا ينبغي محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.

وعلاوة على ذلك، تلقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في فلسطين، عشرات حالات الاعتقال التعسفي - بما في ذلك الحالات الناشئة عن رفض تنفيذ أحكام المحاكم أو البراءة، وحالات الاعتقال التي تُفرض لأسباب سياسية – إضافة إلى العديد من حالات التعذيب.

قضية عماد أبو رزق هي خير نموذج لتلك الممارسات. أطلق سراح الرقيب في جهاز المخابرات العامة الفلسطينية عماد أبو رزق في 3 آذار\ مارس 2017، من سجن الاستخبارات العسكرية التابع للسلطة الفلسطينية في عقبة جبر قرب أريحا، عقب أربعة أشهر من الاحتجاز التعسفي. اعتقل عماد في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، في سجن الاستخبارات العسكرية، بعد استجوابه تحت التعذيب. واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أسبوع قبل أن يسمح له بالاتصال بزوجته لأول مرة. بدأ في كانون الثاني/يناير 2017 إضرابا عن الطعام احتجاجا على ظروف احتجازه، وانتقاماً منه على ذلك حرمته السلطات من الاتصال بزوجته مجددا، وظلّ مكان احتجازه قيد الكتمان لأكثر من أسبوعين.

وأخيراً، تزايدت انتهاكات الحق في حرية التعبير بشكل ملحوظ في عام 2017. وأصدر النائب العام للسلطة الوطنية الفلسطينية ما بين 12 و 15 يونيو/حزيران، أمراً بحجب 12 موقعاً إخبارياً إلكترونياً على الأقل في الضفة الغربية. تعتبر جميع مواقع وكالات الأنباء المستهدفة منبراً للأصوات المنتقدة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يثير المخاوف من أن يهدف هذا الإجراء إلى فرض المزيد من القيود على حرية التعبير.

وفي 24 يونيو/حزيران، أصدر الرئيس محمود عباس مرسوما رئاسيا أقرّ فيه "قانون الجرائم الإلكترونية". يقيّد نص القانون حرية التعبير عبر الشبكة العنكبوتية، ويعاقب أي "جريمة ترتكب على الإنترنت" و"تضر بالوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية" بالأشغال الشاقة - وهي عملياً عقوبة سجنية - لمدة تتراوح بين 3 و 15 سنة. كما "يكلف مقدمي خدمات الانترنت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من خلال جمع وتخزين وتشارك بيانات المعلومات الخاصة بالمستخدمين لمدة ثلاث سنوات على الأقل، إضافة إلى حجب أي موقع عن الشبكة بناء على أوامر قضائية".

انتقدت وسائل الإعلام الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني القانون الجديد لانتهاكه الحق في حرية التعبير والخصوصية، ودعوا إلى إلغائه فوراً. بيد أن السلطات لم تنتظر كثيراً للبدء بتطبيقه فقامت بعد أسابيع قليلة من اعتماده باعتقال عدة صحفيين، ضمنهم المدافع عن حقوق الإنسان عيسى عمرو، مؤسس ومنسق حركة "شباب ضد الاستيطان". اعتقل عمرو في 4 أيلول/سبتمبر بتهم من بينها "زعزعة النظام العام" بموجب قانون الجرائم الالكترونية الجديد بسبب تعبيره عن رأيه على الفيسبوك وانتقاده اعتقال السلطة الفلسطينية لأحد الصحفيين، ثم أُطلق سراحه بكفالة في 10 سبتمبر/أيلول. وتوضح قضية عمرو تصعيد حملة القمع التي تمارسها السلطات على حرية التعبير.