ترقبوا

  • تموز/يوليو 2018: استعراض الجزائر من قبل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

انشغالاتنا

  • حرمان أسر المختفين من الحق في معرفة الحقيقة والعدالة، ورفض السلطات المستمر تنفيذ قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، والامتناع عن التعاون بحسن نية مع فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي؛
  • القيود غير المبررة على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحظر المستمر على المظاهرات في الجزائر العاصمة؛
  • القمع والانتقام في شكل مضايقات قضائية ومحاكمات غير عادلة للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وأي شخص ينتقد السلطات.

في 4 مايو/أيار 2017، أجرت الجزائر انتخاباتها البرلمانية، التي شهدت رقما قياسيا في الامتناع عن التصويت. أفادت السلطات بأن نسبة المشاركة بلغت 30٪ من الناخبين. لكن المعارضة وأفراد المجتمع المدني احتجوا على هذا الرقم مشيرين إلى أنه أعلى بكثير من المعدل الحقيقي للمشاركة. ووصف المحللون المحليون والدوليون هذا التراجع في المشاركة السياسية، الذي ظل ثابتا في العقد الماضي، بأنه دليل على أزمة ثقة السكان في زعمائهم السياسيين، وتقويض لشرعية النظام السياسي الحالي. وأعطت نتائج الانتخابات، التي أعلن عنها في 6 مايو/أيار 2017، أغلبية المقاعد للحزب الحاكم، وجبهة التحرير الوطني وحليفها السياسي، التجمع الوطني الديمقراطي‎.

علاوة على ذلك، لم تنخرط السلطات في إصلاحات قانونية وسياسية واقتصادية مستدامة. وأدى انخفاض أسعار النفط إلى تقليص ميزانية الحكومة للإنفاق العام، مما أثر بشكل خطير على مستويات معيشة السكان. وفي نهاية العام 2017، أصبح التضخم متفشيا وأدى إلى اضطرابات اجتماعية واندلاع احتجاجات على ارتفاع تكاليف المعيشة في أجزاء مختلفة من البلاد.

تصدّت قوات الأمن لمعظم تلك الاحتجاجات الاجتماعية بعنف منتهكة بشكل متواصل حقوق وحريات المجتمع المدني الجزائري. ومع استمرار الحظر المفروض على المظاهرات في العاصمة في 2017، تميز العام بعمليات القبض التعسفية للمتظاهرين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين الذين أعربوا علنا عن سخطهم وانتقادهم لحكومتهم. وطالت هذه الحملة كل الأصوات المنتقدة لأسر ضحايا الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن خلال الحرب الأهلية المطالبة بالحقيقة والعدالة، والناشطين الشباب والمدونين الذين ينددون بالفساد وسوء التدبير.

 

أعمال انتقامية ضد ابن أحد ضحايا الإعدام خارج نطاق القضاء بعد قرار من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

أحالت الكرامة في 2017 قضية رفيق بلعمرانية إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وإلى الأمين العام للأمم المتحدة. وكان رفيق، وهو من النشطاء البارزين في الدفاع عن أبناء ضحايا الاختفاء القسري في إطار جمعية مشعل بجيجل التي شارك في تأسيسها، ضحية لأعمال انتقامية مستمرة من جانب السلطات الجزائرية.
في أيار/مايو 2012، وبعد أن عجز عن الحصول على حقه في معرفة الحقيقة والعدالة على الصعيد المحلي، قدم شكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن اختطاف والده محمد بلعمرانية الذي ألقي عليه القبض سنة 1995 وتعرض للتعذيب ثم الإعدام من قبل عناصر الجيش الجزائري.

تبنّت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أواخر سنة 2016، قرارها بشأن القضية، وخلصت إلى أن السلطات الجزائرية أخضعت محمد بلعمرانية للتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء وعرّضت أسرته لمعاملة قاسية. وطلب خبراء الأمم المتحدة من السلطات التحقيق بشكل كامل في إعدامه وإبلاغ أسرته بالنتائج ومقاضاة الجناة.

وبدلا من تنفيذ قرارات اللجنة، بعد أسبوعين من توجيه القرار إلى السلطات الجزائرية، استدعي رفيق بلعمرانية في 17 فبراير/شباط 2017 إلى مركز شرطة الأمن المركزي لولاية جيجل وتم استجوابه حول منشوراته في الفيسبوك، وشكواه للّجنة الأممية ونشاطه مع جمعية مشعل. احتجز في وقت لاحق، وتم تفتيشه في منزله ومصادرة جميع الوثائق المتعلقة بجمعية مشعل والشكوى التي قدمها إلى لجنة الأمم المتحدة.

اتهمت النيابة العامة لمحكمة جيجل بلعمرانية "بالإشادة بالإرهاب" بموجب المادة 87 مكررا (4) من قانون العقوبات، وهو ما يعد سابقة مقلقة ساوت فيها السلطات اللجوء إلى آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأحد أشكال "الإرهاب". وبناء على طلب الكرامة، وجّه مجموعة من الخبراء الأمميين رسالة إلى السلطات الجزائرية أعربوا فيها عن قلقهم العميق بشأن قضية رفيق بلعمرانية، وأكدوا قناعتهم بأن احتجازه والتهم الموجهة إليه ناتجة عن "نشاطه المشروع ودفاعه السلمي عن حقوق الإنسان، لا سيما ممارسته لحقه في حرية التعبير." وفي أيلول/سبتمبر 2017، أثار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قضية رفيق بلعمرانية في تقريره السنوي حول الأعمال الانتقامية التي تُمارس ضد المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة.

وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قضت محكمة جيجل الجنائية بسجن بلعمرانية خمس سنوات بتهمة "الإشادة بالإرهاب" على الرغم من غياب أي دليل مادي، إضافة إلى غرامة قدرها 100.000 دينار جزائري وحرمانه من حقوقه المدنية والسياسية لمدة ثلاث سنوات، مما يمنعه من عضوية أية جمعية أو المشاركة في أي نشاط حقوقي. وخلال جلسة الاستماع، طُلب من بلعمرانية تقديم تفسيرات بشأن ملفات ضحايا الاختفاء القسري التي صادرتها الشرطة، واتهم بـ "التحامل على الجزائر" مما يؤكد الطابع السياسي لإدانته.

تواصل انتهاك حق أسر المختفين بالمطالبة بالحقيقة والعدالة

بعد أكثر من 25 عاما على اندلاع الحرب الأهلية، لا تزال آلاف الأسر محرومة من الحق في معرفة حقيقة مصير أقاربها الذين اختفوا بعد اختطافهم من قبل قوات الأمن في التسعينيات. ويذكر أن الجزائر تحتل المركز الخامس عالميا من حيث عدد القضايا المعروضة على الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، كما أن الحكومة التمست تأجيل الزيارة التي طالب بها خبراء الأمم المتحدة عام 2000.

 

وتواصل السلطات رفضها إلقاء الضوء على مصير المختفين، على الرغم من العديد من القرارات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة المنشأة بمعاهدات التي تحثها على احترام التزاماتهم الدولية بالتحقيق في تلك الجرائم ومقاضاة الجناة. وفي أيار/مايو 2017، توجهت مجموعة من أسر الأشخاص المختفين إلى جنيف لعقد اجتماع مع الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي. قدمت الأسر شهاداتها، وأثارت مجموعة من القضايا كتقاعس السلطات عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي تطالب باحترام حقوقهم، فضلا عن الوصمة الاجتماعية السلبية والأعمال الانتقامية التي تواجهها.

 

كما تطرقوا إلى المعاناة النفسية لأسر بأكملها وتهميش أطفال الضحايا من الوظائف العامة. وطالبت الأسر خبراء الأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم والتنديد بعدم تعاون السلطات الجزائرية والأعمال الانتقامية الممارسة في حقها. وعلاوة على ذلك، وقبل استعراض الجزائر من طرف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان سنة 2018، قدمت الكرامة في 24 يوليو/تموز 2017 مساهمتها في قائمة المسائل التي أعدتها اللجنة. وأثارت الكرامة في تقريرها، 51 سؤالا يتعلق بمجموعة واسعة من المواضيع، لاسيما عدم استعداد السلطات للتحقيق في الجرائم السابقة، كما أعربت عن قلقها إزاء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لعام 2006 الذي يمنح عفوا شاملا للقوات الحكومية والقوات التابعة لها عن جميع الجرائم المرتكبة أثناء الحرب الأهلية. ويشكل الميثاق أيضا عقبة أمام التحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء الحرب من قبل جهات فاعلة غير حكومية ومحاكمة مرتكبيها.

 

وأخيرا، خلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث للجزائر، الذي أجري في 8 مايو/أيار 2017، نبهت عدة دول أعضاء في الأمم المتحدة إلى غياب أي تقدم بشأن إرساء الحقيقة والعدالة لأسر المختفين، وأوصت بانضمام الجزائر إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وتعاونها مع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وتنفيذ قراراتها بشكل تام، وإرسال دعوة دائمة دون تأخير لا مبرر له، إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي لزيارة البلاد.

 

انتهاكات الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي

وفي عام 2017، استمر الإبلاغ عن انتهاكات الحقوق الأساسية كحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. واتخذت تلك الانتهاكات أشكالا مختلفة، منها استمرار الحظر المفروض على المظاهرات في الجزائر العاصمة، فضلا عن القمع العنيف للمتظاهرين السلميين. ونتيجة لذلك، يتعرض المحتجون السلميون الذين يتحدون الحظر المفروض على المظاهرات في العاصمة للقمع على نحو منتظم، كما حدث في كانون الأول/ديسمبر 2017 مع المظاهرات في الجزائر المناهضة لاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل. وفي أجزاء أخرى من البلاد التي لا يشملها قانون الحظر، لا تزال الاحتجاجات تفرّق بعنف، بما في ذلك تلك التي اندلعت في ديسمبر/كانون الاول على أساس مطالب اجتماعية في الجزء الشرقي من البلاد.

أعربت العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خلال الاستعراض الدوري الشامل في أيار/مايو 2017، عن قلقها إزاء القيود المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. وعلى وجه الخصوص، دعت أغلبية كبيرة من الدول السلطات إلى إلغاء جميع أحكام السجن المتعلقة بالجرائم المتصلة بالصحافة، وإلغاء تجريم التشهير واعتماد إطار لحماية الصحفيين من الترهيب والمضايقات. وفي الواقع، فإن القانون الجنائي لا يزال يفرض غرامات باهظة على كل شخص يتهجم على الرئيس بـ "تعبير هجومي أو مهين أو تشهيري، من خلال الكتابات أو الرسومات أو الخطاب".

أما فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، دعت الدول الجزائر إلى رفع جميع القيود المفروضة على تسجيل الجمعيات وجعل الإجراءات أكثر مرونة وتوفير بيئة عمل آمنة لها. كما شجعوا السلطات على إصلاح قانون الجمعيات لعام 2012 لتوفير أساس قانوني واضح لا لبس فيه لعمل منظمات المجتمع المدني، فضلا عن الامتناع عن إعاقة العمل المشروع للمنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان. وبالفعل لا تزال السلطة التنفيذية تتمتع بسلطة تقديرية لرفض تسجيل الجمعيات بحجة عدم الامتثال "للقيم الوطنية والنظام والآداب العامة وأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها".

غير أن السلطات الجزائرية رفضت التوصيات الرامية إلى رفع القيود غير المبررة على حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعبير بذريعة أن مثل هذه "الانتهاكات غير موجودة" أو "تبررها القضايا الأمنية".