الإمارات

 

وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون يلتقي بولي عهد الإمارات محمد بن زايد في ماكلين، فرجينيا، 16 مايو 2017 (المصدر: وزارة الخارجية الأمريكية / Wikimedia Commons)

ترقبوا

  • كانون الثاني/يناير 2018: الاستعراض الدوري الشامل؛
  • حزيران/يونيو 2018: اعتماد نتائج الاستعراض الدوري الشامل التي وثقها مجلس حقوق الإنسان.

انشغالاتنا

  • الممارسة المستمرة للتعذيب كوسيلة للانتقام وانتزاع الاعترافات؛
  • قمع حرية الرأي والتعبير بالاستناد إلى ترسانة قانونية صارمة تجرم هذا الحق؛ ومواصلة الاعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين؛
  • تهميش السكان عديمي الجنسية.

تبدو الإمارات العربية المتحدة للوهلة الأولى أنها دولة التسامح والتعدد- صورة تدعمها مشاريعها الثقافية مثل افتتاح متحف اللوفر في أبو ظبي في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 - لكن الواقع يدحض ذلك. تشير تقديرات المنظمات غير الحكومية لسنة 2017 إلى وجود أكثر من 200 سجين رأي محتجز حاليا في الإمارات، نصفهم تقريباً من الأجانب. وكشف اعتقال أحمد منصور، المدافع البارز عن حقوق الإنسان في آذار/مارس، عن جهود السلطات للقضاء نهائيا على الأصوات المعارضة لدرجة أن المجتمع المدني اختفى تقريبا من البلاد.

افتتح متحف اللوفر في تشرين الثاني/نوفمبر، إلا أن الجدل الذي رافق التقارير التي تحدّثت عن انتهاكات حقوق العمال المهاجرين على موقع البناء كدّر الحدث. وألقي القبض على صحفيين سويسريين كانا يغطيان الافتتاح بعد أن قاما بتصوير عمال باكستانيين في سوق في الهواء الطلق. عصبت أعينهما وعوملا بقسوة أثناء استجوابهما من طرف السلطات الإماراتية لأكثر من 50 ساعة، قبل أن يفرج عنهما بعد أن أجبرا على التوقيع على "اعترافات" باللغة العربية.

وعلى الصعيد الدولي، شاركت الإمارات بقيادة السعودية في قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة. وفي يوليو/تموز، قررت الإمارات طرد جميع القطريين من أراضيها، وأمرت بعودة جميع مواطنيها من قطر في غضون 14 يوما. وقد أدت هذه السياسة، التي تعدّ من أشكال العقاب الجماعي، إلى تفكيك وتفريق عدد كبير من الأسر، كما حالت دون مواصلة مئات الطلاب القطريين دراستهم في الإمارات.

وعلاوة على ذلك، واصلت الإمارات سياستها التدخلية ضمن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، إذ عززت سيطرتها على مناطق واسعة جنوب البلاد. وأقامت موطئ قدم لها في عدن، حيث تسيطر على الميناء والمطار ومعظم نقاط التفتيش العسكرية المحيطة بهما. ووفقا لتقارير المنظمات غير الحكومية، تقوم الإمارات بتمويل وإدارة القوات العسكرية المعروفة باسم قوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية. وقد تورطت هذه المجموعات المدعومة من الإمارات، والتي تدير شبكة من السجون السرية تحتجز فيها المئات في ظروف سيّئة للغاية، في جرائم اختفاء قسري واحتجاز تعسفي للعديد من الضحايا إضافة إلى جرائم التعذيب وسوء المعاملة.

الأمم المتحدة تدين الممارسة المنهجية للاحتجاز التعسفي

أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي سنة 2017، بطلب من الكرامة، أربعة قرارات بشأن أفراد محتجزين في الإمارات. ووصف الفريق الأممي فيها احتجازهم بالتعسفي ودعا إلى الإفراج الفوري عنهم. لكن السلطات لم تنفذ أيا منها حتى الآن. واعتبر الفريق أن هؤلاء الأفراد محتجزون دون أي أساس قانوني، أو أن ذلك ناتج عن ممارستهم لحقهم الأساسي في حرية التعبير، أو أدينوا نتيجة لمحاكمات لا تحترم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

ويتعلق الأمر بكل من: محمد عز، وهو مواطن سوري حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بسبب منشوراته على حسابه في فيسبوك وتعليقاته على تطورات الحرب في سوريا؛ أحمد مكاوي، مواطن لبناني حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بسبب "الانتماء إلى منظمة إرهابية" استنادا إلى "اعترافاته" المنتزعة تحت التعذيب؛ الصحفي الأردني تيسير سلمان، حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات على خلفية انتقاده على الفيسبوك الحكومتين المصرية والإماراتية بسبب عدم دعمها للفلسطينيين المحاصرين خلال عملية الجرف الصامد الإسرائيلية عام 2014؛ ناصر بن غيث اقتصادي وناشط إماراتي، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات بزعم أن تغريداته "تعرض الوحدة الوطنية للخطر".

تمت ملاحقة هؤلاء الضحايا بالاستناد إلى الترسانة القانونية الصارمة للإمارات التي تقيد الحق في حرية الرأي والتعبير، وتتألف من قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012، وقانون مكافحة الإرهاب لعام 2014، وقانون العقوبات. فعلى سبيل المثال، اتهم تيسير سلمان بنشر معلومات عبر الإنترنت بنية "السخرية و الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة"، وهي جريمة يعاقب عليها بموجب المادة 29 من قانون الجرائم السيبرانية.

وأعرب الفريق العامل في هذه القرارات، عن قلقه إزاء "سجل الإمارات المتعلق بالقضايا السابقة المتعلقة باحتجاز الأفراد بسبب أنشطتهم على الإنترنت"، مما يسلط الضوء على السلوك المثير للقلق المتمثل في محاكمة الأفراد بسبب تعبيرهم عن آرائهم سلميا عبر الإنترنت".

وذكر الفريق العامل كذلك أنه توصل بعدد من الحالات المتسقة بشأن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي و/أو الاحتجاز السري لمواطنين ورعايا أجانب في البلد. وعلق الفريق العامل أيضا على عدم احترام السلطات للضمانات الدولية للمحاكمة العادلة، معربا عن انشغاله إزاء حرمان المحتجزين من الوصول إلى المحامين وممارسة التعذيب أثناء الاستجوابات للحصول على "اعترافات" يؤخذ بها كأدلة في المحكمة. وعلاوة على ذلك، أشار الفريق العامل إلى أنه سبق ونبّه إلى كون الإجراءات القضائية أمام غرفة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا "تشكل انتهاكا للحق في ضمانات المحاكمة العادلة". وأخيرا، ذكّر الخبراء الإمارات العربية المتحدة بأن التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان تسري في جميع الظروف، مؤكدين على أن "مكافحة الإرهاب الفعالة واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون تشكل عناصر متكاملة ومتضافرة".

القمع المنتظم لحرية التعبير

في عام 2017، شددت السلطات الإماراتية القيود على حرية التعبير والرأي – المقيدة أصلا في البلاد - بشكل غير مسبوق، ونجحت في إسكات المعارضين السلميين وفي الإغلاق التام لمساحة المجتمع المدني. ومن أجل ملاحقة ومضايقة أي شخص ينتقد الحكومة، استعانت السلطات على ذلك بأحكام قانون نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية رقم 5 لعام 2012، وقانون مكافحة جرائم الإرهاب رقم 7 لعام 2014، والتعديلات التي أدخلتها على قانون العقوبات بموجب المرسوم رقم 7 لعام 2016. ينص قانون نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أحكام قاسية بالسجن قد تصل إلى المؤبد "لكل من ينشر معلومات تهدف أو تطالب بإسقاط أو تغيير النظام الحاكم للدولة." ويجرم النص أيضا "إهانة الحاكم" أو "الإضرار بالوحدة الوطنية أو سمعة الدولة" و " التخطيط والدعوة لمظاهرات دون ترخيص". كذلك يجرم قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 أعمال غير عنفية مثل "معاداة الدولة". وأخيراً، يعاقب قانون العقوبات، بصيغته المعدلة في عام 2016، كل "من أهان رئيس الدولة"، أو "من سخر أو أهان أو أضر بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو علمها أو شعارها الوطني أو رموزها الوطنية أو أي من مؤسساتها" بالسجن لمدة تصل إلى 25 عاما.

وعلاوة على ذلك، ازدادت حدة حملة قمع حرية التعبير في سياق أزمة الخليج التي اندلعت في حزيران/يونيه، وأعلن النائب العام للإمارات أن أي تعبير عن التعاطف مع قطر سيشكل جريمة يعاقب عليها بالسجن من ثلاثة إلى خمسة عشر سنة وغرامة لا تقل عن 136.000$. وأشار الى أن هذه المخالفات سوف تتم ملاحقتها وفقا لقانون الجرائم السيبرانية لأنها تعتبر ضارة بالاستقرار الاجتماعي والمصلحة العليا للبلاد.

في مارس/آذار، حُكم على ناصر بن غيث، الأكاديمي والحقوقي البارز، بالسجن عشر سنوات بسبب تغريدات نشرها على حسابه الشخصي. ألقي القبض على بن غيث في 18 أغسطس/آب 2015، من قبل ضباط أمن الدولة ونقل إلى مكان مجهول. وبعد أن اختفى لمدة ثمانية أشهر، مثل أمام المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات العربية المتحدة، وأبلغ القضاة بتعرضه للتعذيب واحتجازه بمعزل عن العالم الخارجي منذ تاريخ القبض عليه، لكنهم تجاهلوا ادعاءاته. من بين التهم التي وجهت له تهمة "ارتكاب عمل عدائي ضد دولة أجنبية" على خلفية تغريدات تطرق فيها إلى القتل الجماعي للمتظاهرين في ساحة رابعة من قبل قوات الأمن المصرية سنة 2013، و"نشر معلومات كاذبة من أجل تشويه سمعة ومكانة الدولة" و"الإضرار بالأمن العام والوحدة الوطنية"، كما اتهم لاحقا بـ "التعاون مع منظمة إرهابية تقوم بأنشطة تتعارض مع نظام الحكم في الإمارات".

وفي الشهر نفسه، داهم ضباط أمن الدولة منزل الحقوقي البارز أحمد منصور، وقبضوا عليه دون إظهار أمر يبيح لهم ذلك. ثم نقل إلى مكان مجهول يعتقد أنه مركز اعتقال محاذٍ لسجن الوثبة في أبو ظبي، حيث لم يسمح لأسرته بزيارته بانتظام، كما منع من الاتصال بمحام. ولم يُتّهم أحمد منصور رسميا، لكن وكالة الأنباء الإماراتية ذكرت أنه اعتقل بسبب "نشر معلومات مغلوطة وإشاعات وأخبار كاذبة والترويج لأفكار مغرضة [...] والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي". حاز أحمد منصور على جائزة مارتن إنالز للمدافعين عن حقوق الإنسان لعام 2015، وكان آخر مدافع عن حقوق الإنسان يعمل داخل الإمارات المتحدة.

وبعد بضعة أيام من اعتقاله، حث العديد من خبراء الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة حكومة الإمارات على الإفراج عنه فورا. وقال الخبراء إنهم اعتبروا اعتقاله واحتجازه "هجوما مباشرا على العمل المشروع للمدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة"، وأن "عمله المتميز في حماية حقوق الإنسان والنهوض بالديمقراطية، فضلا عن تعاونه الشفاف مع آليات الأمم المتحدة، [كان] ذو قيمة كبيرة ليس فقط بالنسبة للإماراتيين ولكن للمنطقة بأسرها". كما حثّ خبراء الأمم المتحدة السلطات الإماراتية على إنهاء مضايقة وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات، واحترام حق كل فرد في حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت.

قضية عديمي الجنسية الملحة

مازالت إشكالية عديمي الجنسية أو البدون، معضلة في دولة الإمارات التي تواصل حرمانهم من أبسط حقوق المواطنة بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهو ما يفاقم صعوبة الحياة اليومية لعديمي الجنسية حيث إنهم محرومون أو لديهم إمكانية محدودة للحصول على الرعاية الصحية العامة والتعليم والعمل. ناهيك عن القيود المفروضة على حقهم في السفر أو الملكية أو الزواج أو تسجيل المواليد.

تؤثر قضية انعدام الجنسية أساساً على ثلاث مجموعات مختلفة. أولاً، لم يتمكن المقيمون عديمو الجنسية الذين يعيشون منذ أمد طويل في البلاد من النجاح في التسجيل للحصول على الجنسية، وذلك بسبب عدم وجود وثائق رسمية تثبت ذلك. وبدلا من إعطاء الجنسية تدريجيا لهؤلاء الأفراد، وضعت السلطات مخططا لتحويل المقيمين منذ أمد بعيد إلى حاملي جوازات سفر من جزر القمر. وأدت هذه السياسة إلى تهميش عديمي الجنسية وتفاقم وضعيتهم وجعلتهم قابلين للترحيل بسهولة. ثانياً، يميز قانون الجنسية في الإمارات ضد المرأة التي لا تستطيع نقل جنسيتها إلى أطفالها. فالأطفال المولودون لأمهات يحملن الجنسية الإماراتية وآباء من عديمي الجنسية يصبحون عديمي الجنسية بدورهم، ولا يحق للأطفال المولودين من هذه الزيجات الحصول تلقائيا على الجنسية الإماراتية. وبدلا من ذلك، يجب عليهم الانتظار إلى حين بلوغهم سن 18 عاما؛ عندها يمكنهم تقديم طلب يخضع للسلطة التقديرية للحصول على الجنسية الإماراتية.

ثالثاً، يمكن أيضاً سحب جنسية المغضوب عليهم من المعارضين السياسيين أو النشطاء السلميين الذين تعتبرهم السلطات الإماراتية تهديدا للأمن القومي. وبالفعل سحبت السلطات الإماراتية منذ 2011 جنسية حوالي 200 شخص. وعادة ما يتم استدعاء الأفراد إلى إدارة الهجرة بذريعة تجديد وثائقهم الرسمية التي يطلب منهم إحضارها وعند ذلك تتم مصادرتها. ولا يمكن الطعن في هذا القرار ويحرم المتضررون من الحصول على نسخ من السجلات الرسمية، ويخطرون ببساطة أن جنسيتهم قد ألغيت وأنهم سيعتقلون بسبب إقامتهم غير القانونية في البلاد ما لم يكتسبوا جنسية مختلفة.