اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصة للعمل على خلق بيئة قانونية ملائمة لحرية الصحافة في العالم العربي

.

جنيف (3 مايو 2018) يخلد المجتمع الدولي في الثالث من مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2018، واختار هذه السنة شعار "توازن القوى: الإعلام والعدالة وسيادة القانون". وستوفر هذه المناسبة منصة للاحتفاء بحرية الصحافة وفرصة للتحدث عن الصحفيين الذين يتعرضون لانتهاكات جسيمة نتيجة قيامهم بعملهم، بالإضافة إلى معالجة أوجه القصور في النظم القانونية في جميع أنحاء العالم العربي من أجل إنشاء بيئة قانونية مواتية لحرية الصحافة.

ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فإن موضوع هذه السنة يبرز "أهمية تهيئة بيئة قانونية تمكينية لحرية الصحافة، ويولي اهتماما خاصا لدور القضاء المستقل لإتاحة الضمانات القانونية لحرية الصحافة ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين". كما يكتسي موضوع هذه السنة أهمية خاصة بالنسبة للعالم العربي الذي دأبت حكوماته في السنوات الأخيرة على تبني تشريعات تقييدية بشكل متزايد، مما قلص بشدة حقوق مواطني هذه الدول في حرية الرأي والتعبير.

تشكل مصر أحد الأمثلة البارزة لهذا التوجه، حيث تم اعتقال أكثر من 60.000 شخص منذ عام 2013، أغلبهم بسبب أعمال تدخل في إطار حرية التعبير. وقد وثقت منظمة الكرامة حالات عديدة لأفراد اعتقلوا في إطار حملة القمع التي شنتها السلطات على حرية التعبير، والتي شملت العديد من الصحفيين الذين جرى تعذيبهم والحكم عليهم بعقوبات قاسية بسبب نشاطهم. ويشرح تقرير الكرامة "الصمت قانون البلاد" الصادر في يناير 2018، كيف يجرم الإطار القانوني القمعي المصري الممارسة السلمية للحريات الأساسية.

في الواقع ليست مصر إلا واحدة من تسع دول في العالم العربي، وهي العراق وليبيا والبحرين واليمن والسعودية وجيبوتي والسودان وسوريا، من بين 22 دولة حيث يعتبر وضع حرية الصحافة فيها "سيئ للغاية"، وفقًا لمؤشر منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2018 لحرية الصحافة.كما يظهر التحليل الإقليمي لمنظمة مراسلون بلا حدود أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا زالت تحتل أدنى المراتب على مستوى العالم بالنسبة للحرية المتاحة للصحفيين.

ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود سوريا بأنها "أكثر دول العالم فتكاً بحياة الصحفيين" وصنفتها في أدنى مرتبة في المنطقة وتحديدا في الصف 177 من أصل 180 دولة. أما العراق فيوجد في المرتبة 160 بتراجع درجتين عن ترتيب عام 2017. وقد وثقت الكرامة حالة الصحفي والمحلل السياسي العراقي النرويجي سمير الدعمي – المعروف أيضًا باسم سمير عبيد، الذي قضى ما يقرب من شهرين في السجن، وأطلق سراحه في ديسمبر 2017 ليتم إعادة اعتقاله واختفائه قسراً بعد أقل من شهرين.و في فبراير 2018، مثل الدعمي أمام المحكمة التي وجهت إليه تهمة "بث معلومات أو شائعات مغرضة" بموجب المادة 210 من قانون العقوبات وذلك بسبب تعليق نشره على فيسبوك ينتقد فيه رئيس الوزراء، وستعقد الجلسة القادمة من محاكمته في 14 مايو.

وعرفت المنطقة تطورا ملحوظا آخر في المؤشر العالمي لحرية الصحافة يتمثل في تراجع الإمارات من الرتبة 119 إلى 128 في الفترة بين 2017 و 2018. ووصفت الإمارات على أنها "أستاذ مراقبة الصحفيين على الإنترنت"، وأشارت إلى العديد من الصحفيين والمدونين الذين سجنوا نتيجة لعملهم بموجب قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012. يعد قانون الجرائم الإلكترونية أحد مكونات الترسانة القانونية التي تستخدمها دولة الإمارات للحد من مساحة المجتمع المدني وتقييد الحق في حرية الرأي والتعبير. وفي عام 2014 ، حُكم على المدون أسامة النجار بالسجن ثلاث سنوات بتهم منها "التحريض عبر تويتر على كراهية الدولة " و "تصميم وتشغيل موقع على شبكة الإنترنت لنشر معلومات تضر بسمعة الدولة ومؤسساتها". ولازال النجار رهن الاعتقال الإداري إلى اليوم رغم مرور أكثر من عام على إنهائه لمحكوميته.

ينعكس هذا التوجه على غالبية دول منطقة الخليج، التي يعتبر فيها المشهد الإعلامي غير المستقل ومملوك للدولة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى بيئة قانونية معادية لا تترك مجالاً كبيراً للأصوات المستقلة والمنتقدة. ففي الكويت ينص قانون الأمن القومي رقم 31 لعام 1970 على عقوبة سجنية لا تقل عن ثلاث سنوات لكل من " أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة [...]تضر بالمصلحة الوطنية". ويتضمن قانون الجرائم الإلكترونية رقم 63 لعام 2015 أحكاماً تنص على تعديل المادة 25 من القانون الجنائي لتشمل عقوبات بالسجن لكل من "انتقد الأمير على الإنترنت".

في ظل هذه البيئة المعادية لحرية الصحافة، أغلقت سلطات دول المنطقة عددًا من المطبوعات المستقلة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك صحيفة الوسط في البحرين، وقناة دار الوطن التلفزيونية في الكويت، وشبكة مواطن الإعلامية في عُمان التي قامت سلطاتها بإغلاق موقعها الإلكتروني داخل البلاد بعد مسلسل من المضايقات القضائية للعاملين بها. وواصل مؤسسها ورئيس تحريرها، محمد الفزاري، نشاط شبكة مواطن الإعلامية في الخارج بعد أن طلب اللجوء في المملكة المتحدة في عام 2015. ومن المهم التنويه بإنشاء الشبكة مؤخراً لمركز مواطن لحرية الصحافة، لأن البيئة القانونية في عُمان لا تترك أمام الصحفي الذي ينتقد السلطات إلا خيار مغادرة البلاد. ولا تزال عائلة الفزاري في عُمان عرضة للأعمال الانتقامية، بما في ذلك حظر السفر.

ومن الضروري بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن يساند المجتمع الدولي الصحفيين في العالم العربي الذين يتعرضون للانتهاكات نتيجة عملهم وآرائهم المنتقدة. كما أنه من الأهمية بمكان حث دول المنطقة على تعديل تشريعاتها المقيدة للحريات والعمل على تهيئة بيئة ملائمة للصحفيين لممارسة نشاطهم بحرية دون خوف من الاعتقال أو المضايقة.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني: media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم: 0041227341008