المغرب


بانكي مون والملك محمد السادس، 15 نوفمبر 2016 (المصدر: Hello! Daily News)

ترقبوا

  • 2018: زيارة المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين.

انشغالاتنا

  • غياب التعاون الفعال مع هيئات معاهدات الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة في قضايا الانتهاكات الفردية لحقوق الإنسان؛
  • انتهاك الحق في حرية التعبير و التجمع السلمي بما في ذلك الاعمال الانتقامية ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والاستخدام المفرط وغير المتناسب للقوة والاعتقالات الجماعية لتفريق التجمعات السلمية؛
  • الممارسة المستمرة للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة.

في عام 2017، اتسمت السياسة الخارجية للمغرب بعودتها من جديد إلى الاتحاد الأفريقي بعد غياب دام 33 سنة بسبب الخلافات حول وضع الصحراء الغربية، في حين وصل الوضع السياسي على المستوى المحلي إلى طريق مسدود. انتصار حزب العدالة والتنمية المنتهية ولايته في الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول/أكتوبر 2016 أعقبته أزمة سياسية لم يسبق لها مثيل إذ عاشت البلاد بلا حكومة طيلة ستة أشهر. ويعود هذا الجمود بشكل رئيسي إلى عجز رئيس وزراء حزب العدالة والتنمية عبد االله بنكيران عن التوصل الى اتفاق مع الأحزاب السياسية الاخرى وتشكيل حكومة ائتلافية. وأدى ذلك إلى إقالة رئيس الحكومة في 16 آذار/مارس 2017 من قبل الملك وتعيين سعد الدين العثماني، وزير الخارجية السابق، رئيسا جديدا للوزراء. شكل العثماني في 5 نيسان/أبريل 2017 حكومة جديدة مكونة من أعضاء في حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى خمسة أحزاب سياسية أخرى. وصف المحللون المحليون والدوليون الأزمة بأنها صراع بين حزب العدالة والتنمية، باعتباره الحزب السياسي الأكثر شعبية، والملكية التي أثبتت أنها سلطة صنع القرار الفعلية في البلاد.

وعلاوة على ذلك، عرف المغرب موجات من الاحتجاجات في أجزاء مختلفة من البلاد، والتي قمعت بعنف وأعقبتها اعتقالات جماعية. إذ عاشت البلاد طيلة 2017 على وقع احتجاجات شارك فيها الآلاف سواء في الحسيمة بمنطقة الريف شمال البلاد أو التجمعات الاحتجاجية لحركة "20 فبراير" في العاصمة للمطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية وإنهاء الفساد. وتظهر تلك الاحتجاجات ورد الفعل العنيف من جانب السلطات تراجع حالة حقوق الإنسان في البلاد.

أعمال انتقامية وغياب التعاون مع آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان؛ حالة عبد الرحمن الحاج علي

في 2017، أحالت الكرامة قضية عبد الرحمن الحاج علي، مواطن و لاجئ سوري محتجز في المغرب منذ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد طلب تسليم تقدمت به السعودية- إلى العديد من آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان.

أصبح الحاج علي الذي كان يعمل في السعودية مطلوبا من قبل السلطات بسبب خلاف تجاري مع كفيله السعودي السابق - الراعي الضروري لكل أجنبي للعمل في السعودية. قبلت السلطات المغربية طلب التسليم على الرغم من أنه معرض لخطر التعذيب والعقاب البدني في السعودية.

بعد تقديم الكرامة لقضيته، طلبت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في قرار ملزم بعدم تسليم السلطات المغربية الحاج علي إلى السعودية. غير أن السلطات المغربية رفضت الإفراج عنه، وما فتئت تمارس عليه ضغوطات نفسية قاسية كأحد أشكال الانتقام بسبب إجراءاته أمام لجنة مناهضة التعذيب. وقد تم إبلاغ الحاج علي انه نتيجة لقرار الامم المتحدة لصالحه، "سيقضي حياته في السجن" في المغرب اذا لم يوافق رسميا على تسليمه الى السعودية. منذ صدور قرار اللجنة، تعرض الحاج علي لأعمال انتقامية ومزيد من التعذيب النفسي من جانب السلطات القضائية والسجنية، التي ما فتئت تضغط عليه منذ بداية سنة 2017 لتوقيع إعلان ينص على قبوله طوعا بتسليمه إلى السعودية. وقد أبلغته السلطات القضائية والسجنية بأنه بسبب شكواه أمام لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، فإن المغرب لن يفرج عنه إطلاقا. وقد دفع استخدام هذا التهديد بالاحتجاز إلى أجل غير مسمى في ظروف قاسية بالمقررين الخاصين المعنيين بالأعمال الانتقامية بلجنة مناهضة التعذيب إلى إرسال رسالة إلى الحكومة المغربية في 10 مارس/آذار 2017. إلا أن الحكومة المغربية فشلت في تزويد اللجنة بمعلومات كافية عن الأسباب الكامنة وراء عدم تنفيذ القرار والتدابير المتخذة لتسوية الوضعية.

ونظرا لخطورة حالة الحاج علي، أدرجت قضيته في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة. إلى اليوم، لازال قرار اللجنة ينتظر التنفيذ، ولازال الحاج علي محروما تعسفيا من حريته ويتعرض للتعذيب النفسي المستمر.

استمرار ممارسة الاحتجاز التعسفي وغياب الوقاية من التعذيب

لا تزال ممارسة الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة مستمرة في البلاد. ولا يزال العديد من الأفراد محتجزين تعسفيا، على الرغم من قرارات فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي ومطالبته بالإفراج عنهم، لا سيما المتهمون في قضايا مكافحة الإرهاب. وعمدت الكرامة قبل الزيارة التي قامت بها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب إلى المغرب في تشرين الأول/أكتوبر 2017، إلى تقديم مذكرة إحاطة إلى اللجنة الأممية أعربت فيها عن انشغالها إزاء تبعية إدارة السجن، بما في ذلك الأطباء المكلفون بفحص المحتجزين، لسلطة الملك وليس لوزارة العدل. وسلطت الكرامة الضوء على عدم استقلال القضاء، مما أدى إلى عدم إجراء تحقيقات في ادعاءات التعذيب ومقبولية الاعترافات تحت الإكراه كأدلة أمام المحاكم. وأخيرا، أدانت الكرامة عدم استقلالية آليات الشكاوى في مراكز الاحتجاز، مما يعيق حق ضحايا التعذيب في الحصول على الانتصاف الفعال ويؤدي إلى انتقام سلطات السجن من أولئك الذين يقدمون الشكاوى.

وقد أعربت عدة دول أعضاء في الأمم المتحدة خلال الاستعراض الدوري الشامل للمغرب، الذي عقد في 2 مايو/أيار 2017، عن قلقها إزاء هاتين المسألتين، وأصدرت توصيات إلى سلطات البلاد لاتخاذ التدابير اللازمة لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب، ولا سيما الحق في الدفاع. كما أوصت الدول أيضا بإنشاء المغرب لآليات مستقلة وفعالة لمنع حدوث التعذيب وسوء المعاملة، وضمان التحقيق في مثل تلك الأفعال ومقاضاة مرتكبيها. وخلال الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان المعقودة في 21 سبتمبر/أيلول 2017، اعتمدت نتائج الاستعراض الدوري الشامل للمغرب؛ الذي أعلن قبوله 191 توصية من أصل 244 توصية، بينما رفض كليا أو جزئيا 44 توصية. وأشار الوفد المغربي إلى اعتماد البلاد لقانون ينص على توسيع نطاق صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وإعطاءه صلاحيات الآلية الوقائية الوطنية وفقا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. غير أن الكرامة لا تزال تشعر بالقلق إزاء افتقار المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الاستقلالية الفعلية، ولا سيما في القضايا الحساسة سياسيا المتعلقة بمكافحة الإرهاب أو المسائل المتعلقة بأمن الدولة. وشدد الوفد أيضا على أهمية دور السلطات القضائية في ضمان احترام الحقوق الأساسية ومكافحة التعذيب، دون تحديد التدابير المتخذة لتحقيق هذه الغاية.

الاعتداء على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي

تتخذ انتهاكات الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي أشكالا مختلفة، بما في ذلك الاعتقالات والاحتجاز التعسفي، والتعذيب وسوء المعاملة، والتفريق العنيف للاحتجاجات. ويوجد ضمن ضحايا هذا القمع صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وأي مواطن يعرب عن انتقاده للسلطات.

أصدر خبراء الأمم المتحدة قرارا في 16 يونيو/حزيران 2017، بشأن الصحفي الصحراوي صلاح الدين بصير، وكانت الكرامة قد قدمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 شكوى بشأنه إلى الفريق العامل. ألقي القبض على صلاح الدين بصير في مايو/أيار 2013 بسبب تغطيته لمظاهرة في مدينة العيون تطالب باستقلال الصحراء الغربية. تعرض للتعذيب وسوء المعاملة لإرغامه على الاعتراف بأنه شارك في أعمال عنف ضد قوات الأمن. واستنادا إلى التصريحات التي تدينه ذاتيا، حكم عليه بعد محاكمة معيبة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بالسجن أربع سنوات بتهمة "التآمر والعنف ضد ضباط الشرطة أثناء مزاولة مهامهم وتخريب الممتلكات العامة". وخلص الفريق العامل في قراره إلى أن احتجازه كان تعسفيا لأنه اعتقل بسبب قيامه بتغطية المظاهرات فقط وحكم عليه على أساس اعترافات قسرية أثناء محاكمة غير عادلة. وعلى الرغم من دعوة الفريق العامل إلى إطلاق سراح صلاح الدين بصير فورا ومنحه التعويض المناسب، إلا أنه لا يزال محتجزا.

وبينما توضح قضية بصير الأعمال الانتقامية التي قد يتعرض لها الصحفيون بسبب تغطيتهم الإعلامية لقضايا سياسية حساسة، فإن أعمال الانتقام هذه تمتد أيضا إلى المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين والمتظاهرين السلميين. وفي هذا السياق أوصت عدة دول أعضاء في الأمم المتحدة خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي عقد في أيار/مايو 2017، بأن يكفل المغرب الضمان الكامل للحق في حرية التعبير والإعلام والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وأن يهيئ بيئة آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني للاضطلاع بأنشطتهم. غير أن السلطات المغربية رفضت أثناء الاستعراض توصيات تدعوها إلى وضع حد لـ "محاكمة الصحفيين" و "الأفراد الآخرين المحتجزين لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي".

وتبدي السلطات عدم رغبتها في معالجة هذه القضايا من خلال ردّها على الاضطرابات الاجتماعية في مدينة الحسيمة بمنطقة الريف. انطلقت احتجاجات الحسيمة أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2016 بعد موت صياد حاول استعادة أسماكه التي ألقت بها الشرطة داخل شاحنة قمامة فسحقته. اندلعت المظاهرات في المدينة واستمرت جل سنة 2017، كجزء من حركة اجتماعية اشتهرت بـ "حراك الريف". واجهت السلطات الاحتجاجات بحملة قمع عنيفة واعتقالات جماعية للمتظاهرين، ثم أصدرت في 20 يوليو/تموز 2017 حظرا على الاحتجاجات. وبينما عفا الملك عن ما مجموعه 1،178 محتجزا في 29 يوليو/تموز، تم اعتقال عدد كبير منهم في إطار حملة قمع احتجاجات الحسيمة، إلا أن الناشط ناصر الزفزافي، الذي قاد الاحتجاجات وأدان علنا الفساد وعدم المساواة، لا يزال محتجزا بشكل تعسفي. وبدأت محاكمته، إلى جانب نشطاء آخرين في الحراك، في 10 يوليو/تموز 2017 بتهمة "المساس بالأمن الداخلي للدولة". و غالبا ما تستخدم هذه الاتهامات، إلى جانب أخرى من قبيل "إهانة الملك" أو "المساس بالوحدة الترابية"، ضد الصحفيين والناشطين لمقاضاتهم عن أفعال تدخل في حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، ولا سيما في القضايا التي تعتبر حساسة سياسيا، أي الحالات التي تنطوي على حركات إسلامية أو ادعاءات انفصالية أو انتقادات ضد النظام الملكي.