عمان

 

جامع السلطان قابوس الكبير، مسقط، سلطنة عمان، 2014 (المصدر: ريتشارد بارتز/ Wikimedia Commons)

انشغالاتنا

  • قمع حرية التعبير من خلال الرقابة الصارمة على الصحافة ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي؛
  • الترهيب والمتابعات القضائية ضد المنتقدين السلميين والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وممارسة الأعمال الانتقامية ضد أسرهم.

واجهت سلطنة عمان في عام 2017، عدة تحديات للحفاظ على استقرارها الداخلي وتوازنها الإقليمي. محلياً، اجتهد الاقتصاد العماني من أجل خفض دينه العام الكبير الناجم عن استمرار انخفاض أسعار النفط. أما على الصعيد الدولي، فواجهت السلطنة ضغوطاً متزايدة من السعودية والإمارات والولايات المتحدة للتخلي عن سياستها الخارجية الاعتيادية المحايدة وغير التدخلية، بخاصة فيما يتعلق بإيران. كذلك ظلّت مسقط متمسكة بعدم المشاركة في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد اليمن، كما لم تكن طرفاً في النزاع الدبلوماسي بين المملكة العربية السعودية وحلفائها ضد قطر.

وفي الوقت نفسه، واصلت السلطات ترهيب وإسكات جميع الأصوات المعارضة، وخلقت مناخا من الخوف في البلاد. وعمدت إلى مراقبة المنشورات والوسائل الإعلامية، ورصد المكالمات الهاتفية الخلوية الخاصة والرسائل الإلكترونية وغرف الدردشة. كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية العربية في يونيو/حزيران، عن أدلة تفيد بأن العديد من الدول العربية، بما فيها عمان، استحصلت على تكنولوجيا مراقبة جماعية متطورة من الشركة البريطانية العملاقة بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)- فرع الدنمارك. وأفاد التقرير بأن الشركة باعت السلطنة برنامج “Evidence” وهو تقانة إلكترونية هجومية تمكّن السلطات من الاستماع إلى المحادثات الخاصة، وقراءة رسائل البريد الإلكتروني، ومتابعة تحركات الأفراد المستهدفين. أدوات المراقبة الإلكترونية هذه، إضافة إلى التشريعات القمعية مثل قانون الجرائم الإلكترونية، جعلت النشطاء والمعارضين للحكومة يواجهون خطر المتابعة والعقاب بأحكام سجنية قاسية بسبب ممارستهم السلمية لحرية الرأي والتعبير.

فريق الأمم المتحدة يدين الرقابة على الصحافة والاعتقال التعسفي للصحفي يوسف الحاج

في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وبناء على طلب الكرامة، أصدر الفريق العامل في الأمم المتحدة المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي القرار رقم 94/2017 بشأن قضية محرر صحيفة الزمن يوسف البلوشي المعروف باسم يوسف الحاج. وأشار الفريق إلى طبيعة احتجاز الحاج التعسفية، معرباً عن أن "إدانته قد تكون سابقة قانونية تشجع على اعتقال واحتجاز ومعاقبة أو التهديد بإسكات المعارضين في المستقبل."

اعتُقل الحاج وتمّت مقاضاته بسبب مقال نشره في 27 يوليو/تموز 2016 على الصفحة الأولى لصحيفة الزمن المستقلة ندّد فيه بالفساد المستشري على أعلى مستويات السلطة القضائية. وفي 9 أغسطس/آب 2016، أصدرت الحكومة قرارا بحظر طباعة ونشر صحيفة الزمن، وتمّ توقيف يوسف الحاج – بعد أن سبق وأوقف كلّ من رئيس التحرير إبراهيم المعمري والصحافي زاهر العبري - واتُّهم، من جملة أمور أخرى، بـ "نشر ما من شأنه المساس بالأمن العام" و "ازدراء القضاء". وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2016، أصدرت محكمة الاستئناف في مسقط الحكم النهائي بشأن قضية الحاج، وحكمت عليه بالسجن لمدة سنة واحدة. وأُفرج عنه في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

اطلع الفريق العامل على قضيته وخلص إلى أن احتجاز الحاج كان تعسفياً بسبب ما ارتكبته السلطات العمانية من انتهاكات متعددة لأدنى ضمانات المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة. فقد ألقي القبض عليه دون أمر قضائي، واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أيام، وبمجرد مثوله أمام المحكمة، استهزأ به القاضي وحُرم من حقه في تقديم شهود دفاع.

وأكد خبراء الأمم المتحدة أيضاً أن التهم الموجهة إلى الحاج كانت "مرتبطة بشكل واضح بنشاطه كصحفي" وأن اعتقاله نتج عن ممارسة حقه في حرية التعبير. وفي هذا الصدد، طعن الفريق العامل في ادعاء عمان تقييد حرية الحاج في التعبير عن رأيه لأنه "ضار وغير قانوني". وشدد خبراء الأمم المتحدة على أن الانتقاد أو المعارضة السياسية لأية شخصية عامة، هو أمر مشروع، وعلى الحكومة "احترام وحماية وضمان الحق فى حرية الرأي والتعبير، حتى ولو أن صاحب الحق لا يرضيها".

ودعا الفريق العامل السلطات العمانية لحفظ حق الحاج وزملائه في صحيفة الزمن في الانتصاف القانوني. كما حث الخبراء عمان على التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتعديل التشريعات الوطنية التى تجرم المعارضة السلمية.

حملة القمع على حرية الصحافة

شددت السلطات العمانية في عام 2017، قيودها على حرية وسائل الإعلام من خلال الأعمال الانتقامية والترهيب الذي مارسته على الصحفيين المعارضين؛ لاسيما الاعتقالات التعسفية وسحب التراخيص. كما وجّهت تهمة "التشهير بالسلطان" أو "استخدام تكنولوجيا المعلومات لنشر مواد تضرّ بالنظام العام" للعديد من الصحفيين، وهي تهمة يجرّم فاعلها بموجب المادة 126 من قانون العقوبات والمادة 19 من قانون الجرائم الإلكترونية، وقد يلقى عقوبة سجنية تصل إلى ثلاث سنوات. وهذا ما حصل مع الصحفية العمانية فاطمة العريمي، مراسلة وكالة رويترز للأنباء، والتي جرّدت من أوراق اعتمادها في 12 كانون الثاني/يناير 2017 من قبل وزارة الإعلام. وجاء هذا القرار بعد أيام من نشر رويترز تقريرها حول معلومات عن مفاوضات سرية تجريها السلطنة مع دول خليجية للحصول على وديعة بعدة مليارات من الدولارات في بنكها المركزي لتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي وتفادي تخفيض قيمة عملتها، الأمر الذي نفته الحكومة العمانية.

لم تكتف السلطات العمانية بذلك، فحظرت أيضاً إصدار بعض الصحف وغيرها من المنشورات التي تكشف الفساد أو تنتقد سياسات الحكومة. وفي الثالث من مايو/أيار، حجبت السلطات موقع مجلة مواطن الإلكترونية التي أعلنت استئنافها للنشر لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. وكانت المجلة قد توقّفت عن النشر في عام 2016، بعد تكرار الضغوطات والمضايقات على موظفيها من قبل جهاز الأمن الداخلي العماني.

وفي تشرين الأول/أكتوبر، أمرت السلطات القضائية العليا في عمان بإغلاق صحيفة الزمن المستقلة نهائياً، وكانت الصحيفة قد تعرضت في السابق لأعمال انتقامية بسبب انتقاداتها. فعلى سبيل المثال، أُغلقت الصحيفة العمانية لمدة شهر في عام 2011 بتهمة "التشهير" و "إهانة كرامة" وزير العدل ونائبه. وفي9 أغسطس/آب 2016، أصدرت وزارة الإعلام قراراً بوقف تداول ونشر الصحيفة إلى أجل غير مسمى، عقب انتقادها للسلطة القضائية في إحدى المقالات، ونشر سلسلة من التقارير حول الفساد الحكومي. وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وبعد نزاع قانوني طويل بين صحيفة الزمن والسلطات العمانية، ألغت المحكمة العليا- التي اتهمتها الصحيفة بالفساد- حكماً سابقاً من محكمة الاستئناف وأمرت بإغلاق جريدة "الزمن" نهائياً.

أعمال إنتقامية ضد مدافعين عن حقوق الإنسان

شهد العام 2017 عدة حالات انتقامية ضد معارضين سلميين- تمثّلت بشكل خاص بمنع السفر ومصادرة جوازات السفر. وتلجأ السلطات على نحو متزايد إلى مصادرة جوازات السفر لمنع المدافعين عن حقوق الإنسان من مغادرة البلاد، بعد أن عمد العديد من الناشطين العمانيين البارزين لطلب اللجوء السياسي في الخارج في السنوات القليلة الماضية. وبالتالي، يجد الناشطون السلميون أنفسهم، بعد إطلاق سراحهم من السجن، مضطرين للبقاء في عمان. ويكونون بذلك عرضة لخطر تجديد اعتقالهم أو الانتقام منهم بسبب معارضتهم السلمية. وبهذه الطريقة، تقوم عمان بإسكات المجتمع المدني داخل البلاد ومنع النشطاء من التعبير عن معارضتهم للسلطة في الخارج.

وهذا ما حصل مع الكاتب والروائي حمود الشكيلي الذي اعتقل في أغسطس / آب 2016 بسبب قصيدة كان قد نشرها على فيسبوك. وعلى الرغم من إنهائه لعقوبته السجنية في كانون الثاني / يناير 2017، فرضت السلطات حظرا على سفره واستولت على جواز سفره بعد فترة وجيزة. وبالمثل، منع سجين الرأي هلال البوسعيدي من السفر منذ عام 2014، على الرغم من الإفراج عنه من السجن في حزيران / يونيه 2015، وقد قدم مرارا طلبات تلقي العلاج الطبي في الخارج.

إضافة إلى ذلك، حظرت السلطات بصورة متزايدة سفر أقارب الناشطين البارزين الذين طلبوا اللجوء في الخارج، في انتهاج واضح لأسلوب الترهيب والانتقام منهم بسبب نشاطهم السلمي. فعلى سبيل المثال، في يونيو 2015، فرّ محمد الفزاري، مؤسس ورئيس تحرير جريدة مواطن الإلكترونية، من بلده وطلب اللجوء في المملكة المتحدة، على الرغم من منعه من السفر. وبعد أيام، ألقت الشرطة القبض على شقيقه محمود الفزاري، واحتجزته لمدة ثلاثة أسابيع دون توجيه تهمة إليه. ومؤخراً، في يناير/كانون الثاني 2017، أوقفت السلطات العمانية زوجة الفزاري، وابنته البالغة من العمر 3 أعوام، وابنه البالغ من العمر سنة واحدة على الحدود بين عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وصادرت جوازات سفرهم دون تقديم أي تفسير.