في 19 سبتمبر/ أيلول 2024، قدمت الكرامة شكوى إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي نيابة عن الدكتور حسام أبو العز، محافظ القليوبية السابق، المحتجز تعسفيا منذ سبتمبر 2013. وتؤكد الشكوى الطبيعة المطولة والتعسفية لاحتجازه، إلى جانب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعرض لها، بما في ذلك الاختفاء القسري والحبس الانفرادي والحرمان من الاتصال بأسرته ومحاميه، إذ ترقى هذه الظروف التي طال أمدها إلى التعذيب، وتسبب في معاناة جسدية ونفسية للدكتور أبو العز وعائلته.
وتأتي هذه الشكوى في أعقاب نداء عاجل سابق جرى توجيهه إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب في 16 شباط/فبراير 2022. وفصلت الشكوى السابقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الدكتور أبو العز، بما في ذلك الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاختفاء القسري، والحرمان من التمثيل القانوني، والحرمان من الرعاية الطبية اللازمة، مسلطةً الضوء على آثار هذه الظروف وتداعياتها على أسرته، على نحوٍ يرقى إلى التعذيب.
الاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة
عُيّن الدكتور أبو العز، وهو أستاذ جامعي قدير في مجال الهندسة، محافظًا للقليوبية بعد انتخاب محمد مرسي. ومع ذلك، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بمرسي وتولي عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة، فقد الدكتور أبو العز منصبه. وفي 17 سبتمبر/أيلول 2013، بينما كان مسافرًا على متن سيارة مع صديق، جرى إيقافه عند نقطة تفتيش عشوائية للشرطة في القاهرة. وعند التحقق من هويته، أخذته الشرطة على الفور إلى مكان مجهول دون تقديم أي تفسير أو أمر باعتقاله.
لمدة شهرين، تركت عائلة الدكتور أبو العز دون معرفة مكان وجوده، حيث ظل في حالة اختفاء قسري. اكتشفت عائلته فيما بعد أنه محتجز في سجن طرة شديد الحراسة وأنه اتهم في جلسة سرية دون مساعدة قانونية بتهم مختلفة بما في ذلك "القتل العمد" و "المشاركة في القتل العمد" و "التحريض على القتل العمد" و "الاستيلاء على الأسلحة وحيازتها"، في واحدة من المحاكمات الجماعية التي أعقبت القمع العنيف للمتظاهرين السلميين في اعتصام رابعة.
في عام 2015، حكم على الدكتور حسام أبو العز بالإعدام في قضية مثيرة للجدل عُرفت بـ "غرفة عمليات رابعة"، حيث سعت هذه القضية إلى تحميل العديد من القادة، ومسؤولي الدولة من الإدارة السابقة، وكذلك النشطاء والصحفيين والمتظاهرين السلميين، المسؤولية الجماعية عن الوفيات والإصابات التي وقعت أثناء الفض العنيف لاعتصام رابعة. وتعرضت المحاكمة لانتقادات واسعة النطاق بسبب افتقارها إلى الإجراءات القانونية الواجبة واتهاماتها الجماعية الواسعة.
على الرغم من إلغاء حكم الإعدام الأولي عند الاستئناف، إلا أن إعادة المحاكمة في عام 2017 أسفرت عن عقوبة السجن مدى الحياة، مع تخفيض التهم إلى "المشاركة في ضرب أدى إلى الموت". لا تزال هذه التهمة الملفقة تفتقر إلى أي أدلة واضحة على المسؤولية الفردية للدكتور أبو العز، مما يعكس الطبيعة السياسية لمحاكمته.
ظروف الاحتجاز والاختفاء القسري اللاإنسانية
على مدى السنوات الـ 11 الماضية، احتجز الدكتور حسام أبو العز في الحبس الانفرادي في ظروف مروعة، أولاً في سجن العقرب ثم في سجن بدر 3. وطوال هذه الفترة، نقلته السلطات سرًا بين مرافق احتجاز مختلفة دون أي اعتراف رسمي أو إخطار لأسرته. وتمت كل عملية النقل في سرية تامة، مما ترك أسرته في حالة طويلة من عدم اليقين بشأن مصيره ومكان وجوده. فقط من خلال قنوات غير مباشرة – مثل المحتجزين الآخرين أو محاميهم – تمكنت عائلته من معرفة مكانه، غالبا بعد فترة طويلة من حدوث النقل. ولم تقدم السلطات قط أي معلومات مباشرة، مما زاد من المعاناة النفسية التي لحقت بأحبائه.
تشير معلومات غير رسمية تلقتها عائلة الدكتور أبو العز إلى أنه كان محبوسًا في زنازين تفتقر إلى الضوء الطبيعي والتهوية المناسبة. وعلى الرغم من معاناته من أمراض مزمنة خطيرة، بما في ذلك السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، فقد حرم باستمرار من الحصول على الرعاية الطبية الكافية. ولا تزال أسرته، التي حرمت من جميع أشكال الاتصال به، محرومة من الاطلاع بشكل رسمي عن صحته وظروف احتجازه. هذا الغياب المطول في التواصل يؤدي إلى تفاقم قلقهم ويعزز شكوكهم بشأن حالته.
على مرّ السنين، رفضت السلطات المصرية باستمرار جميع طلبات الزيارات العائلية أو التمثيل القانوني أو حتى الاتصالات الأساسية، تاركة الدكتور أبو العز معزولا تماما.
تؤكد الكرامة أن حبس أبو العز الانفرادي المطول ورفض السلطات تقديم تحديثات رسمية حول مكان وجوده يشكلان حالة مطولة من الاختفاء القسري، وهو ما يعترف به القانون الدولي كشكل خطير من أشكال التعذيب، ليس فقط ضد المحتجز ولكن أيضا ضد عائلته.
ولا تزال عائلته تعاني من ضائقة نفسية شديدة، ولا تعرف ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة، كما أن عدم وجود علاج طبي لحالته يزيد من المخاوف من أن حياته في خطر شديد – مما يذكرنا بوفاة الرئيس السابق محمد مرسي، الذي فقدَ حياته في ظروف احتجاز مماثلة.
طلبات الكرامة إلى خبراء الأمم المتحدة
في شكواها، أكدت الكرامة أن الدكتور أبو العز حرم من حريته بشكل تعسفي وغير قانوني، وتعرض لمعاملة غير إنسانية، وحرم من حقوقه الأساسية بموجب القانون الدولي. وعلى هذا الأساس، طلبت إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إعلان احتجازه تعسفيًا والدعوة إلى الإفراج عنه فورًا، إلى جانب منحه حقًا قابلاً للتنفيذ في التعويض.
ونظرًا لخطورة ظروف احتجازه، حثت الكرامة أيضا الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي على إصدار نداء عاجل لإطلاق سراحه، مشددةً على أن الحبس الانفرادي المطول، والحرمان من الاتصال العائلي، وحالة اختفائه القسري على مدى السنوات الـ 11 الماضية ترقى إلى التعذيب، ليس فقط للدكتور أبو العز ولكن أيضا لعائلته.
لا تزال الكرامة عازمة على مواصلة جهودها لتحقيق العدالة لضحايا الاحتجاز التعسفي في مصر والحصول على تعويض عن الأذى الجسدي والنفسي والظلم الذي لحق بالدكتور أبو العز وعائلته.
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بنا على info@alkarama.org