السعودية: مزيد من التنكيل بحق الناشط محمد العتيبي رغم قرار أممي بإطلاقه

otaibi

في سياق سياساتها القمعية المستمرة ضد النشطاء السلميين، شددت السلطات السعودية عقوبة الحبس بحق الناشط المعتقل محمد عبدالله العتيبي بإضافة ثلاث سنوات، بتهمة السفر إلى قطر في العام 2017، ليصل إجمالي مدة العقوبة إلى 17 سنة، بموجب محاكمة أمام الجزائية المتخصصة تفتقد لمعايير العدالة.
يأتي ذلك رغم صدور قرار من فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بموجب شكوى قدمتها الكرامة، يدعو إلى الإفراج الفوري عن العتيبي، المعتقل منذ 24 مايو/ أيار 2017، في مطار حمد الدولي في الدوحة من قبل قوات الأمن القطرية وترحيله قسراً إلى المملكة العربية السعودية في تأريخ 28 من الشهر نفسه.
وأوضح المحامي رشيد مصلي المدير القانوني للكرامة بأن إضافة محكمة الاستئناف تهمة جديدة وفرض عقوبة بموجبها يعد خرقاً لمبدأ الاستئناف، مضيفاً بأن الكرامة ستعاود مخاطبة الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة بشأن الناشط العتيبي، معتبراً تشديد الحكم بمثابة انتقام وتأكيد على تزايد الحملة القمعية التي تشنها السلطات السعودية ضد النشطاء والمفكرين والمعارضين السياسيين منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد بالمملكة.
وكان خبراء الأمم المتحدة وصفوا في قرارهم رقم 68/2018 اعتقال العتيبي بالتعسفي، معتبرين أنه ناتج عن ممارسته لحقه الأساسي في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات. ودعا الفريق الأممي إلى الإفراج الفوري عنه، وتعويضه عن الأضرار التي لحقته، وفتح تحقيق مستقل في انتهاك حقوقه.
في 25 يناير/ كانون الثاني 2018، نتيجة لنشاطه السلمي في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك إنشاء جمعية لحقوق الإنسان، حُكم على العتيبي بالسجن لمدة 14 عامًا بعد محاكمة جائرة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة. تمت إدانته وحُكم عليه بسبب انتقاداته ونشراته على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بموجب المادة 6 من قانون مكافحة جرائم الإنترنت التي تعاقب بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات كل من يقوم "بإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام والقيم الدينية والآداب العامة وحرمة الحياة الخاصة".
كما اتهم "بتأسيس جمعية غير قانونية" و "نشر الفوضى وإثارة الرأي العام ضد الدولة" بسبب إنشائه "جمعية الاتحاد من أجل حقوق الإنسان" مع عبد الله العطاوي والتي تهدف إلى تعزيز القيم والمبادئ المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
أكد الفريق العامل أن احتجاز العتيبي وسجنه بسبب تعليقاته الانتقادية على الإنترنت ناتج بوضوح عن ممارسته لحقه في حرية الرأي والتعبير. علاوة على ذلك، أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء اضطهاد الحكومة للعتيبي وزملائه بسبب محاولتهم تسجيل "جمعية الاتحاد من أجل حقوق الإنسان". لم تقدم الحكومة أي مبررات لرفض تسجيل الجمعية. وهو ما دعا أيضا الفريق العامل إلى التأكيد بأن مقاضاة العتيبي وإدانته بتهمة المشاركة في تأسيس جمعيته هو انتهاك لحقه الأساسي في حرية تكوين الجمعيات.
وبالإضافة إلى ذلك احتُجز العتيبي بمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من أسبوعين. وحُرم خلال هذه الفترة من أي اتصال بعائلته أو الحصول على الرعاية الطبية. ثم احتُجز العتيبي في الحبس الانفرادي لمدة ثلاثة أشهر وحُرم من الاتصال بمحاميه طوال فترة التحقيق وحتى بداية المحاكمة. لم يمثل العتيبي أمام سلطة قضائية لغاية 12 يوليو/ تموز 2017، وفي 25 يناير/ كانون الثاني 2018 قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في جلسة مغلقة بسجن العتيبي لمدة 14 عامًا بموجب التهم المذكورة أعلاه.
وخلص الفريق العامل إلى أن احتجاز العتيبي يفتقر إلى أساس قانوني ويشكل انتهاكًا واضحًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، مما يجعل احتجازه تعسفيًا. واعتبر الفريق العامل أيضًا أن احتجاز العتيبي تعسفي لأنه نتج عن ممارسته المشروعة لحقوقه في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.
وتماشيا مع منهجية عمله، أحال الفريق الأممي قضية العتيبي إلى كل من المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والمعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات، والمعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة و المعني باستقلال القضاة والمحامين، لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
بدورها، تؤكد الكرامة مجددا ضرورة التزام السعودية بالدعوة الواردة في قرار فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والإفراج الفوري عن العتيبي، ومنحه حقه في التعويض، ونشير إلى أننا سنواصل مساعينا لدى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وموافاتها بأي تطورات بشأن هذه القضية وغيرها من قضايا الاعتقال التعسفي في المملكة، كما سنواصل حملتنا في الدفاع عن العتيبي وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي المعتقلين تعسفياً في السعودية.