مصر: المجلس القومي لحقوق الإنسان يعلن عن تصنيفه في الفئة (أ)، رغم أنه ينفي انتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة في البلاد

.

جنيف 1  يونيو 2018 – زادت السلطات المصرية في الأسابيع الأخيرة من قمعها للمعارضة السلمية بموجة من الاختطافات للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمدونين. وسط هذه الحملة المستعرة، أعلن المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان في 30 مايو  أن هذه المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، المرتبطة بشكل وثيق مع سلطات البلاد، صنفت في الفئة (أ) من قبل التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

وبالفعل ففي مايو 2018 قامت اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بتقييم مدى التزام المجلس القومي بمبادئ باريس- وهي مجموعة من القواعد تهدف إلى ضمان استقلالية ونزاهة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان – إلا أنها لم تنشر قرارها بعد.

ورداً على إعلان المجلس القومي لحقوق الإنسان، قالت خديجة نمار، المسؤولة القانونية عن شمال أفريقيا والنيل بمؤسسة الكرامة "إنه لمن المؤسف أن تصنف مثل هذه المؤسسة في الفئة "أ"، واعتبارها ملتزمة بأعلى المعايير في الوفاء بولايتها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مصر باستقلال وحياد. لقد شهدنا تزايدا حادا للاعتقالات في الأسابيع الأخيرة، علما بأن حملة السلطات المصرية على المعارضة متواصلة منذ سنوات، كما هو الحال بالنسبة لممارستها المنهجية للتعذيب والاختفاء القسري وانتهاكات أخرى. ورغم هذه البيئة المليئة بالانتهاكات حافظ المجلس القومي لحقوق الإنسان على علاقات وثيقة مع السلطات بلغت حد نفيه علانية لهذه الممارسات".

ما هي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وكيف يتم تصنيفها؟

المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان هي مؤسسات تنشئها الدول "لحماية وتعزيز" حقوق الإنسان على المستوى المحلي. ويجب عليها الالتزام بمجموعة من المعايير الدولية المسماة مبادئ باريس، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 لضمان حياد المؤسسات الوطنية واستقلالها عن السلطات. ووفقاً لهذه المبادئ ، يجب من بين أمور أخرى إعطاء المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، صلاحيات التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والإبلاغ عنها، وتلقي الشكاوى من الضحايا، ومتابعة الحكومة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان.

يقوم التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، من خلال لجنته الفرعية المعنية بالاعتماد، بإجراء مراجعة للمؤسسات الوطنية من قبل نظيراتها بهدف تقييم مدى امتثالها لمبادئ باريس، ويقوم نتيجة لذلك بتصنيفها في الفئة أ  إذا كانت متوافقة تمامًا مع مبادئ باريس، وب إذا لم تكن متوافقة تمامًا، وجيم في حالات عدم الامتثال.
بعد المراجعة ، يتم الإعلان عن قرار اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد بعد 48 يومًا من إبلاغ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان المعنية، مما يعطيها وقتا كافيا للطعن في القرار. ومن المتوقع أن يتم نشر تقرير اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد لدورة مايو 2018  خلال شهر يوليو المقبل.

المجلس القومي لحقوق الإنسان في الفئة (أ) رغم افتقاره الشديد للاستقلالية والفعالية

في عام 2006 تمت للمرة الأولى مراجعة المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي تأسس في عهد حسني مبارك سنة 1993. وتم تصنيفه في الفئة (ب)، قبل أن تقوم اللجنة الفرعية بإعادة النظر في قرارها وتضعه في الفئة (أ). وكان من المقرر إجراء المراجعة التالية للمجلس القومي لحقوق الإنسان بعد خمس سنوات أي سنة 2011. لكن وبناء على طلب المجلس القومي لحقوق الإنسان ، تم تأجيل المداولات حول إعادة اعتماده  عدة مرات لغاية مايو 2018. وقد قدمت الكرامة قبل المراجعة تقريراً إلى اللجنة الفرعية تطرح فيه انشغالاتها، وتظهر فيه القصور الخطير في امتثال المجلس القومي لحقوق الإنسان لمبادئ باريس، ويوصي بتصنيفه في الفئة باء.

ومن ضمن القضايا التي طرحتها الكرامة عدم استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان عن الفروع التنفيذية والبرلمانية والتشريعية للحكومة، وكذلك عدم استقلاليته المالية. وقد أثيرت مخاوف جدية منذ إنشائه بشأن استقلالية بعض أعضائه. ومن الأمثلة البارزة على ذلك رد المجلس القومي لحقوق الإنسان على تقرير أصدرته هيومن رايتس ووتش سنة 2017 حول ممارسة التعذيب على نطاق واسع ضد السجناء السياسيي، فقام محمد فايق ، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بتأييد موقف الدولة بقوله "لا يوجد تعذيب في السجون المصرية". وهذا أمر مقلق للغاية لأن لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة تعتبر أن التعذيب لا يزال "معتادًا وواسعًا ومتعمدًا" في مصر.

وعلاوة على ذلك فإن ولاية المجلس القومي لحقوق الإنسان مقيدة ويجب أن يتم أي تعاون له مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان "بالتنسيق مع وزارة الخارجية" ، مما يجعل عمل المجلس مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ومسائل القانون الدولي لحقوق الإنسان تحت المراقبة والإشراف المباشر للسلطة التنفيذية. وبالإضافة إلى ذلك ، فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان غير مخولة للقيام بزيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز، كما أنها لا تتمتع بصلاحيات كاملة للتصرف في الشكاوى المقدمة من قبل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأسرهم. وعلى سبيل المثال، فإن العديد من الشكاوى التي قدمتها أسر ضحايا الاختفاء القسري - وهي ممارسة يبدو أنها منظمة ومنتشرة على نطاق واسع في البلاد - بقيت دون رد من المجلس القومي لحقوق الإنسان.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني: media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم: 0041227341008