خبيرة أممية تؤكد فشل الحكومات في التحقيق بشأن قضايا التعذيب

Forms of torture in Emirati prisons in Yemen - Archive

أكدت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أليس إدواردز، أن العديد من الدول فشلت في التحقيق في قضايا التعذيب، بما في ذلك أحد عشر دولة عربية، وذلك في سياق تقرير قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الثانية والخمسين.

وجاء في تقرير الخبيرة الأممية أن الأبحاث التي أجرتها في القوانين الجنائية الوطنية تشير إلى أن الممارسة التشريعية تظهر أن العديد من الدول، من بينها 11 دولة عربية، "تعترف بالتعذيب كجريمة صريحة، ومع ذلك، لا يتماشى تعريف التعذيب تماما مع المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التعديلات التشريعية".

وتعد مكافحة التعذيب واحدة من أولويات الكرامة وإحدى القضايا الرئيسية التي تسهر عليها طوال سنوات، من خلال مساعدة الضحايا وذويهم في الوصول إلى آليات الأمم المتحدة المعنية، بما في ذلك لجنة مناهضة التعذيب والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، وتشجيع الضحايا وذويهم على الإفصاح عن أشكال التعذيب التي تعرضوا لها والعمل عى وصم الجناة ومساءلتهم.

وفي السياق أيضًا، دعت الخبيرة الأممية الحكومات إلى أن تولي اهتمامها بالجهود الرامية للتصدى للتعذيب بهدف وضع حد لمسألة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للضحايا. وقالت إن "الواجب الوطني المتعلق بالتحقيق في التعذيب لا ينفذ عالميا وهذا يشكل مدعاة للقلق".

وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في عدد المحاكم الجنائية الدولية "والتزامنا الجماعي تجاه تلك الكيانات، إلا أن قدرتها على التعامل مع حجم ونطاق جرائم التعذيب التي تُرتكب اليوم ليست كافية أبدا"، وفقا للخبيرة الأممية التي حثت الحكومات في أنحاء العالم على "تولي مسؤولية تحقيق العدالة" داخل بلدانها فيما يتعلق بجرائم التعذيب، لتحقيق المساءلة الجادة، وتضميد الجراح والمصالحة.

وسلط التقرير الضوء على العقبات الرئيسية التي تحول دون إجراء تحقيقات كاملة وسريعة في مزاعم التعذيب، بما في ذلك التحديات المؤسسية والتنظيمية والسياسية والعملية.

وأشارت المقررة الخاصة في تقريرها إلى "فجوة صارخة" بين الوعد وواقع الحظر الدولي للتعذيب. وقالت إن الدول يقع على عاتقها واجب تجريم التعذيب والتحقيق فيه في القانون الوطني، ومحاكمة المشتبه بهم أو تسليمهم، ومعاقبة الجناة بعقوبات تعكس خطورة الجريمة.

وأفادت الخبيرة الأممية بالإبلاغ رسميا عن عدد قليل جدا من حوادث التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، مشيرة إلى أن القضايا تتوقف أو يتم سحبها قبل التوصل إلى نتيجة مرضية.

ومضت قائلة: "الفارق بين جريمة التعذيب والجريمة العادية هو أن التعذيب- أولاً وقبل كل شيء- جريمة يرتكبها موظفو الدولة أو يسمح لهم بذلك. عدم تناسق القوة هذا بين الجهة المتهمة والمتهمين يضع الضحية المزعومة في موقف بالغ الخطورة".

ووثق التقرير كيف تعرض الضحايا للتهديد والترهيب في كثير من الأحيان لسحب ادعاءاتهم،  مما يعرضهم لادعاءات مضادة كيدية وما يرتبط بها من إلحاق الضرر بالسمعة أو عدم الثقة في "سير إجراءات العدالة".

وقالت أليس إدواردز: "ربما لا يزال أصحاب الشكوى في الاحتجاز أو تحت سيطرة نفس السلطات التي يوجهون المزاعم ضدها. ثمة مخاطر حقيقية تتمثل في الانتقام والعنف، بما في ذلك المزيد من التعذيب أو الاختفاء. هناك مخاطر عالية."

ودعت الدول إلى اتخاذ عدد من الخطوات، بما في ذلك إنشاء هيئات تحقيق مستقلة تضمن تمكين الضحايا والناجين بشكل كامل وتمكينهم من المشاركة بفاعلية في أي إجراءات قانونية تتعلق بالتعذيب. وحثت الدول على معاملة من يتقدمون بالشكوى بالاحترام الواجب وتقديم تدابير إعادة التأهيل والحماية المناسبة.

وقالت الخبيرة الأممية: "إن الوصول المبكر إلى الاستشارات المتعلقة بالصدمات وغيرها من أشكال إعادة التأهيل لا يخدم فقط الصحة النفسية لأصحاب الشكوى، بل يساعدهم أيضا على أن يصبحوا شهودا أكثر موثوقية في إجراءات المحكمة".

وأوضحت أن "محاكمات التعذيب التي تُجرى وطنيا لا تشكل تهديدا لسلطة الدولة. على العكس من ذلك، فإن ما يهدد شرعية الحكومة هو تعذيب الأشخاص، ورفض التحقيق ومحاكمة الجناة، والسماح لمرتكبي التعذيب بالإفلات من العقاب. ستتعزز شرعية الدولة إذا دافعت بالفعل عن الحقيقة والعدالة، بدلا من أن يُنظر إليها على أنها متواطئة في جريمة التعذيب".