ترقبوا

  • تموز/يوليو - آب/أغسطس 2018: استعراض موريتانيا أمام لجنة مناهضة التعذيب.

انشغالاتنا

  • المضايقات القضائية للمدافعين عن حقوق الإنسان، ولا سيما الناشطين المناهضين للرق؛
  • الافتقار إلى سياسة فعالة للقضاء على الرق؛
  • الممارسة الاعتيادية للتعذيب؛

خضعت موريتانيا سنة 2017 لتغييرات مؤسسية هامة. تم في 6 آب/أغسطس 2017 إجراء الاستفتاء الذي أعلن عنه الرئيس في عام 2016 والذي يقترح تعديلا دستوريا لإلغاء مجلس الشيوخ وتغيير علم البلاد ونشيدها. وأيد الناخبون إصلاحات الرئيس، بنسبة 85 في المئة، في حين قاطعت المعارضة بشكل كبير ما اعتبرته محاولة من رئيس الدولة لتعزيز سلطته على السلطة التشريعية للحكومة.

وفي الوقت نفسه، لا تزال الحقوق الأساسية مقيدة بشدة مثل الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وافقت حكومة الرئيس على مشروع تعديل لقانون العقوبات بشأن الزندقة الذي ينص أيضا على عقوبة الإعدام. وجاء هذا التعديل بعد الإفراج عن المدون محمد الشيخ ولد مخيطير، الذي حكم عليه بالإعدام بتهمة الردة بعد نشره لمقال ينتقد استخدام الدين كأساس للتمييز العنصري ضد طبقة "الحراطين"، قبل أن تقرر محكمة استئناف نواذيبو في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، إلغاء العقوبة والإفراج عنه.

وتُظهر حالة ولد مخيطير فضلا عن استمرار الأعمال الانتقامية ضد الناشطين المناهضين للرق، أن قضايا التمييز العنصري والفقر واسترقاق الحراطين والأقليات الأخرى لا تزال ملحة. وفي عام 2017، ندد الناشطون المحليون باستمرار ممارسة الرق في البلاد، مما يتناقض مع الرواية الرسمية للدولة التي تقول إن هذه الممارسة تم القضاء عليها بعد إلغائها سنة 1981 وتجريمها في عام 2007.

الأعمال الانتقامية ضد النشطاء المناهضين للرق

وفي عام 2017، تلقت الكرامة معلومات موثوقة تشير إلى استمرار اضطهاد الأفراد المنتمين إلى حركة مناهضة الرق. ويأخذ هذا الاضطهاد شكل المضايقات القضائية والاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، ولا سيما ضد جمعيات مثل مبادرة إحياء حركة إلغاء الرق (إيرا) التي ينتمي أفرادها إلى طبقة الحراطين التي تعمل على إنهاء ممارسة الرق في البلاد. وقد رفضت السلطات باستمرار دون أي تبرير واضح التصريح لمنظمة إيرا واعتمادها كجمعية موريتانية، الأمر الذي يشكل انتهاكا للحق في حرية تكوين الجمعيات.

و عام 2017، ظل الناشطون المناهضون للرق والمتظاهرون السلميون عرضة للأعمال الانتقامية بسبب نشاطهم السلمي. واستقبلت الكرامة العديد من الشهادات بشأن أشخاص احتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أيام وتعرضوا لسوء المعاملة والانتهاكات. وكان معظمهم متهمين بأنهم "أعضاء في منظمة غير مسجلة" و "التجمع المسلح" و "العنف ضد موظفي إنفاذ القانون" أو "التمرد". وفي بعض الحالات، نجمت تلك الأعمال الانتقامية عن تعاون الأفراد مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وفي تقريره الصادر في 20 سبتمبر/أيلول 2017، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بالأعمال الانتقامية ضد الناشطين المناهضين للرق بسبب تعاونهم مع خبراء الأمم المتحدة، ولا سيما المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، الذي زار البلاد في أيار/مايو عام 2016.

وعلاوة على ذلك، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قرارا بشأن 10 من أعضاء مبادرة إحياء حركة إلغاء الرق (إيرا) تم اعتقالهم بين حزيران/يونيو وتموز/يوليو 2016. احتجز هؤلاء الأفراد في السر وعذبوا وحكم عليهم بعقوبات سجنية تراوحت ما بين 3 و15 عاما بتهمة "التجمع المسلح"، و "العنف ضد موظفي إنفاذ القانون"، و "التمرد"، و "الانتماء إلى منظمة غير مسجلة". ونددت مجموعة خبراء الأمم المتحدة بالطابع التعسفي لاحتجازهم، وأشارت إلى أنهم يقومون بأنشطتهم كمدافعين عن حقوق الإنسان سلميا، ولم ينادوا أبدا باستخدام العنف. وخلص الخبراء إلى أن الاتهامات أثبتت أن ملاحقتهم قضائيا جاءت بسبب "اختيارهم القيام بهذا الدور في مجتمعهم ولا شيء آخر". ورغم الإفراج عن ثمانية من المدافعين عن حقوق الإنسان، أعرب الفريق العامل عن قلقه إزاء استمرار احتجاز موسى بيرام وعبد الله ماتالا ساليك، وطالب السلطات الموريتانية بإطلاق سراحهم فورا. وختم الفريق قراراه بالقول إنه "فوجئ" بعدم رد السلطات على رسالتهم، مذكرا أنها كانت أكثر تعاونا في الماضي.

الممارسة المتكررة للتعذيب ومناخ الإفلات من العقاب

لا تزال ممارسة التعذيب وسوء المعاملة لانتزاع الاعترافات، فضلا عن ظروف الاحتجاز اللاإنسانية، من المسائل المثيرة للقلق. ففي 2 آذار/مارس 2017، وخلال الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، قدم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، نيلز ميلزر، نتائج الزيارة التي قام بها سلفه خوان منديز من 25 كانون الثاني/يناير إلى 3 فبراير/شباط 2016. وسلّط المقرر الخاص الضوء على مسألة استمرار ممارسة التعذيب، وسوء ظروف احتجاز السجناء، وإفلات مرتكبي التعذيب من العقاب، وذكّر السلطات بضرورة اتخاذ "تدابير عاجلة لإنفاذ القوانين والضمانات اللازمة".

وقدم خبير الأمم المتحدة 30 توصية، ونبّه إلى أنه على الرغم من أن "أعمال التعذيب وسوء المعاملة لم تعد متفشية في موريتانيا، إلا أنها لا زالت تحدث بشكل متكرر، ولا سيما في المراحل المبكرة من الاعتقال والاستجواب، في كثير من الأحيان لغرض انتزاع الاعترافات." وشدّد على أن "الإفلات من العقاب على أعمال التعذيب وسوء المعاملة لا يزال القاعدة وليس الاستثناء".

وبالإضافة إلى ذلك، أعرب المقرر الخاص عن قلقه إزاء "الغياب شبه التام للتحقيقات في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة" وعدم رغبة القضاة في ملاحقة مرتكبي تلك الأفعال. وذكر بأن "السلطات ملزمة دوليا بحظر التعذيب وسوء المعاملة"، وأنه لا بد من مقاضاة الموظفين العموميين الذين يأمرون بالتعذيب أو يتجاهلونه أو يتسترون عليه ويسيئون استخدام سلطاتهم.

وعلاوة على ذلك، أشار خبير الأمم المتحدة، الذي زار سلفه عدة أماكن احتجاز في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك السجن الوحيد للنساء وأحد السجون الشديدة الحراسة، إلى الظروف المزرية وغير الصحية، وسوء نوعية الأغذية، فضلا عن محدودية وصول المحتجزين إلى الرعاىة الصحية. كما سلط الضوء على الاكتظاظ الشديد وتأثيره على ظروف معيشة السجناء. وخلص الخبير إلى أن ظروف الاحتجاز في موريتانيا غالبا ما ترقى إلى المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأوصى السلطات باتخاذ تدابير بديلة للسجن وإمكانية الحرية المشروطة للحد من الاكتظاظ في مرافق الاحتجاز.

وأخيراً، قدمت الكرامة في 26 حزيران/يونيو 2017 مساهمتها في قائمة المسائل التي أعدتها لجنة مناهضة التعذيب قبل استعراض موريتانيا في عام 2018. وبعد اطلاعها على تقرير الدولة، أثارت الكرامة 25 سؤالا بشأن قضايا متعددة بما في ذلك غياب تدابير تشريعية فعالة لحماية الأفراد من التعذيب وسوء المعاملة وإفلات الجناة من العقاب. وشدّدت الكرامة أيضا على أن التعذيب وسوء المعاملة يستخدم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان كشكل من أشكال الانتقام، ونبهت إلى انعدام آليات فعالة ومستقلة لتقديم الشكاوى لضحايا التعذيب.

التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يعيد النظر في ترتيب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ويصنفها في الفئة "ب"

قررت اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، خلال دورتها التي انعقدت في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تصنيف اللجنة الوطنية الموريتانية لحقوق الإنسان في الفئة "ب" بدلا من "أ". ويعني هذا القرار أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، قد تراجعت في التصنيف بسبب عدم امتثالها الكامل لمبادئ باريس.

واللجنة الفرعية للاعتماد هي الجهاز المسؤول عن تقييم مدى امتثال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لمبادئ باريس التي تضع المعايير لضمان استقلالية تلك المؤسسات عن الحكومات، وتوافرها على السلطة الكافية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في بلدانها بفعالية.

وقبل الاستعراض، قدمت الكرامة تقييمها الخاص لمدى امتثال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لهذه المبادئ، مع مراعاة اللجنة الفرعية للاعتماد بوجهة نظر المجتمع المدني.

وجاء قرار اللجنة الفرعية للاعتماد بخفض تصنيف اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بعد عملية مراجعة مطولة بدأت في يوليو/تموز 2016، بعد أن قدمت الكرامة تقريرا إلى اللجنة الفرعية للاعتماد استعدادا لإعادة النظر في اعتماد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. وبعد التشاور مع المنظمات غير الحكومية المحلية، قدمت الكرامة تقريرا مشتركا تؤكد فيه عدم امتثال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لمبادئ باريس، واستنتجت أنه منذ عام 2011، لم تستوف الشروط اللازمة للحفاظ على ترتيبها في الفئة "أ".

ونشرت اللجنة الفرعية للاعتماد في فبراير/شباط 2017، تقريرا يشمل ملاحظاتها الأولية التي سلطت الضوء على العديد من أوجه القصور الهامة في القانون المنشئ للجنة، وكذلك عدم استقلاليتها تجاه السلطة التنفيذية. ونبهت اللجنة الفرعية للاعتماد أيضا إلى أن عملية اختيار وتعيين أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لم تكن شفافة ومفتوحة بما فيه الكفاية، وبالتالي لا تستند إلى الجدارة والخبرة. وورد في تقرير الكرامة أن عدم استقلالية اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن السلطة التنفيذية أفقدها ثقة العديد من المنظمات غير الحكومية، ولا سيما تلك التي تعمل في مواضيع تعتبر حساسة مثل الرق أو التعذيب أو الاحتجاز التعسفي. غير أن اللجنة الفرعية قررت في استنتاجاتها تأجيل استعراض اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى دورتها الثانية لعام 2017.

في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2017، قدمت الكرامة تقريرا آخر تحلل فيه القانون الجديد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان الصادر في يوليو/تموز 2017، والذي يراجع وضع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وطريقة عملها استجابة للملاحظات التي أثارتها اللجنة الفرعية سابقا. وأكدت الكرامة في تقريرها أن القانون الجديد فشل في معالجة القضايا الرئيسية، بما في ذلك ضمان استقلال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن الحكومة والانفتاح والشفافية في عملية الاختيار. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قررت اللجنة الفرعية للاعتماد تخفيض تصنيف اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى الفئة "ب".