لبنان: تقرير الكرامة الموازي إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان يسلط الضوء على القضايا الحقوقية ذات الأولوية في البلاد

.

في إطار الاستعداد لاستعراض لبنان الدوري الثالث أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، المزمع إجراؤه في 15 و 16 مارس/آذار 2018، قدمت الكرامة تقريرا موازيا في 12 فبراير/شباط قيّمت فيه حالة الحقوق المدنية والسياسية في البلاد.

ركّز التقرير ضمن قضايا أخرى على استمرار ممارسة التعذيب وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة وتقييد الحق في الخصوصية وحرية التعبير، فضلا عن الحاجة الملحة إلى قيام الدولة بتفعيل مؤسستها الوطنية لحقوق الإنسان.

وسيقوم خبراء اللجنة خلال الدورة بالنظر في مدى تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - الذي صدق عليه لبنان في عام 1972 – وذلك على أساس تقرير الدولة وكذلك المعلومات المقدمة من المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك الكرامة.

"التعذيب ممارسة منتشرة"

"التعذيب في لبنان ممارسة شائعة تلجأ إليها القوات المسلحة ومصالح إنفاذ القانون بشكل روتيني لغرض التحقيق للحصول على اعترافات تستخدم في الإجراءات الجنائية، وفي بعض الحالات، لمعاقبة الأفعال التي يعتقد أن الضحية ارتكبها". هكذا وصفت لجنة مناهضة التعذيب هذه الممارسة في لبنان سنة 2014 بعد تحقيقها السري الذي أجرته في البلاد، بإيعاز من الكرامة، بموجب المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وتماشيا مع النتائج التي توصلت إليها لجنة مناهضة التعذيب، يشير تقرير الكرامة لعام 2018 أن التعذيب ما زال يمارس على نطاق واسع في البلاد. و توضح الحالات الموثقة أنه عندما يُبلغ ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة عن تورط الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون أو أفراد الجيش في هذه الممارسات، نادرا ما يأمر القاضي بفتح تحقيقات في ادعاءاتهم أو استجواب الجناة . وعلى الرغم من أن السلطات اللبنانية لا تنكر استخدام التعذيب، فإنها تميل إلى الرد على الادعاءات بوصفها بـ "الحالات المعزولة" ولا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بسياسة الدولة.

وفي أواخر عام 2017، اعتمدت السلطات اللبنانية القانون الذي يهدف إلى معاقبة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ومع ذلك، وكما توضح الكرامة في تقريرها، فإن القانون لا يرقى إلى عدد من المعايير الدولية الرئيسية فيما يتعلق بتعريف التعذيب نفسه، والعقوبات المناسبة، وقوانين التقادم. وأخيرا وليس آخرا، يترك القانون الباب مفتوحا أمام إمكانية إحالة الجناة إلى المحاكم العسكرية التي تفتقر إلى الاستقلالية والحياد.

الاحتجاز التعسفي وضمانات الحق في المحاكمة العادلة

يتضمن التشريع اللبناني عددا من الضمانات القانونية وبعض المبادئ الأساسية لضمان الحق في محاكمة عادلة. فعلى سبيل المثال، يحق للمشتبه فيه منذ لحظة الاعتقال الاتصال بأحد أفراد أسرته أو بمحام يختاره، ومن حق أي شخص معتقل أن يقدم فورا - أي خلال 48 ساعة - أمام القاضي. غير أن هذه المعايير لا تطبق بصورة منهجية، ولا سيما في القضايا المتصلة بالإرهاب، مما يعرض المشتبه فيهم للتعذيب والاحتجاز التعسفي.

وتشير الكرامة إلى أن الأفراد المشتبه فيهم بالإرهاب معرضون للاعتقال التعسفي والاحتجاز لفترات مطولة دون تقديمهم إلى سلطة قضائية ودون أي اتصال بالعالم الخارجي، أي احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي. خلال هذا الوقت، يتم تعذيبهم للحصول على اعترافاتهم التي يتم الاعتماد عليها عادة وحتى استخدامها كدليل وحيد في الإجراءات.

وتندرج جرائم الإرهاب أو تقويض الأمن الوطني ضمن اختصاص المحكمة العسكرية والمجلس العدلي، وهما هيئتان قضائيتان استثنائيتان لا تلتزمان بمعايير المحاكمات العادلة. والواقع أن المحاكم العسكرية تتألف في الغالب من قضاة عسكريين لا يتطلب منهم الحصول على درجة في القانون. ويتم تعيينهم من قبل وزارة الدفاع التي يتبعون لها مباشرة. أما بالنسبة للمجلس العدلي، فإن أعضائه يعينون بقرار من مجلس الوزراء ولا يمكن استئناف قراراته.

وأشار تقرير الكرامة إلى الاعتقال التعسفي لـ 72 شخصا اعتقلوا في أعقاب اشتباكات عام 2007 في مخيم نهر البارد الفلسطيني. واستنادا إلى اعترافاتهم المنتزعة تحت التعذيب، حكم عليهم المجلس العدلي بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين و 15 سنة، باستثناء شخص حكم عليه بالإعدام - وهو قرار لا يمكن الطعن فيه.

وعلى الرغم من أن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أصدر قرارا يصف احتجازهم بالتعسفي ويدعو إلى الإفراج الفوري عنهم، فإن السلطات لم تنفذ قرار الأمم المتحدة. كما أن ما يعرف بـ "قضية نهر البارد" توضح مسألة فترات الاحتجاز الطويلة السابقة للمحاكمة القابلة للتجديد إلى أجل غير مسمى بموجب تهم الإرهاب.

تآكل الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير

وفي الآونة الأخيرة، عانت حقوق الخصوصية وحرية التعبير من تدخل متزايد من جانب السلطات. في 18 يناير/كانون الثاني عام 2018، أصدرت مؤسسة الحدود الإلكترونية (EFF) ومؤسسة الأمن الإلكتروني Lookout ، ومقرها الولايات المتحدة، تقريرا يثبت وجود صلة بين منصة التجسس المتطورة كاراكال دارك Dark Caracal - التي كانت تستولي على كميات كبيرة من البيانات من الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبية - ومديرية الأمن العام اللبناني في بيروت. وشملت أهدافها الناشطين والصحفيين والمحامين والمؤسسات التعليمية.

وفي نفس الآن، أسهمت أنشطة مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية في لبنان، وهي هيئة وضعت في إطار اختصاص الشرطة القضائية، وتعمل خارج أي إطار قانوني، في تقليص الحريات الأساسية المرتبطة بالأنشطة الإلكترونية. وقد أعطيت للمكتب سلطات واسعة لاستدعاء أي شخص للتحقيق معه، بما في ذلك الأفراد الملاحقين بسبب منشوراتهم على تويتر، فيسبوك أو المدونات.

على سبيل المثال، في 10 يوليو/تموز 2017، استدعى مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية التابع لقوى الأمن الداخلي، الصحفي المستقل فداء عيتاني، الذي انتقد على مدونته وزير الخارجية جبران باسيل والجيش اللبناني والرئيس ميشال عون بشأن معاملتهم للّاجئين السوريين وعلى وجه الخصوص أربعة لاجئين سوريين قضوا نحبهم في الحجز العسكري بعد غارة عسكرية على مخيمات اللاجئين في عرسال.

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان

وأوصى تقرير الكرامة، على ضوء وضع حقوق الإنسان غير المستقر في البلاد، بأن يفعّل لبنان مؤسسته الوطنية لحقوق الإنسان وأن يكفل لها إمكانية الاضطلاع بصلاحياتها بفاعلية وامتثال كامل لمبادئ باريس. وافق البرلمان اللبناني في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2016على قانون تأسيس مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك آلية وقائية وطنية لمكافحة التعذيب، إلا أن المؤسسة لم تستهل عملها ولم يتم تعيين أعضائها من قبل الحكومة ولم تخصص لها أي ميزانية بعد.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 0041227341007