النتائج الختامية للإستعراض الدوري الشامل لدولة الإمارات تعكس عدم الالتزام الحقيقي بتحسين سجل حقوق الإنسان

.

جنيف 5 يوليو 2018 - في 29 يونيو 2018، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رسمياً تقرير النتائج الختامية للإستعراض الدوري الشامل الثالث والذي عقد في 22 يناير.

يعد الاستعراض الدوري الشامل، الذي يجرى كل أربع إلى خمس سنوات، آلية لاستعراض الأنداد تقوم خلالها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتقييم سجلات حقوق الإنسان لبعضها البعض وتقديم توصيات تستند إلى المبادئ المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. بعد هذه العملية، تقوم الدولة الخاضعة للمراجعة بتقييم التوصيات وتزويد هذه الآلية الردود حول أي منها التي ستحظى بدعمها (أي سوف تنفذها) والتي أخذت علماً بها (أي رفضتها).

في المجموع، تلقت الإمارات العربية المتحدة 230 توصية حول مجموعة من المواضيع، بما في ذلك التصديق على اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية، والحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتعاون مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وممارسة التعذيب.

ومن المثير للقلق أن السلطات الإماراتية قد "أخذت علماً" بـ 98 توصية، ولم تدعم سوى 132. وكانت الغالبية العظمى من التوصيات المذكورة أكثر تحديداً، على سبيل المثال حث الدولة على إصلاح بعض الأحكام الإشكالية في التشريعات المحلية أو التصديق على الاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان. بالنسبة للجزء الأكبر، كانت التوصيات التي حازت على دعم الدولة ذات طابع أكثر عمومي وتضمنت طلبات غامضة، مثل "مواصلة تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها".

إن هذا التوجه المشار إليه أعلاه يثير الشكوك حول ما إذا كانت الإمارات ملتزمة حقًا بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان من خلال الاستعراض الدوري الشامل، أو أنها تسعى فقط للحفاظ على صورة إيجابية داخل المجتمع الدولي. إن التوصيات الغامضة التي قبلتها لا تلزمها بإجراء أي إصلاحات محددة – وبالتالي غير قابلة للقياس.

التصديق على المعاهدات الدولية الأساسية

بينما تلقت الإمارات العربية المتحدة 40 توصية بشأن التصديق على اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية، قبلت منها اثنين فقط.

من الجدير بالذكر أن حكومة الإمارات رفضت جميع التوصيات الست عشر التي تدعو الدولة إلى الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن التوصيات الخمس المتعلقة بالتصديق على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنظر إلى أنه خلال السنوات الأربع منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2013، تم كبت الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشكل عام، وحرية التعبير والتجمع السلمي بشكل خاص في الدولة.

حرية التعبير وتكوين الجمعيات

تلقت الإمارات العربية المتحدة سبع توصيات حول حماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. في حين دعمت السلطات الإماراتية توصية غامضة تطلب من الدولة "أن ترسي في التشريع الوطني الحق في حرية التعبير والمعلومات، وآليات لضمان الاحترام والحماية الكاملة"، رفضت جميع التوصيات المحددة بشأن تعديل التشريعات المحلية التي تقيد حرية التعبير. وهذا يشمل قانون الجرائم الإلكترونية (2012) وقانون مكافحة الإرهاب (2014) وقانون العقوبات (1987).

فمنذ الاستعراض الدوري الشامل السابق لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2013، أضيفت بنود جديدة إلى قانون العقوبات تحد بشكل صارم من حرية التعبير وتعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 15 إلى 25 سنة أي شخص "يسيء إلى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة"، ومن 10 إلى 25 سنة "لأي شخص يسيء، أو يهين سمعة أو مكانة الدولة أو علمها أو شعارها أو رموزها أو أي من مؤسساتها".

وعلاوة على ذلك، فإن قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يجرم التشهير وينص على أحكام بالسجن قاسية تصل إلى "السجن مدى الحياة لأي شخص، الذي ينشر معلومات التي تهدف أو تدعو إلى إسقاط أو تغيير النظام الحاكم للدولة"، يستخدم بشكل متزايد للقضاء على المعارضة السلمية. كما يجرم القانون "إهانة الحاكم"، "الإضرار بالوحدة الوطنية"، "الإضرار بسمعة الدولة"، "التنظيم دون إذن" و "المشاركة في مجموعات غير قانونية".

المدافعون عن حقوق الإنسان

ومن دواعي القلق أيضًا أن الإمارات العربية المتحدة، التي ظهرت في كل تقرير للأمين العام للأمم المتحدة عن الاعمال الانتقامية منذ عام 2013، رفضت توصية تحثها على "اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك من الأعمال الانتقامية للتعاون مع الأمم المتحدة". " وهذا يدل على استمرار تجاهل الدولة للنداءات الدولية بالامتناع عن استهداف النشطاء السلميين بصورة منهجية بسبب الأفعال التي تقع ضمن حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.

ومؤخراً، في مايو 2018، حُكم على المدافع البارز عن حقوق الإنسان والفائز بجائزة مارتن إنالز أحمد منصور بالسجن عشر سنوات وغرامة قدرها مليون درهم (حوالي 272.000 ألف دولار)، فضلاً عن وضعه تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات بعد أن يقضي عقوبته. وفي حين تمت تبرئته من تهمة "التعاون مع منظمة إرهابية خارج البلاد"، إلا أنه ما زال مذنباً بتهم تشمل "التشهير بالإمارات من خلال قنوات التواصل الاجتماعي" و "تشجيع الكراهية الطائفية التي من شأنها الإضرار بالوئام الاجتماعي والوحدة في الإمارات العربية المتحدة".

التعاون مع آليات الأمم المتحدة

تلقت دولة الإمارات العربية المتحدة عشر توصيات حول تعزيز تعاونها مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

في حين أن الإمارات العربية المتحدة رفضت جميع التوصيات المتعلقة بتوجيه دعوة دائمة إلى إجراءات الأمم المتحدة الخاصة، فقد أيدت توصية مماثلة من ألمانيا، والتي حثت الدولة على "التعاون مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك الاستجابة بشكل إيجابي لطلبات الزيارة من المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة ". تعتبر دلالات هذه التوصيات أساسية، حيث اختارت دولة الإمارات رفض تلك التي تطلب منها إصدار دعوة دائمة إلى الإجراءات الخاصة على وجه التحديد، وقبول تلك التي تدعو فقط إلى "رد إيجابي"، مما يثير الشكوك حول ما إذا كانت الإمارات العربية المتحدة على أكمل وجه ملتزمة بتعزيز تعاونها مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

كما هو الحال في الوقت الحالي، لدى الإمارات العربية المتحدة ثماني دعوات معلقة من قبل أصحاب ولايات الإجراءات الخاصة، بعضها يعود إلى عام 2005. وقد تناولت المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة وأسبابه وعواقبه، أحدث طلب لزيارة البلاد في يناير 2018.

ممارسة التعذيب

قبلت الإمارات العربية المتحدة بالتوصية المقدمة من سويسرا لتقديم تقريرها إلى لجنة مناهضة التعذيب. في حين انضمت الإمارات إلى اتفاقية مناهضة التعذيب في عام 2012، فإنها لم تقدم سوى تقريرها الأولي في يونيو 2018، بعد ما يقرب من خمس سنوات من تاريخ استحقاقها في أغسطس 2013. وهذا ليس فقط انتهاك لالتزامات الإمارات بتقديم التقارير بموجب الاتفاقية، لكنه يثير أيضاً شكوكاً جدية حول التزام الحكومة بالقضاء على هذه الممارسة. ونتيجة لذلك، لم تتمكن لجنة مناهضة التعذيب من إجراء مراجعة لسجل الإمارات العربية المتحدة بشأن ذلك.

علاوة على ذلك، وفي انقلاب مثير للقلق على وجه الخصوص منذ الاستعراض الدوري الشامل السابق الذي التزمت فيه بالتحقيق في جميع مزاعم التعذيب، قامت الإمارات العربية المتحدة فقط "بأخذ العلم" في التوصيات حول هذه الإشكالية خلال مراجعة العام الحالي 2018.

إن إهمال الإمارات الواضح لمبدأ الحظر المطلق للتعذيب مثير للقلق بشكل خاص بالنظر إلى أن العديد من الحالات التي وثقتها مؤسسة الكرامة، بما في ذلك قضية مهندس الحاسوب السوري محمد عز والدكتور القطري عبد الرحمن الجيدة، تدلان على أنّ التعذيب يستخدم بشكل منهجي في الإمارات. وتشكِّل هذه الممارسة وسيلة لمعاقبة الأفراد وإكراههم على توقيع بيانات التجريم، التي تُقبل بشكل منهجي في الأدلة وتشكل في كثير من الأحيان الدليل الوحيد للإدانة. الطرق المستخدمة تشمل الضرب المبرح على جميع أنحاء أجسام الضحايا، والصدمات الكهربائية، بما في ذلك الكرسي الكهربائي، والإيهام بالغرق، والإجبار على الوقوف في أوضاع مجهدة، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، فضلاً عن استخدام الاحتجاز السري.

في الواقع، في عام 2014، أفادت المقررة الخاصة السابقة المعنية باستقلال القضاة والمحامين  أن أكثر من 200 شكوى تتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة قد عُرضت على القضاة والمدعين العامين، ولكن لم يتم التحقيق فيها أو المحاسبة أمام القضاء. وأعربت كذلك عن قلقها لأن عدم إجراء تحقيقات جدية في مزاعم التعذيب "يشجع الجناة على الإفلات من العقاب".

 

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 0041227341008